مع علي السوداني في محنته

2010-09-03
الجمعة : 11 ـ 6 ـ 2010

 

مع علي السوداني في محنته

" اني أتَّهم"

( زولا )

 

في قضية الضابط الفرنسي اليهودي : درايفوس ، علق الجرس كاتب واحد، نعم كاتب واحد فقط ، هو : اميل زولا . فتكاتف الادباء والفنانون والمثقفون الفرنسيون ، واستطاعوا دحر الكراهية والعنصرية ، والانتصار لقيم الحرية الفرنسية ، وتبرئة درايفوس من التهم التي وجهت اليه .

كان ذلك في مقال واحد عنوانه : "اني اتهم "

 

نحن ، ادباء العراق وكتابه وفنانيه ، نستطيع ان نقف مع علي السوداني ، في محنته الحالية. عندما نحول قضيته الخاصة الى قضية كل واحد منا ، مهما اختلفت انتماءاتنا واهتماماتنا السياسية ، ومهما تعددت اعراقنا القومية .

 

الان ، في هذا الظرف بالذات ، وفي هذه القضية ذاتها ، وفي هذا المكان عينه ، اريد فقط ان يُحترم علي السوداني بكونه كاتبا عراقيا ، يقيم خارج وطنه ، في الاردن . وهو عبّر عن قناعته الفكرية ، وانخراطاته السياسية ، علنا ، وعلى الملأ ، وعلى رؤوس الاشهاد . سواء في عموده بجريدة الزمان ، او في الحانة التي يرتادها ، او المقهى التي يختلف اليها .

 

العلانية ـ ايها الزملاء الاعزاء ـ براءة وطهرانية .

والعلانية ـ ايها الاخوة والاخوات في الاردن ـ شيمة من شيم الانسان الحر. وخيار من اختيارات قدرة ثقافية ، هو علي السوداني ، في هذه الحالة ، لا يعدلهما الا علي السوداني ، حرا ، من دون اي عنت او ضنك ، وبلا اي رقابة على نزوعاته الضميرية .

 

اذا كان ثمة ذنب اقترفه علي السوداني ، فانه احب الاردن ، بعدما ضاق به وطنه ، وعبر عن قناعاته ، مكتوبة ، او مفكرا بصوت عال.

ان كل وصف خارج هذه " الحقيقية السودانية " ، يطلقه البعض ، فردا او مؤسسة ، ومن اي جنسية ، وفي اي ارض ، هو تعبير عن كراهية انسان ، وكاتب عراقي، اولا وقبل كل شيء.

انهاعدم التزام بميثاق الامم المتحدة ، وعدم احترام للائحة حقوق الانسان ، التي وقعت المملكة الاردنية الهاشمية ، على بنودها كافة ، علنا ، وعلى رؤوس الاشهاد ايضا .

فكيف يطرد السوداني من الاردن ؟

 

لقد اهتم العراقيون كثيرا بمهاجرهم ومنافيهم ، حين قدموا اليها مضطرين ومكرهين . حيث انخرطوا في انشطتها الثقافية والاجتماعية ، او تسنموا مناصب معلومة في وسائل اعلامها ، او قدموا خبراتهم الاكاديمية المتقدمة لمؤسساتها التربوية والتعليمية .

 

بل ان هذه الملايين العراقية بين الاردن وسوريا ، مثلا ، لها حضور قوي في مجتمعي البلدين العزيزين ، تمثلت على اكثر من صعيد اجتماعي واقتصادي وثقافي . واقول : بل ثانيا ، ان مدخرات العراقيين ، هي من مصادر الاقتصاد الوطني للبلدين الشقيقين ، فضلا عن تلك الهبات والقروض التي خرجت من الدولة العراقية ، الى الدولتين العربيتين ، على امتداد سنوات قرن او يزيد .

وفي حالات معروفة ، امتزجت دماؤنا في ساحات الدفاع عن الكرامة الوطنية .

 

فلماذا ينبري بعضنا لتخريب هذا السجل الشريف .

بل ، لماذا يريد موظف عراقي تخريب هذه العلاقات الاخوية ، عندما يخطيء مواطن اردني ويقتل مواطنا عراقيا ، في الانبار او النجف الاشرف ؟

ولماذا يتصرف موظف اردني ، بصرف النظر عن مقامه ، ضد علي السوداني ، في المخفر ، او على قارعة الطريق ، او في حانة ، وكأنه يجعل مواطنا عراقيا يكفر بالعروبة والاسلام ، ودفاتر العلاقات المشتركة ، وخطب الملوك والرؤساء ، وخطابات المفتين في المساجد؟

 

نعم . هذه هي الحقيقة .

انكم ، ايها الاخوة من المحيط الى الخليج ، تعملون على جعلنا نكفر بما حفظناه في اساتيذ تراثنا وحاضرنا ، عن تقصد وسبق اصرار .

 

نستطيع ان نضع امامكم ملايين الملفات . ونستطيع ان نبقى نعيد رواية قصص وحكايات في شان ما تعرضنا له في البلدان العربية ، من قبل جهات متعددة ، حتى خيل لبعض العروبيين مثلا ، ان المطلوب هو ان ينبذ العراقيون بلدان العرب ، وان يتنصل عرب العراق من انتمائهم العروبي ..!

 

لماذا تكرهوننا ، ايها الاشقاء ؟

لماذا طردتم فلانا وفلانا بطريقة ظالمة من اراضيكم ؟

ان صدورنا مثقلة باضخم الالام ، واننا نعيش الى هذه اللحظة ، كوابيس تلك السنوات التي امضيناها في سجونكم او معتقلاتكم .

 

نرجوكم ، انْ كفّوا عنا .

وها هو علي السوداني ، القضية الملحة الان ، امام بيوتكم في عمان اوغيرها . وعند اعتاب اقدامنا حيثما نكون في بلدنا اوفي غيره . اننا نريد عليّا ان يبقى بين اسرته ، وان يمارس كتابته ، وان يبتهج او يحزن ، على طريقته . في المقاهي ، او الخانات ، او الحانات ، التي اجازها القانون الاردني ، ويرتادها ـ ربما ـ بعض الذين يعملون على تقويض الكيان الاردني !

 

انها فضيحة ، بل فضيحة ذات اجراس ، أنْ يتم طرد علي السوداني ، ويسلم الى الشرطة العراقية في هذه الظروف . اذ ربما يقتله ارهابي ، او اصولي متعصب ، او طائفي متطرف ، او حتى قاتل بالاجرة . لان علي السوداني ، اعلن صوته عاليا ضد الارهاب ، وضد الاحتلال ، وضد التعصب ، وهو في عمان . وهذا ما ينبغي ان يشكر عليه ، لا ان يقال له : اخرج من ديارنا ّ

 

لماذا يحدث هذا ، يا جلالة الملك ؟

ولماذا يحدث هذا يا صاحب العطوفة ؟

ولماذا يحدث هذا يا صاحب السماحة ؟

 

ولماذا ، نعم لماذا يحدث هذا، ايها العراق ؟

سندع اجابات غيرنا لغيرنا .

لكننا معنيون بتقديم اجابة حقيقية ، ولتكن قضية علي السوداني ، بدايتها المستمرة ، مفادها ان مثقفي العراق ، وفنانيه ،وادبائه ، في الخارج كما في الداخل ، لهم كلمة واحدة ، او هكذا يجب ان تكون ، في اي قضية من قضايا الفكر والراي والضمير ، وفي كل التاكيدات التي وردت في شرعة الامم المتحدة ومواثيقها .

 

ينبغي على كل واحد منا ان يقف الموقف الحقيقي والواقعي ، حيال قضية علي السوداني . في ضوء قدراته ، واوضاعه . وعند هذه النقطة نستطيع التقدم خطوة واحدة ، صحيحة ومبدئية ، لبناء موقف اخلاقي رصين .

 

ان مواطنا عراقيا واحدا ، شهما وشريفا يساوي اغلبية ، كما يقول الكاهن الامريكي : ايمرسون . فاي اغلبية سوف تمد جذورها عميقا في الارض ، وتنشر اغصانها في الاعالي ، عندما يتد عشرة ، او مئة ، او اكثر ، اقدامهم في الارض ، وحيث هم ، ويتابعون قضية علي السوداني ، حتى ان ينقطع النفس ..؟

 

فكيف اذا كانت هذه الاغلبية من الادباء والكتاب والفنانين ؟

ان ساعة الحقيقة تدق الان عند كل مدينة عراقية ، اواي مدينة فيها صوت لاي طفل عراقي .

ان هذه الساعة ، التي هي قيامتنا جميعا ، تعني ان نتحرك متضامنين ، ونذهب الى ماهو في متناول ايدينا ، وما يكفله لنا الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، ونجعل قضية علي السوداني في كف كل واحد منا .

 

ان ظروفي الصحية لا تسمح لي الان بسفر بعيد . وانا ممنوع من التعرض لاي انفعال ، حسب اوامر اطبائي . ولكنني على استعداد للذهاب الى امكنة بعيدة من اجل قضية علي السوداني . كما انني سوف اكتم غضبي ـ وليكن ما سوف يكون ـ من اجل ان يبقى علي السوداني واسرته ، في سلام وامن .

اني اثق ايضا ، ان اصدقاء وزملاء علي ، وبعض اصدقائي وزملائي ايضا ، هم اكثر مني فاعلية وقدرة ، على ايلاء قضية علي السوداني ، اهتماما يفوق تصوري وتوقعي .

واني انتظر هؤلاء الاصدقاء والزملاء

 

 

جمعة اللامي

Juma_allami@yahoo.com

www.juma-allami.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved