بدأً بإهدائه غير الملتبس للقمر الهادي في ظلام الليل والمُشارك أحزان الجميع وإنتهاءاً بالوحش الذي تومض عيناه في الظلام ـ أيضاً ـ والمطبق بأسنانه القوية على شفتي الجندي المزروع في قبر جماعي .. يقدم لنا القاص(عبد الرضا المادح) مجموعته القصصية الثانية (أحزان القمر) وهي من منشورات وزارة الثقافة العراقية/ دائرة العلاقات الثقافية العامةـ المركز الثقافي العراقي في السويد.
إرتأيت أن أوزع قصص المجموعة كما العنوان، ففي رحلة الحرب: عن الوطن الذي يعتري أهله الخوف والحزن وسلطة (حزب، جيش، شرطة، قوى أمن، مرتزقة، سماسرة ألخ..)
تجسيد لحيوات عاشها ويعيشها شعب منكود الحظ ووطن مُذَل!، شعبٌ يرى موته في عينيه، مدنه تتهدم وكنوزه تضيع، وطنٌ يختلط رماد كنائسه العتيقة مع بقايا حجارة منائره المحترقة ،فمنذ أن خرج ذلك المسخ[...وانطلق في صولة جديدة في أزقة المحلة يبحث عن فرائسه، ليزجها في الجيش الشعبي "دفاعا عن الوطن والقاشد الضرورة"]2، وحتى التساءل المشروع للجندي المزروع في هذه الجهة المجهولة:
[ـ هل ما أزال في الخندق الأمامي، أين المدفع... أين طاقمه...هل هرب الجميع وتركوني وحيداً!؟.] ما أشبه الليلة بالبارحة!.
إنها الحرب التي كسرت كل شيء، الحرب التي تجلد بسياطها الدموية الأنسان والأرض، حيث الخوذ تتدحرج بين جثث بلا أسماء والموت الذي يقتنص الأجساد الهزيلة.
[ ظهرت أمام عينيه كتلة معدنية رملية اللون، شكلها نصف الكروي المجوف أبعد عنه الشك بأنها لغم.]مومياءه التي إنغرز فيها تاريخ عوقه، وبعد أن ظهر عليها رقمه [ علقها على الجدار فوق سريره وغط في أحلا مه المشوهة].
أما إستراحة المحارب فكانت قصّتي ( أدلر والقمر) و همسات على نهر الفولغا)، ففي عز الصيف الحارق في بصرته يستيقظ بعيدأ عن جنته بحدائقها الغنّاء وأضواء مصابيح زهرة اللوتس حيث [ أريج الورد يسكر الفراشات المتكأة على وريقاتها]،
[ ست بنايات كبيرة تطل على البحر الأسود، متشابهة متوازية تفصل بينها جنائن تجري من تحتها السواقي العذبة]وتحت السقف نفسه تتحرك مثل التوأم قصة (همسات على نهر الفولغا) فمع الموسيقى الكلاسيكية الهادئة والمراكب السياحية والعيون الزرق والرقص حتى التعب،[ طوّق صدرها بذراعيه بحثاً عن الدفء، فتأوهت وهمست في إذنه بكلمات رقيقة:
ـ موعدنا المساء.].
وما بينهما تلك قصصه القصيرة جداً، صور من الحياة التي نحياها، قوس قزح بادي وأحياناً محجوب بشخوصها الحزينة والمعزولة وبعضها على شيء من الجنون،يعتريها الخوف والألم النافذ وسط عناصر وطن هائج ونظام غير قادر على مساعدتها وإسعادها.[ (غَفلة) قررت قبّرة أن تبني عشّها في حفرة عميقة نسبياً بعيدة عن أنظار المفترسين، ولم تدرك إنها وكرٌ لثعلب].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ عرض للمجموعة القصصية أحزان القمر للقاص عبد الرضا المادح، دارالنشر: فيشون ميديا ـ السويد ـ فكشو، التخطيطات الداخلية: للفنان طاهر حبيب، لوحة الغلاف: للفنان أياد صادق
تصميم الغلاف: عبد الرضا المادح
الطبعة الأولى:2013
2 ـ العبارات بين الأقواس المستطيلة مأخوذة من قصص المجموعة.