مسح ضوئي / نسمة كافكا

2016-08-22
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/02854d7b-8a2c-495f-902a-6f5c16191e38.jpeg
لم تعد السوريالية فقط في الرسم والشعر، فالوضع العراقي اشد سوريالية من لوحات سلفادور دالي أو قصائد رائد السوريالية العربية الشاعر السوري اورخان ميّسر.. كنا نبتهج بسقوط الامطار، لأنها تعزف بمهارة لذيذة على صرائفنا الدفيئة  والصفيح المضلّع لمنازلنا العمالية .. الجدات تضع الاواني الواسعة الفوهة في الحوش .. كان البرق يضيء دشاديشنا الماطرة .. وحين يتوقف المطر، ستهبط اسعار المحاصيل القادمة من مزارع صفوان وسنشتري المحاصيل بالصناديق البلاستك وليس بالكليو . مياه الأمطار تهرول في ( المشروب ) نحو البالوعات العامة .. وهكذا نحصل على شوارع جديدة وكورنيش جديد لشط العرب واشجار جديدة،  لماذا صار المطر يخيفنا ؟ مركبات الحكومة تخيفنا؟ الاذرعة  المفوّهة الوفيرة للمسؤول تخيفنا ؟ مافائدة البطاقة الذكية والطوابير تقف في الهواء الطلق والمطر الشمس .. وفجأة ينهرك صاحب المكتب : خلّصت الفلوس .. تعالوا غدا.. أين ذهب تجار البصرة الشرفاء اولئك الذين ينتظرون بلهفة شهر رمضان وعاشوراء ليخفّضوا اسعار المواد الغذائية ؟ لماذا المواطن وحده المسؤول عن كل مايجري من تدهور اقتصادي وسياسي وثقافي واخلاقي ؟ كيف يكون هذا المواطن المملوك مسؤولا عن كل هذا الخراب العراقي وهو يفتدي العراقي يوميا بكل شيء حد الاستشهاد والقتال في الحشد الشعبي ؟ ثم تطالبه الحكومة بالتقشف !! والمياه تقتحم البيوت والمدارس الغرقى ماتزال بدوامها الثلاثي وسائق الأجرة يهدد رزقه شرطي المرور وهو يشهّر وصل الغرامة!! إذا كان المواطن عنترة !! فهل هو ابن زبيبة؟ ابن شداد؟ أم هي هكذاى(  يدعونني في السلم يا ابن زبيبة /وعند اصطدام الخيل يا ابن الاكارم ) ؟ .. أمريكا التي اسقطت معسكرا اشتراكيا، حررت العراق من الطاغية، ثم فخخت العراق ولأن العراق عنقاء خالدة، اعانت امريكا نفسها بداعش وهكذا سقطت الموصل واخواتها ..؟  اليس نحن الآن ابطال روايات كافكا ( المحاكمة ) ( القلعة ) ( المسخ ) أمانزال نعيش في ( مستوطنة عقاب ) ؟ من جعل ايامنا تسيح مثل ( ساعات سلفادور دالي ) ؟ من جعل حياتنا مثل لوحته ( الفاصوليا المسلوقة ) ؟ من اشد فقرا نحن ؟ افغانستان ؟ لماذا اذن لايوجد لدينا كهرباء منذ سنوات الحصار حتى الآن؟ أليس هذه هي السوريالية؟ وفي زمن الحصار قال المصريون بسخريتهم اللذيذة ( دا آخر زمن .. عراقي يشتغل باليمن ) .. والآن مَن اجّج هذه الهجرات الجماعية للشباب العراقي؟ المواطن المملوك ؟  من أكثر سوريالية ؟ الادب العراقي ؟ الواقع العراقي ؟ مايزال الاديب العراقي يكتب برصانته المعهودة عن واقع لارصانة فيه، وهناك من  يتناسى هذه اللحظة المفخخة ليكتب عن جثة الماضي ... مَن المسؤول منذ سقوط الطاغية الى مابعد الآن عن الذاكرة  العراقية وهي تشتغل بتوقيت الزمن النفسي .. فتستعيد لحظات جميلة رغم جحيم تلك السنوات الدموية.. ؟ وأخيرا أقترض من كافكا واقول ملعونٌ من صيّر حياتنا ( نسمة معارة من الحجيم ) ؟
*عمود صحفي أسبوعي / طريق الشعب / 19/ 1/ 2016

مقداد مسعود

مقداد مسعود (من مواليد 15 أكتوبر 1954م البصرة، العراق)، هو شاعر وناقد عراقي بدأ النشر منتصف السبعينات من القرن العشرين ولدَ في بيتٍ فيه الكتب  أكثر من الأثاث . في طفولته كان يتأمل عميقًا أغلفة الكتب، صارت الأغلفة مراياه، فعبر إليها وتنقل بين مرايا الأغلفة، وحلمها مرارًا . في مراهقته فتنته الكتبُ فتقوس وقته على الروايات، وقادته إلى سواها من الكتب، وها هو على مشارف السبعين في ورطته مع زيت الكتب وسراجها بقناعة معرفية مطلقة

مؤلفاته
الزجاج وما يدور في فلكه
المغيب المضيء
الإذن العصية واللسان المقطوع
زهرة الرمان
من الاشرعة يتدفق النهر
القصيدة بصرة
زيادة معني العالم
شمس النارنج
حافة كوب ازرق
ما يختصره الكحل يتوسع فيه الزبيب
بصفيري اضيء الظلمة
يدي تنسى كثيرا
هدوء الفضة
ارباض
جياد من ريش نسور
الاحد الاول
قسيب
قلالي

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved