نداء التراب العراقي

2011-01-29

كان على الحكومة العراقية الحالية ، أن تتريث كثيراً ، وتفكر أكثر ، وأن يتمنى كل عضوفيها أن تكون له رقبة بعير ، قبل أن يدلي بتصريح حول اوضاع الحدود مع اي دولة عربية شقيقة ، أو صديقة ، او عدوة .

فلماذا قصّر الذين يعلنون أنهم يتأسّون بسيد الخلق عليه افضل الصلاة والسلام، من طول رقابهم ، وجعلوا السنتهم في غير مواضعها ؟.

ونحسب أن قولنا هذا ، مرتبط بقناعات ونداءات سابقة، أّسّس لذاته نقطة في خطّ قول امير المؤمنين ، علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : " الحكمة شجرة، تنبت في القلب، وتثمر في اللسان ،

وهذا لساني عراقي ، عربي ، لاميّ ، طائيّ ، قحطاني : " انا ابرأُ الى الله من كل حاكم ومحكوم

لا يحافظ على حفنة تراب واحدة من ارض العراق " .

 

أقول هذا ، بلحاظ أن الحكومات التي حكمت العراق في عهود الأنظمة السابقة ، كما في عهد هذه المنظومات التي تشكلت منذ الاحتلال الامريكي للوطن سنة 2003 ، غير مؤهلة للبتّ في قضايا توازي الشرف الوطني ، نذكر منها التفريط بأقسام من التراب الوطني لبلادنا ، لصالح دولة ـ أودول ـ أجنبية تحت اي ذريعة يحتمي خلفها الذرائعيون ، واصحاب الذرائع .

 

إن الموقف حيال فتر واحد من أرض العراق ، لا يبتُّ فيه إلا الشعب العراقي بجميع اطيافه ، في إستفتاء وطني شامل يمارسه كل مواطن عراقي، وكل مواطنة عراقية ، بلغا سنّ الحلم ، وفي أوضاع داخلية سياسية وحقوقية يتمتع فيها العراقيون جميعا، بالحقوق التي كفلتها القوانين الإلهية ، وأقرتها المجموعة البشرية .

 

إن من يتنازل عن شبرمن الأرض العراقية لشقيق او صديق أو عدو ، إنما يقوم بتمزيق جسد كل مواطن عراقي ، وكل مواطنة عراقية ، عن عمد وإصرار مسبق ، ومعرفة بخطورة ما إرتكبه ، وعليه أن يتعظ من حوادث التاريخ القريب ، وليس الاقرب أو البعيد فقط !

 

وكانت مسبرة العمل الوطني والرسالي في العراق ، منذ تأسيس الدولة العراقية ، قد حفلت بأسماء الذين لم يفرطوا بالحقوق العراقية الثابتة وغير القابلة للتصرف في ترابهم الوطني ، وفي مياه وطنهم ، وكذلك في أجوائه ، وكانت دماؤهم مداداً لأساتيذ الثقافة العراقية التي تحفل بها مكتبات العالم .

فكيف يجوز لفرد ، أولحزب ، او لأحزاب مؤتلفة ، في الحكم أوخارج الحكومة ، الإقرار والتسليم بحقوق عراقية ثابتة في التراب والمياه وألأجواء، لصالح غير العراقيين أفرادا وحكومات ؟!

وقديما قال إبن الرومي :

وَلِي وَطَنٌ آليتُ ألاّ أبيعهُ

والاّ أرى غَيري لَهُ الدَّهرَ مالِكا

 

بل إن تحرير أي ذرة من التراب الوطني ، عدْلٌ لتحريرشعب كامل . وإن هذه العملية الراقية في كل المعايير ، فرصة لأن نصبح فيها ، نحن المواطنين الأحرار، افضل حالاً . لأن المواطنين الاحرار هم الذين يبنون أوطانهم الحرة ، ويستحقون العيش فيها ، كما قال فولتير.

 

وعلينا أن نتذكر مصائرأبناء وطننا الشرفاء ، وما إنتهى اليه مآل الذين لم يصونوا كرامة مواطنيهم ، وفرّطوا بحقوق ابناء بلدهم . إن جراح شرفاء الاوطان تنضح بعطور الجنة .

ألا فليتذكر من يتنازل عن ذرة تراب عراقية قول طاغور : " تُرى ، أتذهب دماءُ الشهداء ودموعُ الأمهات في تراب الارض هدراً ؟ ألا تُشترى بها الجنة ؟ "

 

وقديما قال الشاعر الروماني هوراس : " الوطنية ، أن تموت من أجل وطنك " .

وأنا اعرف أن في اوساط الطبقة السياسية العراقية ، الآن ، من كان التطبيق العملي لقول شاعر روما الفذ .

 

ويعرف بعض هؤلاء ايضا أننا ـ من موطيء أقدامنا على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة ، وعلى إمتداد ربع قرن ونيف ـ كنا قاب قوسين أو أدنى من التصفية الجسدية. لأننا قارعنا الظلم بمداد قلمنا ، واشهدنا الله والناس على صدق قولنا وفعلنا . ولا تزال كلماتنا خضراء.

أليس كذلك يا" بعض " سكنة المنطقة الخضراء ..... اليوم ؟

 

إننا من أجواء تلك الايام الرائعة في حياة العراقيين الذين إختاروا النفي الطوعي طلباً للحرية ، وهم يتمسكون بحقهم في الحياة الكريمة . ولم يتعاطفوا مع حزب أو طغمة او نظام أو طائفة، على حساب وطنهم ومصلحة شعبهم ، نحذر الذين يتنازلون عن أي حبة رمل واحدة من تراب العراق ، لأي كان من العرب وغير العرب .

 

إن نداءنا الذي وجهناه من ابو ظبي ، إلى ادباء العراق ومثقفيه في الداخل والخارج ، بتاريخ 17 نيسان ، 1990 وبثّته وكالة الأنباء الكويتية في حينه ، لا يزال عندي هو ميزان الشرف والكرامة الوطنية . وإنني أعيد تلخيص مضمونه في كل حرف من كلمات هذا الإعلان .

إن هذه الكلمات دعوة الى اليقظة والإستيقاظ ، والعمل المبرمج للحفاظ على المصالح العراقية العليا .

وهي عمر كامل على طريق كلمات من جبران خليل جبران :" إذا رايت نائما ، ايقظهُ وحدّثه ُ عن الحرية " .

إنني بإعتباري كاتباًَ يعرف حقوقه وواجباته تجاه وطنه وخيار الحرية ، اعلن أنني سوف أبقى أعارض أي تضييع لأي جزء من التراب العراقي ما دمت حياً . وإن موقفي هذا هو وصيتي إلى من يبقى على قيد الحياة من اهلي ، بعد رحيلي من هذه الدنيا الفانية .

وهوـ كذلك ـ إعادة لسرد الموقف الوطني الصحيح حيال السيادة العراقية على الارض والمياه والهواء ، بين أيدي الخاصة والعامة في عراق الألم والامل .

 

فلربما أنست قصور المنطقة الخضراء ، كثيرا من فقراء الامس ، فقرهم وعوزهم وقلّة ناصرهم. كما أنست غيرهم من الذين طالما اعلنوا أنهم عنادل شعبهم عندما كانوا في صفوف المعارضة ، فإذا بهم ـ بعدما تنازلوا عن حق شعبهم في ارضه ومائه وهوائه ـ تحولوا الى غربان نعّاقة .

يا سبحان الله (!!)

 

ولكن ، ...

لعل في المنطقة الخضراء من لا يزال يستمع الى القول الحسن ، فيتمسك بالعروة الوثقى . وينصت الى كلمات الحرية ، ويتذكر مصير ماريشال فرنسا ، فيليب بيتان ، المتواطيء مع اعداء فرنسا، على سيادة فرنسا. فهل نفعته نياشين معاركه في الحرب العالمية الاولى ؟.

ونهاية موسوليني كذلك ، لا تزال تضج بين عمدان الحضارة الرومانية !

 

أليست نهاية كل دكتاتور وظالم .... واحدة ؟!

 

جمعة اللامي

القاص والروائي

إمارة الشارقة

** ــــــ **

26 أيلول 2010

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved