( قبل فنجان القهوة) نكسة 1967 وذكريات مع الجبال

2011-12-15
 و//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/04ea2a52-398b-4195-9ada-9b93767d33ae.jpeg صلنا الى قرية بيت ليد الشرقية التابعة لمدينة طولكرم عبر جبال شاهقة فيها من الشموخ ما يكفي ان توقف جيوش , وبها من العزة والكرامه ما يتجاوز الوصف , شأنها شأن جبال فلسطين الغراء , مرورا بمسجدها والذي مضى من عمره قرابة 700 عام , زاده رسوخا وثباتا ايمان كل من حوله , تنظر الى بوابته فتشعر كأنك أمام عبق التاريخ , ليعلمك أشياء وينبؤك بأخرى , وكأن التاريخ ينطق ليقول ان كل من أتى على هذه الأرض من غزاة هم راحلون . وصلت جموع من الناس الى تلك المناطق الجبلية ولعل كثير من عائلات القريه قامت بدور عظيم حين استقبلت القادمين ورحبت بهم , وأصبح الكل في خدمة الكل , كيف لا , والخطب كبير والنصر قادم لا محاله , والمذياع من معظم دول الطوق يهتف ويقول ليعلو صوت المعركه , وإذاعة صوت العرب تهتف وتقول "نعم لرميهم بالبحر" - قاصدة يهود - "تجوع يا سمك لتكون وجبتك دسمه" هذا حالنا في الساعات الأولى للحرب , فالطفل يسمع ويدرك كما الكبير. استقبلونا ابناء عمومتنا في بيتهم , وكان اخلاص وكرم كبيرين الا أن الوالده رحمها الله فضلت ان تسكن تحت شجرة تين , في قطعة أرض مقابله لهم وتستخدم مرافقهم وأظن أن ذلك فيه اتزان وحكمه للجمع ما بين المصلحه والفائده محافظين على خصوصيات وحرمات الجميع , وكانت هذه الشجره خَضِرَه ذات ظلال وارفه أعرفها جيدا وزرتها مؤخرا , ونظرت للتراب والحجر الذي حولها , وكم تأملتها علها تعيد لنا ذكريات وأيام حملت مزيج من الحب والالم والحزن والفرح , واختلط الانتصار بالانكسار وكيف أن السنين مرت سريعا ولم تنتظر . شاننا شأن كثير من الناس نحتاج الى غذاء يسهل خزنه دون تلف ويكون حجمه مناسبا للسكن, حيث كانت الوالده رحمها الله قد أحضرت معها حين خروجها يوم النكسه ما كان في بيتها ويسهل حمله مثل الجبنه النابلسيه وقامت بشراء ما يحتاجه الفلسطيني بكل أرض - الزيت والزعتر -وبعض من الدقيق وأداة للخبز تسمى ( الصاج ) يتم اشعال الحطب من تحته لتأكل خبزا شهيا طالما تمناه كثير من الناس دون حرب أو تشريد . الا أن الدقيق غير متوفر بكثرة في القريه , ذلك أن موعد الحصاد لم يكن قد بدأ بعد , وأصبح يشح وعليه طلب شديد , فتحرك جدي في اليوم الثالت خارج القريه باحثا عن أي دقيق حيث سمع ان هناك في قرية تسمى (عنبتا) وهي تقع على الشارع الرئيسي الذي يربط مدينة طولكرم بنابلس وهي أقرب الى طولكرم , فقرر ان يأخذ أحد أحفاده معه , فاختار أخي الكبير حفظه الله وكنت وددت لو رافقتهم , وركبا على الدابه ليسيرا قرابة 10 كم من خلال جبال وأوديه علهم يأتون بدقيق لمن يحتاج . وهنا حدثت المفاجأة التي أسعدت جدي قليلا , فقد شاهدا مجموعه من الدبابات العسكريه وناقلات الجند قادمون من قرية دير شرف القريبه من مدينة نابلس باتجاه الغرب الى مدينة طولكرم , فأخذ جدي يهتف وكل من معه مرحى بقواتنا العربيه القادمه من الشرق الى الغرب لتحرير الأرض وعزة الانسان ورفعته والمحافظة على العرض , ورد الجنود التحيه - وكانت الانتكاسه الكبرى - ولكنها كانت باللغة العبرية , فكان هؤلاء هم جند يهود قادمون بعدما سقطت الأرض كل الأرض ومن آخر المدن التي سقطت هي أقربها للحدود . أؤكد إن من يملك القرار لا يعرف ومن يعرف لا يملك القرار, ليعرف كل من في الأرض أن هناك شعب يستحق الحياة . مهلاً تستطيع شرب القهوة Dr.mansour_sal@yahoo.com

د. منصور سلامة

الارض المقدسه -  طولكرم

Dr.mansour_sal@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved