نـريــد حــلاّ
"الثلاثاء ,19/08/2008
عَلَيَّ أن أخلقَ نظاماً، ولا أكون عبداً لأي إنسان"
(وليام بليك)
يقول هنري ميلر: "ليس على الحاكم الحقيقي أن يقود، عليه أن يشير الى الطريق".
الحاكم هنا، المرء على نفسه، ورب الأسرة في الأسرة، والعاقل على المجنون، وهكذا دواليك. الحديث يتصل بثقافة الحاكم والحكم.
والعقل حاكم وحجة.
وما أكثر المشاكل التي تنتظر حلولاً في مجتمعاتنا العربية، وما أكثر الأصوات التي نادت، وتنادي الآن: نريد حلاً، ولكن ثمة من يستمع ولا حول له. ويستمع ولا يريد أن يسمع. ويسمع ولا يريد أن يعمل، ومن يريد أن يعمل ولا يجد عوناً.
وهناك من لا يتصرف على طريقة سكان بلدة "وليامز لايك" مع مواطنهم "روبرت انغلس".
سنعود الى "قضية انغلس" التي أثارتها إحدى الصحف الكندية الشهر الماضي.
في أطهر بقعة على وجه الأرض، حسب مفهومنا، باغتني هذا المشهد: فتى يمرّ بين صفوف المصلين، يظهر عضد يده اليمنى، التي تبدو كما لو أنها تعرضت الى "عملية تجميل" طالباً مالاً.
همس أحد المعتمرين: هذا مكان عبادة.
وبعيداً عن مكان العبادة، ربما يبرز أمامك، وحدث هذا معي مرات ومرات، أحد الرجال، أو امرأة ما، تسمع صوتاً يقول لك: "انقطع بي الطريق"، أو "أن سيارتي من دون بترول" أو "امرأتي في المستشفى في حالة حرجة" أو "فقدت جواز سفري".
ثم يأتيك الصوت راجياً: "أي مبلغ".
وفي بعض الأحيان، يقول صاحب الصوت: "لا، هذا لا يكفي. اجعلها مائة"، وهكذا..
.. وهكذا أيضاً، يستطيع غيري أن يروي كثيراً من القصص المؤلمة والمؤسفة والمزعجة، لحالات لا تحصى لمتسولين في الشوارع الفقيرة، كما في الملاهي أيضاً، وكل منهم يريد منك ممّا أعطاك الله.
"حسنة لله يا محسنين". وبعد ذلك - إذا ما تابعنا صاحب الصوت - سنجد أن عجلة فاخرة تنتظره، أو تنتظرها، على كتف شارع.
ثمة "مافيا المتسولين" في مدننا العربية.
أين الحل؟ بل ما هو الحل؟
سكان بلدة "وليامز لايك" الكندية، قاموا ب "حملة وطنية" من أجل طرد متسول اسمه "روبرت انغلس" الى خارج مدينتهم، حسب صحيفة "غلوب إند مايل".
ذهب وفد من البلدة، الى عمدة البلدة الذي اسمه سكوت نيلسون، وقالوا له: يا عمدتنا، نريد طرد المتسول لايك، الى خارج بلدتنا. قال العمدة: حسناً. ثم وجه رسالة الى "المدعين العامين" ذكّرهم فيها بأن "انغلس مخالف مزمن للقانون، ولديه مشاكل كثيرة، وينوي تحويل حياة المجتمع الى جحيم".
حسناً، ماذا نفعل بالمتسولين العرب والمسلمين الذين نراهم في أكثر من مكان في مدن العرب؟ إن أمر هؤلاء، وهم بالملايين، مكشوف تماماً.
غير أن الذي يريد غريب المتروك، حلاً له، هو أمر هؤلاء الذين جعلونا متسولين