نحن والاستبداد

2012-04-04

يعتقد الزوج أن زواجه عبارة عن عقد استملاك ويتحول المهر من رمز لاحترام الزوجة إلى مجرد ثمن يدفع لشرائها! وتتجرد المرأة من شخصيتها فعلى سبيل المثال إذا أرادها محجبة تتحجب وإذا أراد نزع حجابها تنزعه.
وفي صورة أخرى تعتقد الزوجة أن الرجل صار ملكاً لها وحدها فهو يأتمر بأمرها فيعيش حياته من خلالها تحدد له ماذا يلبس ومتى يذهب وإلى أين ومن يصادق -- إلخ.
وتتحول الحياة إلى سباق في الاستبداد الكاسب فيها هو الأكثر جبروتاً والخاسر ضعيف الشخصية، وتكبر المأساة بقدوم الأولاد وبدلاً من أن يكونوا ثمرة حب يصبحون ثمرة حرب، والمستبد منهما أو الرابح في المعركة بالمعنى الأصح يعتقد أنه هو من خلق أولاده فيعاملهم على أنه الرب وهم العبيد فيظلم ويفرق بالمعاملة ويتبنى أحدهم على أنه نسخة منه فيعطيه حق التحكم بشؤون الأسرة دوناً عن غيره من الأخوة مع الاحتفاظ بحيز استعباده.
والعجيب أنه (الأب المستبد أو الأم) يدعي أنه يخاف الله ويربي أولاده التربية الصحيحة من خلال ظلمه لهم وتقييد حريتهم، ويصل استبداده في بعض الحالات إلى عدم ارتكاسه بموت ابنه أو ابنته فالمهم عنده أن يبقى هو الإله ومحط الاهتمام.
أما إذا أراد الولد نيل حريته فعليه الخروج من نطاق الأسرة وغالباً الرجل فقط هو الذي يستطيع فعل ذلك في هذا المجتمع الذكوري وعلى الرغم من ذلك فقد يعتبر ابناً عاقاً لمجرد محاولته الشعور بأنه رجل ذو شخصية مستقلة، أما البنت فهي حكماً لا يحق لها حتى إبداء الرأي وإجراء حوار مع أبويها وإذا فعلت فهي عديمة الأخلاق وكأنها مخلوق من الدرجة الثانية كما كانت في الجاهلية الأولى.
وكما ذكرت سابقاً فقد يدعي الأبوين أنهما يطيعان الله وهما في واقع الأمر يخونان الأمانة التي أعطاهما الله إياها، والرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام قال استوصوا بالنساء خيراً لكنهم يفعلون عكس هذا الحديث تماماً.
والله سبحانه على الرغم من أنه الرب الحقيقي لنا فهو رحيم بعباده وأعطانا حرية الاعتقاد حتى بالاعتقاد، أما الأب أو الأم المستبد (ة) يحرم أولاده حتى حق الحياة أو الزواج.
والحديث يطول وقد لا ينتهي فهناك الكثير من تلك النماذج في مجتمعنا، خلاصة القول والمؤسف في الأمر أن هذه هي نواة المجتمع الذي يخرج فيه الإنسان من الاستبداد الأصغر في البيت والعمل ليجد الاستبداد الأكبر الذي يمارس تلك الضغوط ليس على فرد أو عدة أفراد ولكن على شعب بأكمله، فإلى أين نذهب.

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved