تسمية مرض الصرع
تميل الأوساط الطبية في العقود الأخيرة إلى تجنب استخدام كلمة الصرع قدر الإمكان خاصة في التعامل مع المريض وذويه، واستبدالها بكلمة نُوَبْ فقد الوعي أو كلمة الاختلاجات، ذلك أن كلمة الصرع ذات دلالات اجتماعية سلبية تسيء للمريض، فمجرد أن تقول للمريض أنك مصاب بالصرع سوف تحدث لديه مشكلة نفسية ثانوية مرافقة لمرضه الأساسي، وقد يصاب بالاكتئاب؟ وكذلك يصبح مُعَرَّض للإساءة من قبل الناس والمجتمع؟ وكثيرا تستخدم كلمة مصروع بمعنى أهبل أو مجنون! وتجنبا للإساءة لهؤلاء المرضى علينا تحاشي استخدام هذه الكلمة قدر الإمكان
- يصيب الصرع ما نسبته 1-2% من مجمل السكان، ففي مدينة عدد سكانها خمسون ألف نسمة، يتوقع وجود خمسمائة إلى ألف مصاب، وهو يصيب الذكور والإناث بنسب متقاربة، ويوجد في كل المجموعات العرقية حول الأرض، وتلعب الوراثة دوراً في بعض أنماط الصرع، ولكن بالأساس مرض غير وراثي
والصرع هومرض يصيب الأطفال والشباب والشيوخ ولا يستثني فئة عمرية وهو اضطراب متكرر في وظائف الدماغ ينتج عن انفراغات شحنات كهربائية في القشر الدماغي، وغالبا ما يترافق مع فقد أو اضطراب للوعي لفترة وجيزة عادة لا تزيد عن دقائق و تنجم هذه الانفراغات الكهربائية عن اضطراب في النواقل العصبية في الدماغ، وعادة هو اضطراب ليس له سبب واضح حتى الآن و ليس الصرع بمرض نفسي ولا يوجد علاقة واضحة بينه وبين الحالة النفسية للإنسان، فالمريض المصاب بالصرع هو إنسان سوي نفسيا وعقلياً، ولا يمنع هذا المرض الإنسان من متابعة تحصيله العلمي بل والتفوق فيه، ويمكن الإشارة هنا إلى بعض العظماء عبر التاريخ الذين كانوا مصابين بالصرع كالقائد الروماني يوليوس قيصر والروائي الروسي دستيوفيسكي
و يقسم الصرع نموذجيا إلى نمطين :
1- الصرع الكبير: حيث يسقط المصاب بالمرض أرضاً، ويتشنج جسمه، ثم تختلج أطرافه لفترة دقائق مع خروج زبد من الفم وقد يعض لسانه، وتنفلت مصرة البول لديه، ثم يمر بمرحلة نوم عميق ثم يستيقظ دون أن يتذكر شيء عن ما حدث له
2- الصرع الصغير: وفيه لا يفقد المريض الوعي، ولا يسقط على الأرض، بل قد يضطرب لديه الوعي فقط، وقد يشعر بأحاسيس معينة كأن يشم رائحة غريبة أو يتحرك حركات غير هادفة أو يشعر بتشوش الذهن لفترة وجيزة،و من ثم يعود لحالته الطبيعية.
و يقسم مرضى الصرع إلى قسمين :
1- مرضى ليس ثمة سبب واضح لديهم للمرض وهم الغالبية
2- قد يكون ظهور نوبات الاختلاج عقب رض أو نزيف دماغي أو عمل جراحي على الرأس أو بسبب ورم دماغي أو التهاب سحايا ودماغ أو نقص سكر أو نقص كلس الدم وغيرها
لذلك عندما يصاب أي إنسان بنوبة اختلاج، عليه مراجعة الطبيب الاختصاصي بالأمراض العصبية لتقييم سبب النوبة الاختلاجة وإجراء تخطيط دماغ كهربائي لتحديد نوع المرض وتأكيده ومن ثم العلاج.
- أهم عنصر في نجاح العلاج هو التقيد بنصائح الطبيب والمتابعة عند طبيب واحد ما أمكن، والتقيد بمواعيد العلاج، فعدم الانتظام في أخذ الدواء من المريض أو أهله هو السبب الأهم لفشل العلاج.
- إن اعتقاد المصاب بمرض الصرع أنه لن يشفى هو اعتقاد خاطئ.
- على المصاب بمرض الصرع الابتعاد عن المواقف الخطرة كالسباحة وقيادة السيارة وصعود السلام والوقوف على المرتفعات أو حرف سطح أو حائط، وكذلك تجنب بعض المهن كالدهان والعمارة مثلا، لأنه قد تصيبه نوبة وقد يسقط ويتعرض للأذى.
- قد تتحرَّض نوب الاختلاج، بالكحول،و قلة النوم أو فرط النوم، أو الدورة الطمثية، والنظر مدة طويلة للتلفيزيون وشاشات الكومبيوتر، لذلك ينصح هؤلاء المرضى بعدم مشاهدة التلفيزيون لفترات طويلة ويجب تأمين المشاهدة عن بعد ووضع شاشات وقاية للكومبيوتر، والمصاب بالمرض لا يُمنح رخصة قيادة السيارات لوجود خطر عليه وخطر على الآخرين.
- بالعلاج الناجح نستطيع وقف حدوث النُوب أو تخفيف تواترها بنسبة أكثر من 80 بالمائة من المرضى.
س: هل يمكن للمصاب بمرض النوب الاختلاجية أن يشفى ويعيش بدون دواء؟
ج: الجواب هناك قسم من المرضى قد يصلون لمرحلة وقف العلاج الدوائي، ولذلك شروط يحددها الطبيب، ومنها أن يمر على المريض ثلاث سنوات لم تحدث لديه نوبة اختلاجية
- الصرع والصوم: في حال المرضى الذين يتناولون أدوية ثلاث مرات في اليوم يُمنع الصوم، لكون ذلك يحرض النوب لديهم، وكذلك المرضى الذين يتناولون أدوية مرتين في اليوم إذا كانت مدة الصيام أكثر من 12 ساعة، فذلك يخل بمواعيد تعاطي الدواء مما قد يحرض حدوث نوب اختلاجية لديهم
- الصرع والزواج: لا يمنع مرض الصرع المرأة من الزواج والإنجاب، ولم يثبت أن مرض الصرع يزيد نسبة التشوهات الجنينية، ولكن عند حمل المرأة المصابة بالصرع يجب التنسيق مع الطبيب الأخصائي قبل الرغبة في الحمل.
- أكرر الصرع ليس مرض نفسي بل هو مرض عضوي، لا مكان في علاجه لبعض الطرق المستخدمة في علاج الأمراض النفسية كالعلاج بالإيحاء. والذهاب بهؤلاء المرضى إلى الدجالين والمشعوذين وبعض المشايخ واستخدام طرق قراءة بعض التعاويذ أو الضرب أو السجن بحجة طرد الجن أو الأرواح الشريرة هو سلوك خرافي ينتمي للقرون الوسطى غير مفيد للمريض وغير إنساني.