إلى بدر خميس وبسمته ُ الدائمة
لمن لم يقرأها : نعتذر على اختزال هذه الرواية التي هي قائمة على الاختزال الأسلوبي
(*)
جندي أمريكي من أصول عراقية، (توفيت والدته منذ صغره، ووالده فُقِد َ في العام 2005، شاعت الكثير من الأنباء إثر فقدان والده، الرجل العراقي الذي وهب نفسه للجيش الأمريكي منذ الثمانينات، بعضهم قال إنه قتل في العراق ومنهم من يقول إنه ما يزال على قيد الحياة، يعيش في أحدى المحافظات العراقية /17) ..
(*)
أندرياس يأتي مع جنود الاحتلال الامريكي للعراق في نيسان 2003، ناويا البقاء في العراق وهو يبحث عن أبيه فتتكشف له مدينة بابل التي أحبها بشكل مقبوح (في وسط البلاد الميتة المزهرة بزهور سوداء، لا الشوارع يعرفها ولا السكان يألفهم/ 9) وتحتدم في أندرياس لحظة عودته (تجول في مخيلته الكثير من التساؤلات التي لا جواب لها، فهو غربي يعتبر أهل العراق صندوق ماس أسود ملطخا بالدماء/ 10).. الفضاء الروائي في أندرياس يجعلني أشاهد فيلماً عن مدينة أشباح (المنطقة قديمة جداً وأغلب منازلها خاوية على وشك الهدم، شوارعها ضيقة وأزقتها محفرة /19) وما يؤكد كلامنا هذا هو حديث غيش مع أندرياس (لا تخرج بعد منتصف الليل فالساحرات يتجولن في هذا الوقت ../20) .
(*)
لم يكتف ِ العنوان بذاته !! بل ثبّت مفتاحاً يختزل مهيمنة الرواية، ويرتسم منصة ً في صورة غلاف الرواية، يرتكز عليها/ ينطلق منها اسم أندرياس : (سحر النساء لا يصل إلى القلوب) . كأن المفتاح يغوي بقراءة عاطفية للرواية، ويشهد على ذلك المكتوب على قفا الرواية :
(إني أتيتك من بلاد الغرب مأجوراً
وها قد وقعت فيك مسحوراً
وكتبتُ لأجلك كلاماً كثيراً .
الصلاة لك ِ فريضة وعنك البعد
جريمة، كل الحروف لا تصف ولا
تنصف . فأنت من فرط الجمال
تسحقين أن أسميك ِ أرض الغرام)
والشاهد الثالث هو المكتوب تحت عنوان ( مقدمة ) والمذيلة باسم بين قوسين (عمار ساطع)
(*)
بعد قراءتي الثانية يمكن تنضيد هذه الرواية القصيرة ضمن الروايات التي أطلقت عليها : الرواية المشطورة لتوفرها على ثلاثة مستويات :
- رواية تتناول الواقع العراقي في سنوات الاحتلال
- المستوى الثاني العلاقات العاطفية المأزومة
- الشعوذة للتحكم بمصائر الآخرين يتزعمها غيش (هو علم السيطرة على مقدرات النفس البشرية ومصارعة العرش الإلهي ومسابقة القدر لتحقيق غاية لا نفع فيها ولا خير منها إلّا الضرر/ 16)
- التشدد الديني ويمثله والد فاطمة
(*)
الأمكنة في الرواية بلا ملامح، يقتصر دورها على التسمية : الحلة/ بابل منطقة الاسكندرية/ فرنسا/ نيويورك../ بوسطن.. إلخ . وظيفة الأمكنة تقتصر على فاعلية المونتاج في النقلة المكانية .
(*)
يتحرك الشخوص من الخارج وهكذا حركة : هي رد فعل :
- أندرياس عاد إلى العراق (يبحث عن الشيء الذي يسعى عنه ولا أحد يعلم ما هو/ 12) .
ردة فعل أندرياس، هي مجيئه للعراق (جاء باحثاً عن والده، وأخبره القس ميبرنار أن والده لا يزال على قيد الحياة عندما التقى به في فرنسا قبل وصوله إلى أرض بابل/ 88)
- المرأة التي اسمها أيسن ستذهب إلى آثار بابل لأن (أندرياس سيذهب في رحلة إلى الآثار مع ماري/ 74) .
- المشعوذ غيش يتزوج امرأة أمريكية ويهجر عشيقته عذراء (ليترقى في عمله، وهذا الذي حدث بالفعل أصبح من أهم أعمدة الجيش الأمريكي/ 74) .
- عذراء ردة فعلها كانت على زواج غيش أنها (قررت الانتقام والثأر لنفسها فأصبحت تلاحق محمد أينما ارتحل حتى اتتها اللحظة المناسبة / 75) .
- التشدد الأخلاقي في أبيها جعل ردة فعل فاطمة تريد (الهرب من قمع أفكار والدها والتحرر لعيش حياة أخرى / 78) .
- تكابد ماري من ردة فعل (بين الرجل الذي تحبه ورجل آخر يحبها / 86) .
(*)
الوجه والقناع : يتجسد في شخصيتيّ الشيخ خالد والمشعوذ غيش
الشيخ نموذج متوفر في حياتنا اليومية، يتجسد فيه : الظاهر هو القناع والباطن هو الوجه .
وشخصيته القناع : (تجسدت على هيئة خالد الذي عُرف بتقواه وأصالته عند الناس/ 83) . أما الوجه فقد تجسد في عنفه ورداءة أعماله مع عائلته، تاركاً سخطه وعنفه على وجهيّ زوجته وابنته .
غيتش المشعوذ : قناع يضعه آشور الكلداني فوق وجهه، لتحقيق غايات السلطات التي أرسلته للعراق، لغرض التخريب والتدمير، وفي الوقت نفسه هو يبحث كمشعوذ عن السحر الأسود المدفون في آثار بابل، وفي حالة الحصول عليه سيعمل بكل ما به من غل لتدمير البلاد والعباد . إذن غيتش من وكلاء الشر لتخريب العراق .
(*)
مفاجأة الرواية هي مفاجأة سينمائية فالهدف المكلف غيتش ان يتخلص منه هو أندرياس
ولم يعلم أن أندرياس هو ولده ؟ وكيف يعلم..؟ ( بسبب فقدانه الجزئي للذاكرة إثر حادث سير تعرض له/ 88) .
(*)
أندرياس لن يقتل بل سيموت بسبب تورطه بعلاقة موبوءة جنسية مع الفتاة اليهودية أيسن التي عرفها غيتش عليها.. ينتهي غيتش في مستشفى المجانين وتتآكل أيام أندرياس بسبب مؤثرات الشعوذة فيه وكذلك الامراض الجنسية .
(*)
أندرياس : يقتله والده غيتش / آشور الكلداني، وتكون أداة القتل البطيء : أيسن
فاطمة : يقتلها والدها الشيخ خالد بسبب حبها للشاب الذي اسمه خالد .
(*)
بدأت الرواية في بابل وانتهت في نيويورك . والحقيقة بدأت الرواية في أمريكا من خلال أندرياس .
وانتهت في أمريكا . لأن أمريكا هي المهجر الذي اختاره أندرياس ووالده آشور الكلداني .
(*)
الوالد والولد : عراقيان غادرا العراق – ربما في سنوات الحصار- إلى فرنسا ومنها أمريكا التي وفرت لهما كل أسباب الحياة الكريمة، الإبن عاد إلى العراق مع الغزاة الامريكان لكن بنوايا طيبة – على ذمة الرواية – والأب عاد موتوراً لتدمير العراق . وكلاهما انتقمت أرض العراق منهما .
*بان الجميلي/ أندرياس/ دار ماركيز/ البصرة- الجنينة/ ط1/ 2019