
شيّدتُ قصراً رائعاً وبهياً على ضفة نهرٍ عذبٍ وجميل .. رصّعتُ الممرات المؤدية اليه بالمرمر النفيس، وزيَنتُ واجهاته بتماثيل الرخام الفاخر، وعشّقتُ سقوفه بالزخارف والأحجار الكريمة، وغرستُ في حدائقه أنبل الأشجار الى جنب النخيل والسدر، وأجريت له السواقي من النهر العذب الجميل، فأينعت أشجاره ونباتاته بالزهر والثمر، وفاضت بالعطر، وصدحتْ فيها طيور الحب، والألفة والسلام والأمل، وصعدتْ في فنائهِ نافورات ملونة، الى أقصى ما تستطيع نافورة ان تصعد.. وشعَّت في جنباته الأضواء والأنوار والقناديل، وحين فاض بالأريج والأصوات العذبة والثمار الشهيّة، أشرعتُ أبوابَهُ للجميع، وجعلتُهُ متحفاً ومنتجعاً للمحرومين والفقراء ولكل عشّاق الجمال والحريّة والمحبة والتناغم، من جميع الناس، على اختلاف مذاهبهم وطبقاتهم والوانهم وأعراقهم.. ولكن للأسف، في كل ليل وعلى حين غفلة، يتسلل كلبٌ مدرَّبٌ، وبأمرِ سيدِهِ، يقعي ويلقي بفضلاته على الوسائد الخضر والمرمر النبيل، وقرب سواقي الماء العذب، وتحت تماثيل الرخام، طمعاً في الحصول على رضى سيده و قطعة لحم، وحين يحصل عليها، يتسلل من جديد الى أروقة القصر وحدائقه، ليلقي فضلاته، ويثير اشمئزاز العامَّة الذين أصبجوا يرون القصر قصرهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة ـ زمان ومكان كتابة هذا النص يوم الثامن من حزيران 2018 في برلين، لكن التفكير في كتابته يسبق هذا التاريخ