كيفَ أوقدتَ شموعَ الليلِ فوقَ الراسياتْ
فمضى الركبُ الذي نوَّرتَهُ عنكَ وفاتْ
ــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ علَّمتَ النخيلْ
أبجدياتِ القمرْ
ومدارات السَمَرْ
ثمَّ قررتَ الرحيلْ
ـــــــــــــــــــــــ
كيفَ قدتَ النهرَ في الليلِ الى جنحِ النهارْ
فمضى نجمُكَ ـ فيما بعد ـ في تيهِهِ في ألفِ مدارٍ ومدارْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ كانَ الناسُ في غصنِكَ أوراقَ شجرْ
وأساطيرَ ودادٍ وحياةْ
أينعتْ فيهم يبابٌ وفلاةْ
ثمَّ أضحوا طللاً من بعد عينٍ وأثرْ
ــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ أصغيتَ لصوتِ الغيبِ ، والكلُ هجوعٌ ونيامْ
بيدَ أنَّ الجمعَ لمْ يقرأْ بريداً منكَ في جنحِ اليمامْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ أمسيتَ وأنتَ العاشقُ الأولُ والتالي بلا حبٍ ونجوى
وكلامٌ منكَ لمْ تفقَهَهُ الأسماعُ أضحى دون فحوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ أقصوكَ عن الدارِ
وأنتَ الدارُ والأهلُ وأصلُ الشجرهْ
وصدى الأقمارِ بالأنهارِ ، والأنهارِ بالأقمارِ
والماءُ وأرواحُ الطيورِ الطائرهْ
ـــــــــــــــــــــــــ
كيفَ يخفونَ شعاعاً منكَ عن حورِ العيونْ
دونَ أنْ يدروا بأنوارِ قلوبٍ
وبأسرارِ طيوبٍ
ترسلُ الحورَ لجنّاتِ الجنونْ
ـــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ غارَ الصحبُ من وهجِكَ يا أوفى محبٍ وصديقْ
فأعدوا لكَ كيداً بعدَ كيدْ
حينَ عادوا بعدَ ان القوكَ في الجبِّ العميقْ
لمحوا وجهَكَ من وهجِكَ قد أشرقَ في البعدِ البعيدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ أطلقتَ طيورَ الأفقِ للأفقِ وحرَّرْتَ الحَمامْ
مِن سجونٍ هنَّ أقفاصُ حديدْ
وتركتَ الطائرَ القلبي مسجوناً ببردٍ وظلامْ
سجنُهُ يمتدُّ في مُتسَعِ الكونِ المديدْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ أصبحتَ وحيداً وغريباً في المساءْ
والندامى أنتَ والخمرةُ والشذرةُ في قلبِ الأِناءْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ مرَّ الزمنُ المسحورُ مِن بينَ يديكْ
والفيافي أزلٌ في مقلتيكْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ طارَ الماءُ للسحبِ ، وعادَ الغيمُ ماءْ
وتهادى النهرُ للرَحبِ ولمْ تعرفْ لياليكَ ارتواءْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ فجَّرتَ الصخورَ الصمَّ بالماءِ ، وبالماءِ أهتديتْ
وأمتلكتَ النهرَ والبحرَ ولكن ما ارتويتْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ أغويتَ بآلائِكَ سربَ الفتياتْ
لغديرٍ أنتَ فيهِ النورُ والماءُ وبستانُ الثمرْ
ثمَّ جاء الغيمُ مِن سودِ رياحٍ عاصفاتْ
فتغيبتَ عن الأرضِ ، وما غابَ عن الأعلى قمرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ بادلتَ النجومَ الغرَّ وداً ورسائلْ
ومضى جارُكَ عن نورِكَ لايعطي جواباً أو يسائلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ سمّوكَ ـ محب الذات ـ والعالَمُ بعضٌ من همومِكْ
انَّ نجماً خانَهُ الضوءُ بأقصى الكونِ واسيتَهُ فرداَ في نجومِكْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيفَ يعيا جنحُكَ الخافقُ يا أبن الهٍ وكواكبْ
فالردى يذهبُ في الناسِ ، وما أنتَ بذاهبْ ***
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مثنويات ورباعيات عربية مشروع شعري يشتغل عليه الشاعر منذ سنوات ، سيقع في ألف قصيدة وقصيدة ، كل قصيدة مقطع قصير من المثنوي ذي البيتين أو الرباعي ذي الأبيات الأربعة ، وهو حوار مع التراث الشعري للشرق في مثنويات جلال الدين الرومي ورباعيات عمر الخيام ، تتنوع مواضيعه وتجمع بين الذات والآخر والعالَم والحياة والموت والحب والحرية والذكريات والحنين والوطن والغربة والصداقة والمكان الزمان في الماضي والحاضر والمستقبل...
**أحوال كيف هو أحد الفصول الشعرية في هذا المشروع...
*** نُشر هذا النص كاملاً مع الملاحظتين السابقتين اللتين تضمنتا التعريف بالمشروع في الملحق الأدبي الأسبوعي لجريدة النهار اللبنانية في الأسبوع الموافق لتأريخ 15 .04 . 2009 ، و كنتُ قبل ذلك قد أعلنتُ عن هذا المشروع في منابر أخرى وفي القراءات الشعرية التي أقمتُها في برلين وألمانيا أو خارج المانيا، وأنا الآن أواصل انجازه واتمامه كلّما احسستُ ان الكتابة فيه تطاوعني محاولاً ان أجمع فيه كل بحور الشعر العربي العمودي وشعر التفعيلة