
ما الذي أغرى بعض أبناء وطننا بالانحدار الى هذا الدرك المخزي المريع الذي اسمه العمالة ؟! بعضهم يعتقد بينما هو يساهم بتقويض حياة أهله ان الأمر ذكاء !! انه يخدم أبناء مجموعات أخرى يريدون الغاء مجموعته أو تعطيلها عن منافستهم وابعادها ان تشكل خطراً حضارياً أو اقتصادياً أو علمياً أو عسكرياً عليهم فيقبل بمهمة القوّاد : مستشار في دوائر المخابرات الأجنبية التي تخطط لاحتلال وإخضاع وطنه وتدمير شعبه، مترجم لجيوش المحتل، سائق سيّارة للعساكر الأجنبية، مرافق للوفود الجسّاسة للنبض، محارب لأبناء وطنه الأوفياء لوطنهم وانسانيتهم من مكانه في الداخل أو في الخارج، أو مشروع عميل قادم لنائب في البرلمان أو مستشاراً في وزارة أو أستاذا في جامعة واِنْ بشهادة مزورة، المهم ان الآخرين يقولون له أستاذ فلان أو مستر علّان بينما أسياده يضحكون عليه !!
الآخرون يتنافسون في الإخلاص لمجموعاتهم ولوبياتهم بينما بعض أبناء وطني يتنافسون في ذكاء الخيانة والانحدار الى أسفل نقطة في الدرك السافل في حين ان مدنهم تتهدم، متاحفهم تُسرق، مكتباتهم تُنهب، أنهارهم تُقطع، مياههم تقل وتُلوث، بساتينهم تذوي، نخيلهم يتساقط، أخوتهم وأخواتهم يموتون بحفلات الإعدام الجماعي أو بقنص قناص أو بقصف الطائرات المعادية التي تدعي أحياناً انها صديقة، علماؤهم وأساتذتهم ومفكروهم واطباؤهم ومهندسوهم يُقتلون في الشوارع أو في المكاتب والطريق الى الجامعات، وأبناء أخواتهم وأخوتهم يموتون في مجاعات الحصارات !!! وهم اذكياء يقولون :
( اننا يجب ان نسلم البلد كله للمحرر حتى يمنحنا الحرية والديمقراطية والرفاه !! ) ومحررهم هو المحتل نفسه الذي جاء مخدوعاً وعبداً لمحتل آخر يريد كل ثروات العالم وسلطات الدنيا له ولمجموعته الفاضلة والأفضل من الجميع برأيه .. كيف حدث هذا في بلد يسمونه حتى الاغراب ( مهد البشرية ) كان الأفضل فيه هو أبرع الشعراء أو أفصح الادباء أو أعلم العلماء أو أحذق الأطباء أو أذكى المفكرين أو أكرم الكرماء أو أشجع الذائدين عن حياضه، والآن قد غدا الأفضل أفضل الانتهازيين والمرتزقة والجبناء والقوادين والعاهرات !!! .. هل هناك أكبر من هذه المفارقة في تاريخ المجموعات البشرية والأحزاب والشعوب والأوطان منذ ان بدأ الري والروي ومنذ ان أُخترع الحرف في بلد الرافدين وبدأت الدنيا من هناك ؟!! والى الآن ؟!! ..
مشاكل كثيرة في العالم ولدينا في العراق مشكلة جديدة كبيرة تضافرت عوامل عديدة لخلقها ومهدت لها الدكتاتورية السابقة ومعارضتها من أحزاب القطيع على حد سواء ـ حين خلقوا التابع القطيعي والجاسوس ـ واستثمرها الغريب العدو وطوَّرها وشكَّلها وهندسها لصالحه، انها مشكلة معاداة الحر ومحاباة العميل .. لدينا مشكلة اسمها داء العمالة ولولا هذا الداء لما فتكت بنا الأوبئة الكبرى ولولا هذه المشكلة لما توالت ومطرت فوق رؤوسنا الكوارث .. قولوا للعميل :
أنت محدود وأناني وخبيث وغبي وضار وقوّاد لا يصلح للقيادة .