في ( شبح الحرب ) يتجول محمد خضير في غابات كلاسيكيات الأدب والفكر السياسي، فيرصد الحرب بنسختها الحقيقية (على هيأة شبح ) ويفعّل اتصالية بين الحرب وشبحها فيمسك ما لايمسك من خلال حساسيته المتجددة فهو يرى أن بين الحرب / الشبح ( تشريع ٌ مقدّس ) وبفعّل هذا الأستقواء ( باسم هذا الحلف المقدس صار الشبح ينتقل من مكان إلى آخر في المعمورة البشرية .. إذن نحن هنا أمام توكيل سماوي تلفقه السلطات لتبرير دمائيتها وهي تسوق ( أولاد الخايبة ) لسوق التجار المستعرة، وهكذا تنمسخ الجنات العدنية التي أنشأها الإنسان .. ولم يقف الحلف المقدس عند هذا الحد فقد قطع شوطا طويلا، واستعمل التقنية معارجا لدمويته : ( ويظهر الحلف السماوية اليوم في صورة طائرات تُغير على مدن السلام في سوريا وفلسطين واليمن والعراق، تدمرها بأطنان القنابل الفتّاكة ../ 148 ) .. ضمن السياق نفسه تناولت الشاعرة بلقيس خالد الموضوعة ذاتها من منظور مرّكب آخر، حيث أضافت الأمبريالية الأمريكية دسيستها في الألعاب التقنية وسعت لتزييف الشعور الوطني لدى أطفال العراق من خلال ( فديو كيم عاصفة الصحراء ) قرص سي دي أنتشر في العراق بعد سقوط الطاغية .. الحفيدة متماهية في مؤثرية شاشة الحاسوب تمسك بيديها قرنيّ موجّه اللعبة وتقوم الحفيدة البصرية مثل سائر الاطفال العراقيين بعمليات القصف لتستمر اللعبة في الحركة والتسلية، والجدة ترى طائرة الشبح ( عصفورة بكت ) وفوق مخيلتها المسالمة
( جدتي هذه طائرة شبح
لاعصفورة !
جدتي انظري .. أحترقت البصرة ..
: انظري ..
طائراتي تحرق البيوت
: هل بيتنا بين تلك البيوت ياصغيرتي ؟
...جدتي هذا .. ( فديو كيم )
: عاصفة الصحراء/ 13- بلقيس خالد – سماوات السيسم )
الحفيدة مسرورة بمهارتها في التحكم بلعبتها التقنية، ولا تدري أنها تقوم بتدمير مدينتها مجازيا
لكن الجدة بسليقتها المسالمة الراسخة، تتراسل مرآويا مع ثوابتها فهي ترى
( الجناحان .. لغة عالية
حاول..
يحاول ..
الإنسان أرتداءهما
فتدحرج
في
هواء البياض
عصفورة بكت
: كل شيء تعلمته ُ وحدي إلا ّ..
بياض البياض
جففت جناحيها وحلقت ..
كل شيء تعلمته ُ عرفت ..
إلاّ .. حرية الأجنحة .. من يعرفها )
تساؤلات الجدة هنا تتدفق منولوجا وهي ترى مايجري على شاشة الحاسوب، إذن المتن هو نص الشاشة وكلام الجدة حاشية على المتن المرئي .. وشعورها الوطني وتوجساتها من دسائس الاعداء الذين يسعون لبناء جدارا تقنيا بين النشأ الجديد وتربيته الوطنية .. وماتقوم به الحفيدة ( احتمال واقعيّ، بالرغم من رمزيته / 146/ محمد خضير – ما يمسك ومالا يمسك )
*محمد خضير/ مايمسك ومالايمسك / منشورات المتوسط – إيطاليا / 2017
*بلقيس خالد / سماوات السيسم/ دار ضفاف / بغداد – الأمارات العربية المتحدة / 2013