لا تزال أجزاء كبيرة من حوض نهر الراين تحتفظ بجمالها الطبيعي، وأشهرها المنطقة بين مدينتي فيسبادن وبون بألمانيا، حيث توجد منطقة وادي أعلى وسط الراين، التي صنفتها منظمة اليونسكو عام 2002 واحدة من معالم التراث العالمي.
ينحني نهر الراين في مساره في منطقة وادي أعلى وسط الراين يمنة ويسارا كما لو أنه يعبر عن بهجته للمشاهد المحيطة به. وبين فينة وأخرى تظهر منحدرات صخرية شاهقة لتُضيق مسار مياه النهر الداكنة التي تعكس على صفحتها تلك المنازل نصف الخشبية المنتشرة على ضفاف النهر بألوانها الخلابة.
وادي وسط الراين طبيعة جذابة
ويمثل الوادي الواقع بين بلدتي روديسهايم ولانشتاين الألمانيتين إحدى أكثر المناطق جاذبية على هذا الطريق؛ فالدروب الضيقة تفسح المجال أمام مسارات التنزه الواسعة والتي تتلوى عبر الوديان المجاورة، ثم تتحول إلى ممر مشاه مرتفع يصل بالمتنزهين إلى القمة التالية.
ولا تسنح الفرصة أمام المتنزهين لسماع أنغام أناشيد الرعاة إلا في المساء، وذلك من تلك القرى الناعسة المنتشرة بطول ضفة النهر. بيد أنه في تلك البقعة من الطريق، والتي تعد أكثر جاذبية، يتنقل المتنزه بين افتتان وانقباض؛ بين جمال طبيعي، واختفاء مخيف لمظاهر الحياة.
ولا يخلو طريق راينشتايغ من الفنادق والمطاعم ؛ فهناك فنادق تعرض لافتات "مرحبا بالزائرين"، وتقدم وجبات غداء. كما أن هناك بعض المطاعم القديمة والحانات التي تقدم وجبات مدهشة.
بعض المعالم الطبيعية والتاريخية في وادي وسط الراين
بعد مغادرة فيسبادن سرعان ما يصل المتنزهون إلى منتجع مدينة شلانغينباد، وبعده يمرون على دير إيبرباخ الذي تم فيه تصوير فيلم "اسم الوردة - the name of the rose"، مرورا بحقول عنب نبيذ الريزلينغ الشهيرة عالميا، والمحاطة بسياج طويل، إلى نصب نيدرفالد الذي يُعد تذكارا احتفاليا بتأسيس الإمبراطورية الألمانية عام 1871، ثم مروج دورشايد. وينطلق الطريق بعد ذلك صوب قلعتين تعرفان ببرج القط، وبرج الفأر، ثم يسير طريق راينشتايغ بين كيستريت وأوسترشباي صاعدا نحو بلدة ليكرسهاوزن، ليسير متعرجا خلال غابة كثيفة إلى قلعة ماركسبيورغ.
وهناك مساحات واسعة يمكن التنزه فيها بحرية ودون دفع أي رسوم، باستثناء بعض قطاعات الطريق، مثل الاثنين والعشرين كيلومترا التي تحيط بصخرة لوريلاي بين بلدة كاوب وبلدة سانت غورسهاوزن، والتي تعد أجمل ما قد يشاهده الزائر على الإطلاق طوال الرحلة، وأكثرها جاذبية. وتقول أساطير بأن لوريلاي كانت قتاة انتحرت بسبب يأسها من حب حبيب لها، وتحولت إلى حورية شقراء كانت تظهر على هذه الصخرة في الليالي المظلمة. وكان جمالها الفاتن يسحر قباطنة السفن، ويعمي أبصارهم فتصطدم سفنهم وتتحطم على الصخرة.
ويقدر مكتب راينشتايغ عدد من يزورون هذه المنطقة للتنزه بحوالي مائتين وخمسين ألف شخص سنويا. ويقول مدير المكتب، فرانك غالاس:"يفضل معظم الأشخاص التنزه عبر الراينشتايغ على مراحل". ويحتاج قطع كل مسافة الطريق، البالغة ثلاثمائة وعشرين كيلو مترا، إلى أسبوعين أو أقل مع السير السريع. أما مع السير بروية فقد تستغرق الرحلة ثلاثة أسابيع