الالتهاب الكبدي الفيروسي (C)
يُعد الالتهاب الكبدي الفيروسي (C) وباء شديد الشيوع، فمن المذهل أن نعرف أن حوالى 12% من سكان العالم مصابون حالياً بالالتهاب الكبدي الفيروسي C.
إن الالتهاب الكبدي الفيروسي C هو فيروس ذو حمض نووى RNA دقيق جداً، يحتوى على مادة وراثية محاطة بغلاف من البروتين. يهاجم هذا الفيروس الخلايا البشرية ويسيطر على عملية تصنيع الخلايا ويبدأ فى استنساخ نفسه، هكذا تتحول الخلية البشرية إلى مصنع لاستنساخ فيروس الالتهاب الكبدي الفيروسي C، وهو ينتشر تدريجياً عبر الجسم إلى الدم، والجهاز الليمفاوى، والكبد والسائل المحيط بالمخ والحبل الشوكى.
وحتى عندما يتم تنظيف الدم من الفيروس، فغالباً ما سيكون قادراً على الاختباء فى أجزاء أخرى من الجسد. إن الفيروس C بارع جداً وقادر على إحداث تغيير وتبديل فى مادته الجينية، وهكذا فإنه يغير كيانه وهويته على نحو متواصل ؛ مما يجعل المقاومة المضادة التى يقوم بها الجسم شديدة الصعوبة بل تكاد تكون مستحيلة، وبهذه الطريقة يمكنه أن يواصل الحياة على المدى البعيد، لأنه من غير الممكن اكتشافه بواسطة “الرادار المناعي” للجسد ؛ وعلى هذا يمكن اعتباره “الفيروس اللص”. وللسبب نفسه لم يكن من الممكن التوصل إلى مصل مضاد له ذي فعالية.
هناك 6 سلالات رئيسية لأنواع التهاب الكبد الفيروسي C، وما يقرب من 60 نوعاً فرعياً تم تحديدها. أكثر هذه السلالات شراسة هو النوع 1، والنوع الفرعى B (ويعرف ب B1).
هل أنت بحاجة إلى إجراء اختبار الكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C ؟
إذا كنت قد تعرضت لنقل دم أو التبرع بدم قبل تطبيق نظام فحص المتبرع الروتينى الذى استحدث منذ فبراير 1990، أو حتى إذا تقاسمت ذات مرة الأدوات (الحقن، الملاعق، القطن الطبى، أو ضاغطة الشرايين، إلخ..) عند تعاطى أى مخدرات أو الوشم، فإنه من الضرورى أن تطلب من طبيبك إجراء اختبار دم للكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C، ويجب أن تخضع أيضاً للاختبار نفسه إذا ما كنت قد تعرضت للإصابة بوخز إبرة أو أى شىء نافذ.
اختبار الدم للكشف عن الأجسام المضادة للالتهاب الكبدي الفيروسي C
يكشف هذا الاختبار عن وجود الأجسام المضادة التى يكونها جهازك المناعى لمقاومة الالتهاب الكبدي الفيروسي C، وإذا كانت نتيجة الاختبار إيجابية فمعنى هذا أنك مصاب بالعدوى فى إحدى مراحلها وقد أفرز جسدك أجساماً مضادة لمقاومتها. وبعد الإصابة الأولى بالالتهاب الكبدي الفيروسي C يستلزم الأمر ستة شهور قبل أن يبدأ جسدك فى إنتاج الأجسام المضادة له.
وإذا كانت نتيجة الاختبار الخاصة بالأجسام المضادة لديك إيجابية فلا يعنى هذا أنك مازلت مصاباً بالالتهاب الكبدي الفيروسي C، أو أن الفيروس مازال كامناً فى جسدك. فاختبار الأجسام المضادة لالتهاب الكبد الفيروسي C ليس دقيقاً بدرجة 100% وقد تحدث قراءات خاطئة سواء كانت سلبية أو إيجابية.
طرق انتقال عدوى الالتهاب الكبدي الفيروسي سي C
لا تنتقل عدوى الالتهاب الكبدي الفيروسي C تقريباً إلا عن طريق الدم. ويحدث هذا من خلال تقاسم أدوات تعاطى المخدرات المختلفة، والتعرض للحقن الملوثة بالنسبة لمن يعملون فى الرعاية الطبية، والطرق غير الآمنة فى الوشم وثقب الأذن، كما لوحظ أن شم الكوكايين عن طريق أداة مشتركة إحدى طرق العدوى.
ومن الممكن أن ينتقل الفيروس إلى طفل من أمه المصابة، على الرغم من أن هذا لا يقع إلا بنسبة حوالي 6%. ومن المستبعد وغير الشائع أن تنتقل العدوى إلى الطفل عن طريق الرضاعة من لبن الأم المصابة بالعدوى، وعلى الرغم من ذلك فينبغى إبداء اهتمام ورعاية كبيرة لتجنب حدوث خدش أو جرح للحلمة.
من الممكن أن تكون شفرات الحلاقة وفرشاة الأسنان ملوثة بالدم، لذا فمن المهم عدم الاستخدام المشترك تلك الأشياء. واحرص على ارتداء قفازات عند مسحك لأى دماء تنزف. واستخدم المناشف الورقية ونوعاً عالى الجودة من المطهرات.
أصبح خطر الإصابة بعدوى الالتهاب الكبدي الفيروسي C من نقل الدم منخفضاً إلى أقصى حد حالياً ؛ لأن بنوك الدم تجرى فحصاً شاملاً على الدم لكل المتبرعين، كما أنه من غير الوارد انتقال الفيروس عبر الاتصال الجنسي، وعلى الرغم من ذلك فمن المهم اتباع تدابير الوقاية الجنسية الآمنة لتجنب انتقال العدوى بالفيروس. يقدر مستوى خطورة انتقال العدوى عبر الاتصال الجنسى بحوالى 4%.
اختبار الكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C
إذا كانت نتيجة اختبار الأجسام المضادة إيجابية فسوف يجرى طبيبك اختبارات دم إضافية من أجل أن يتبين إذا كان الفيروس لا يزال كامناً فى الجسم.
أحد هذه الاختبارات يسمى اختبار الالتهاب الكبدي الفيروسي C عن طريق فحص الحامض النووي الوراثي DNA. كما يعرف هذا الاختبار أيضاً باختبار الالتهاب الكبدي الفيروسي DNA و RNA. وهذا الاختبار ليس مرتفع الحساسية، وسوف يُظهر الفيروس، فقط إذا كان موجوداً بمستويات مرتفعة بما فيه الكفاية (أى تقدر كمية الفيروس بما يزيد على 350.000 لكل مللى). فإذا كانت كمية الفيروس فى دمك أقل من هذه الكمية فمن الممكن أن تكون نتيجة اختبار (DNA) للكشف عن التهاب الكبد الوبائى سلبية، على الرغم من أنك تظل حاملاً للعدوى.
وهناك اختبار آخر للكشف عن الالتهاب الكبدي الفيروسي C فى الدم يسمى اختصاراً ب PCR Polymerase Chain Reaction أو (تفاعل البوليمرات المتسلسل) وهو أكثر حساسية ودقة، ففى وسعه اكتشاف كميات أقل بكثير من الفيروس حتى 1000 لكل مللي، وهو قادر على هذا ؛ لأنه يعمل على تكبير المادة الجينية للفيروس ملايين المرات، حتى يصبح فى الإمكان اكتشافها. إن اختبارات الدم لكشف وجود الالتهاب الكبدي الفيروسي C غير قادرة على اكتشاف الفيروسات المختبئة فى الجهاز اللمفاوى أو السائل المحيط بالمخ، وعلى هذا فحتى إذا أسفرت اختبارات الدم عن نتائج سلبية فمن الممكن أن يبقى الفيروس كامناً فى أجزاء أخرى من الجسم.