إنحطاط الإستعمار بين نهب النفط وتخريب العمار/ طوابع سعد الجادر الفضيّة – 24

2016-11-28
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/94392d9c-8264-4313-9493-fdc60576cfd4.jpeg
 
1 - نفطُ العرب وثقافةُ الغرب
كُتِب عن موارد الطاقة وسيُكْتَب ملايين الكتب والمقالات والبحوث والدراسات، وذلك للدور العظيم والحاسم للنفط والغاز كَمُحَرِّك لثقافة الغرب، والسيطرة السياسية، والقوّة العسكرية، والازدهار الاقتصادي، وتحقيق الرفاه، ومواصلة التطبيقات الاستعمارية ...
وفي الصراع على الأرض العربيّة ليس للشعوب وثقافاتها مكاناً في الاهتمام الغربي، لا إنسانياً ولا أخلاقياً ولا دينياً ... فنهب مصادر الطاقة أهم مِن الشرعية والقوانين الدولية ... ومِن الشعوب التي تُباد، والدول التي تُفَكَّك، والبلدان التي تُخَرّب، والمُجتمعات التي تُمَزَّق، والمُمتلكات الثقافية التي تُنهب تُحفها وتُدّمَّر آثارها المعمارية ... والبيئة التي تُلَوّث، وثقب الأوزون الذي يتوسّع ... 
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/34f3f683-d582-419d-ab93-dd9a796b9fa9.jpeg
 
وفي تقرير ( حسن الغانم، النفط بين النهب والحرب، شبكة البصرة، 27/12/2004) يَذْكر بأنّ "إحتياطات النفط في الدول الإسلامية ما يزيد على ثلاثة أرباع الإحتياطي العالمي، وتحديدا يبلغ الإحتياطي لمنظمة الأوبك والتي هي في غالبيتها دول عربية وإسلامية ما يزيد على ثلاث أرباع الإحتياطي العالمي أي ما يعادل 79% من الإحتياطي العالمي . وتبلغ حصة الوطن العربي من الإحتياطي العالمي 62,47 وذلك وفق إحصاءات ودراسات "1999 
ويُضيف الكاتب عن الأرباح الخيالية الناجمة عن احتكار الشركات الغربية لنفط العرب الى " أن عوائد الحكومات الغربية من الضرائب على أرباح الشركات النفطية العاملة في البلاد العربية كانت تفوق عدة أضعاف ما تحصله تلك الدول من عملية النفط كاملة وهذا يظهر مدى الفحش والغش في عقود الإمتياز الأولى، لدرجة تثير الدهشة، هذه الدهشة التي سرعان ما تزول إذا عرفنا كيف كانت تفكر الدول الغربية وشركاتها هنا نذكر ما كتبه السيد (J.H.Carmical) رئيس تحرير صحيفة New York Times "إن مستقبل العالم الحر مرتبط بحقول الشرق الأوسط الغنية، أن سهولة الحصول على النفط تشكل مفتاح الدفاع عن الغرب". 
وفي ذلك قول لوزير الطاقة الأمريكي "ريتشاردسون" عام 1999: "لقد كان البترول محور القرارات الأمنية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال القرن العشرين، والنفط كان وراء تقسيمات الشرق الأوسط الى دويلات بعد الحرب العالمية الأولى".
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/34dc3a85-3993-4af6-9050-21c952af3a2f.jpeg
 
لذلك كانت النُخب الغربية الاستعمارية، ولا تزال، تغتال أيّ قوّة وشخصيّة وطنيّة تُطالب بتأميم النفط ونيل حقوق المستعمرات، وذلك بمنتهى القسوة والسادية. مثل القضاء على ثورة مُصدّق الذي قاد معركة تأميم النفط في إيران عام 1953، وحرق ثورة 14 تموز في العراق عام 1963، واغتيال الملك فيصل آل سعود عام 1973، وتصنيع حروب صدام حسين ... وتحقيق الهَيْمَنَة الأطلسية على الخليج الاسلامي، ومحاولات أمريكا إسقاط حكم شافيز في فنزويلا، والتدخل السافر لتخريب ليبيا ... ونايجيريا ... ومناورات ومؤامرات أمريكا حول نفط بحر قزوين ... لضمان استمرار نهب موارد الطاقة والانطلاق لشنّ حروب أخرى وموجات جديدة من الارهاب . 

ولا يزال دور حكّام العرب الخونة العملاء أساسياً في خدمة الاستعمار وظلم الشعوب. 
وعن (يوسف زكريا، العرب والنفط www.youssefzakaria.com) "ما أشبه الحكام العرب من ملوك وسلاطين ومشايخ وأمراء وأولياء عهود بمشتقات نفطهم ... أليسوا “كالبنزين” وقودا لسيارات المواكب الفخمة التي تدهس في كل يوم فقراء العرب، وتتابع طريقها، وكأن شيئا لم يكن؟ أليسوا مثل “الكيروسين” وقودا لطائرات الناتو التي أغارت على المدنيين العرب في ليبيا، وأمطرتهم يوميا بوابل من القنابل والصواريخ؟ ألم يكونوا بالأمس” كالديزل” وقودا لبوارج أميركا وحاملات طائراتها عند غزوالعراق؟ ألم تعتمد على هذا” الديزل” دبابات ومدرعات الكيان الصهيوني في قصفها للمدنيين في لبنان وغزة؟  ألم يحاكوا الزفت الذي تعبد به الطرقات، ولقد استعملوا مثله لتعبيد طريق الإستسلام  التي افتتحها السادات وسار عليها إلى القدس، وكان أول المستسلمين للكيان الصهيوني؟ ألم يستخدمهم الغرب كالقطران لعزل الوحدة الوطنية والحرية والمقاومة والتقدم والتطور عن الشعوب العربية، وكالقار في صنع قذائف المنجنيق الطائفية الحارقة التي يتم إشعالها في تركية وقطر لتلقى على وحدة سورية الوطنية وسيادتها ومقاومتها وحضارتها؟ ألم تعتبرهم أميركا “كازا” لطبخ مؤامراتها ضد كل دولة عربية تعارض مشيئتها؟..." 

ولهدف سيطرة آلهة الأرض على منابع الطاقة والتحكُّم بخطوط مرورها ثلاثة أبعاد استراتيجية: أولا، كجزء من نهب الموارد الطبيعية أينما كانت وكلّما أمكن ذلك لتحقيق الأرباح الخيالية لاقتصاد الغرب. وثانياً، للهيمنة على الاقتصاد العالمي وإحراز موقع استراتيجي متقدم في الصراع ضدّ بلدان صاعدة تُهدِّد الاقتصاد والقوّة الامريكية مثل الصين وروسيا والهند وإيران ... وثالثاً، لمواصلة ثنائيّة التخريب والتعمير الدوري: فمن موارد النفط والغاز تسيل ميزانية الإنفاق على الإعمار الذي يَدرّ أرباحاً إضافية: بشاعة الخُبث والمَكْر والأنانيّة والجَشَع المحفور في النخب الاستعماريّة: دورة الحرب والإعمار: دورة الغَدْر المُبَرْمَج.
 لذلك ليس في مشاريع الوحش الاستعماري اهتماماً بغزو وتدمير البلدان التي لا تمتلك موارداً معدنية . وإن فَلَتَ وتطوَّرَ أي من هذه البلدان فسرعان ماينزل به ظلم وعذاب الاستعمار لضبْطِ نِسَبِ تَخَلّفه كما حصل في ليبريا وساحل العاج ويوغوسلافيا ...
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/c4647cfd-31f8-4979-a0b4-933c00760619.jpeg 
وكجزء من حقّ همجيّة القراصنة وهَيْمَنَة لا أخلاقية قوانينهم في الغابة، فانّ آلهة الارض تستعبد بالقوة والارهاب الدول التي بدورها تستعبد شعوبها: بالرفاه المحمي عسكريا من بريطانيا وأمريكا كما في الدول الاسكندنافية، وبالاستهلاك العالي المُشَوَّه كما في الخليج، وبالغزو والاحتلال والنهب وفرِّق تَسُد المُنتِج للكوارث وانشطارها المتوالي كما في العراق. ويتنوّع هذا الاستعباد/ الاستعمار/ الحماية/ الانتداب/ المساعدات ...  لاستحصال ضرائب ( خاوة العصابة ) من الشعوب والأوطان بأشكال متنوعة : أموال عينيّة بالدولار: أقوى نقد في العالم الذي يُطبع هواء في أمريكا وتُسْتحصل قيمته من العمل المنتج لشعوب الأرض . الى جانب "استضافة" القواعد العسكريّة الامريكيّة، التعاون المخابراتي، تقديم بعض أنبغ العقول للعمل في هيئة الأمم المتحدة والناتو وشركات النفط العالمية وغيرها من المؤسسات الاستعمارية العابرة للقارات، المساهمة في الاستهداف العالمي للأدمغة النَيِّرة والشخصيات الواعدة في السياسة والاقتصاد والامن والثقافة لخدمة الغرب كرهاً أم طوعاً، التصويت مع أمريكا وبريطانيا في هيئة الامم المتحدة، الانخراط في تحالف الراغبين ... فأميركا تضع القوانين وتجبر الآخرين لتطبيقها والخضوع لها . وما الانسان عند آلهة الأرض إلا رقم وبضاعة وعبد خَوَل .

فَمَن سيخترق ويُكَسِّر خطّة الاحاطة الشيطانيّة بالانسان والحضارة غير اتحاد شعبي عالمي؟.

كانت موارد الطاقة، ولا تزال، ثروة تاريخية رئيسية في العراق. لكن نفط وغاز ودماء العراقيين تُهدر بين النخب الاستعمارية وعملائها من أهرام الخونة العراقيين . ومهما نُهِبَ من مليارات البراميل، فلا يزال النفط والغاز أساس ومصدر الإنفاق على الإحياء العراقي المعاصر بمشروع وطني – إقليمي للنهضة من خلال إنتاج المعرفة وتنويع الاقتصاد. 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved