إن الروح التي لم يتح لها في الحياة حقها الرباني
لا تستقرّ أيضا ؛ في العالم السفلي
ومع ذلك فقد وفقت في ما مضى إلى المقدّس
الذي شغف به قلبي إلى القصيدة
هولدرلن
شيّد جواد الحطاب ؛ وفقا لأشواقه ؛ وأشواقنا القلبية أيضا ؛ مسلّته الخاصة ؛ التي هي مسلة عراقية خالصة ؛ لكنها إعادة صياغة شعرية للحضارات الخمس .
سنعرف هذا ؛ ونقرؤه كذلك في كتابه الجديد ( إكليل موسيقى على جثة بيانو ) الذي صدر في بيروت مؤخرا ؛ ليكون إكليل كتبه الشعرية ؛ واهتماماته الشعرية أيضا ؛ والتي هي تربية مضادة للخراب والعدوان ؛ كما أشار الدكتور حسين سرمك .
جواد الحطاب ؛ العراقي ؛ العربي المسلم ؛ الجنوبي السومري ؛ أتيح له أن يقبض على اله الحرب من لحيته ؛ ويقوده إلى ما بعد السلام ؛ وشاد سلطنته الشعرية الحطابية ؛ وهو يعيش حالة الحصار على العراق ؛ بين ؛ وعلى ؛ وعند مرافئ أكثر الأنهار هيجانا وحكمة وعنفا ؛ متخذا من أعمار شخصيات ما بعد النبوة ؛ طريقه الملكي لإعادة صياغة العراق في قصيدة طويلة ؛ لا تنتهي عند بدايات البياض .
في نبرة خطابية عالية ؛ بل منبرية أحيانا ؛ يجيء جواد الحطاب ؛ بهذا الإشراق الشعري أو الشروق الشعري ؛ ربما إلى " عراقستان " كل واحد منا ؛ سواء كان عراقيا أو غير عراقي ؛ ليقول له الشعر ؛ ربما بلسان المتنبي ؛ أو محمد بن الحنفية ؛ أو أبي جعفر المنصور ؛ أو صاحب النفس الزكية ؛
أو .. أو .. لبيك ؛ لبيك ؛ وسعديك !
وما أجملنا ؛ وأشقانا ؛ بك أيها السومري ؛ وأنت تناولنا شعرنا الكفاف ؛ وتلقننا ؛ كما لو أننا نلتحد أكتاف وطننا آخر كلماتنا ..
أمس
..
اتكأت على كتف الوطن ..
وتساءلت :
ما الذي
نفعله
بالقنابل
الفائضة عن حاجة قتلنا ..؟
لكنه السؤال الغد الأبيد ؛ حيث لا غد أبدا اللهم إلا اشتياقات الشعر وأشواق الشاعر ؛ الذي هو مثل قوس هرم ؛ يمشّط النعاس عن الغزالة ؛ ويمشي في البعيد : كأنه آت .
مسلّة في جحيم ؛ هذا هو كتاب الحطاب الذي لا ينتهي عند الدفة الأخيرة .
وهو في هذه المسلة العراقية ؛ التي تمتدّ نهايتها إلى لا نهايات الشعر العراقي الحديث ؛ خلاصة عزائنا ؛ مع اضمامة من شعر زملائه الذين كبروا مع الانشقاق الوطني ؛ وبلغوا كهولة الشعر مع الحروب والحصارات والاحتلالات ؛ وقدّم ؛ وقدّموا ؛ للشعر العربي الحديث ؛ خريطتهم الشعرية الخاصة بالشعر والحياة والفن .