مراحل الإكتمال في قصّتي القصيرة جدّاً

2021-06-24

في قصتي التّالية، جاءت الفكرة فدونتها؛ وبقيَ العنوان :

صلّت وهي تبتهل إلى ربّها وتطلب رحمته، في سجدتها الأخيرة دنا حفيدها ذو العشرة أشهر إلى سجّادتها، ضربته بقسوة على يديه وقالت : 
اللئيم، كاد يقطع خيوط الرّحمة الّتي نسجتها بيني وبين ربّي
.

وفي القصّة القصيرة جدّا اختيار العنوان أصعب من القصّة نفسها.
وبما أنّ أحداث القصّة تدور حول امرأة عجوز، فاخترت (امرأة عجوز) عنوانا للقصّة، وتركتها حتّى يوم غد.

عند الغد وجدت العنوان طويلا ويمكنني أن أحذف كلمة (امرأة) وأكتفي بكلمة (عجوز)؛ فمن يقرأ القصّة سيعرف أنّ العجوز تعني امرأة عجوز.
وأغلقت صفحة الجهاز اللوحي.
بعد صلاة العصر نظرت إلى قصّتي أراجعها ثانية، ووجدت أنّ مفردة العجوز لا تصلح أن تكون عنوانا، ذلك لأنّ وجود الحفيد في النّصّ يشير إلى أنّ المرأة عجوز.
فحذفت العنوان وصرت أبحث عن عنوان آخر.
اخترت (الرّحمة) عنوانا جديدا، فالرّحمة لها ارتباط بطرفي القصّة، من جهة أنّها سجدت لتطلب الرّحمة من ربّها، ومن جهة أخرى وعلى النّقيض تماما أنّها لم ترحم الطّفل فضربته؛ ولذا فإنّ هذا العنوان يناسب القصّة تماما، وأمست القصّة كالتّالي:

الرّحمة
صلّت وهي تبتهل إلى ربّها وتطلب رحمته،
في سجدتها الأخيرة دنا حفيدها ذو العشرة أشهر إلى سجّادتها،
ضربته بقسوة على يديه وقالت :
اللئيم، كاد يقطع خيوط الرّحمة الّتي نسجتها بيني وبين ربّي
.

وتركتها مرّة أخرى لأعود إليها لاحقا، وعند عودتي وجدتها طويلة تحتاج إلى تكثيف، فأعدت صياغتها لتصبح أقصر من ذي قبل :

الرّحمة
وهي تصلّي دنا حفيدها ذو العشرة أشهر إلى سجّادتها،
ضربته بقسوة على يديه وقالت :
اللئيم، كاد يقطع خيوط الرّحمة الّتي نسجتها بيني وبين ربّي
.

ونظرا إلى أنّ القصّة القصيرة جدّا يجب أن لا تكون فيها ولا كلمة واحدة زائدة، رأيت أن أحذف فعل (قالت)، فالنقطتان تعنيان أنّهما جاءتا بعد قول، ولا حاجة لهذا الفعل :

الرّحمة
وهي تصلّي دنا حفيدها ذو العشرة أشهر إلى سجّادتها،
ضربته بقسوة على يديه :
اللئيم، كاد يقطع خيوط الرّحمة الّتي نسجتها بيني وبين ربّي
.

وتركت القصّة إلى يوم غد، ورحت ألعب مع فاروق .

وفي صباح الغد رجعت إلى القصّة ثانية وقرأتها وكأنّها ليست لي، وكأنّي أريد أن أنقدها، فوجدت أنّ العنوان أيّ لفظ الرّحمة جاء في النّصّ أيضا، وهذا ليس محبّبا في القصّة القصيرة جدّا، ولذا عليّ أن أغيّر العنوان أو أحذف مفردة الرّحمة من النّصّ .
ثمّ قرّرت أن أصيغ القصّة صياغة أخرى وبكلمات أقلّ من ذي قبل، حتّى أضحت على الشّكل التّالي :

عجرفة
دنا حفيدها ذو العشرة أشهر إلى سجّادتها، رفعت رأسها من السّجود فضربته على يديه بقسوة :
كنت أرجو رحمة الله يا لئيم .

ولم يعجبني العنوان هذه المرّة أيضا، فاخترت (صدمة) عنوانا للقصّة، ثمّ (عبادة)، ثمّ (عابدة) .
ولم أقتنع بها كلّها؛ حتّى اخترت (جفاء) ليكون عنوانا نهائيا، ولتستوي قصّتي بعد شوط طويل من التّغيير والتّجديد والتّعديل كالتّالي :

جفاء
دنا حفيدها ذو العشرة أشهر إلى سجّادتها، رفعت رأسها من السّجود فضربته بقسوة :
كنت أرجو رحمة الله يا لئيم .

 

سعيد مقدّم أبو شروق

 مدرس فرع رياضيات

يسكن  الأهواز

نشر قصصه في العديد من المواقع

نُشرت له مجموعة من القصص القصيرة جدا

saeed135057@gmail.com

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved