
أتدري؟ ! كمْ من الآثام اقترفتَ بحق هذا الشاب النبيل ؟!.. رصدتَه منذ أتى الى هذه البلاد قاطعاً الطرق البعيدة ومغامراً بحياته لأجل حريته وكرامته، ولطموحه الشريف والمشروع ان لا تذهب حياته ومواهبه سدىً بطلقة قناص أو قذيفة طائرة أو قنبلة مدفع في حرب عبثية، أو جراء وشاية مخبر وأحقاد سجّان .. كم كان سعيداً بانجازه، فرحاً بانتصاره على الشر، ومسروراً بنيله الحرية وهو يعبر مطارات وأجواء وحدود دول بدون جواز أو بجواز سفر لا يعود له فقد كان ممنوعاً من السفر في بلده، بل مُنع في بعض الأحيان من التحرك بين مدينة ومدينة من مدن وطنه .. أتى الى هنا، نعم، نجح رغم كل شيء في اجتياز حدود تتوجس حتى الطيور في ذاك الزمان من اجتيازها واذا بك هنا تحمل كل صفات الدكتاتور القديم بل وأكثر قبحاً وخِسة : لديك مخبروك وعسسك وجلاوزتك .. لديك كلابك وذئابك .. لديك مهرجوك وبهلواناتك ودُماك ومسرح عرائسك، والمدراء الذين تربطهم من أنوفهم ورؤوسهم بخيط تحركه مثلما تشاء، أيان تشاء ومتى تشاء بينما الجميع منهم مذعن الى حركات يديك الخبيثة الرشيقة .. لديك عاهرات وقوّادون يعهرون ويقودون في أي وقت تريد، لديك سماسرة ومرتزقة وصيارفة، ولديك نياشين ومكافآت وجوائزُ وخلعٌ وألقابٌ تمنحها وتخلعها على زبانيتك وعملائك، وهيهات ان يكون هذا الشاب النبيل من بينهم فهو شاعر وصاحب ضمير ومحب لوطنه وشعبه والأنسان والعالَم .. تفوَّقَ في كل مجال سعى فيه وكل حقل خاض غماره ونال اعجاب الناس في هذا البلد الذي تعلم لغته واتقنها مثل أهلها في بضعة شهور وبدأ يكتب فيها أدباً وأشعاراً يحسده عليها أبناء البلد الموهوبون، ولأنه عذب الكلام، جريء الخطى ووسيم الطلعة فقد حاز على قلوب فاتنات كثيرات من هذه البلاد ووما جاورها كنَّ يفدنَ الى امسياته الأدبية فتمتليء القاعة بسحر الجمال وألق العيون وعطور الشعور، بينما أنت تتهيأ في كل مرّة لنسف كل هذا لاعباً معه لعبة الحيّة والدرج، فمارست بامتياز دور الحاوي بينما أفاعيك هم من الحاسدين والحاقدين والفاشلين ومن بينهم وياللأسف من أبناء بلد هذا الشاب الذي أقسمت ان تدمر كل مشاريعه وتحرمه من كل شيء يحب ومن كل منزلة يستحق وكل مهنة يهوى، وفي كل يوم توعز الى أقزامك الذين نصبتهم في مواقع الرياسة بازعاجه والتضييق عليه وسدِّ منافذ رزقه حتى أصبح أمرُ ملاحقتك له فضيحةً علمَ بها الماضي والحاضر والثابت والعابر، وأنت لا تتزحزح عن قرارك في تدمير كيانه ليستمر كيانك القميء وجور سلطتك معتقداً انك تدافع بهذا عن أبناء جلدتك وتابعي سلالتك الذين تعتقد بدون وجه حق انهم الأسمى والأفضل.. في كل مكان لك جاسوس فهناك البروفسور في الأكاديمية الذي نصبته رئيس قسم وهناك سكرتيرته والمشرفة على عمل سكرتيراته وهناك المسؤول عن القسم الثقافي أو الأدبي ورئيس المهرجان وهناك مقدِّم البرنامج وثمّة رئيس تحرير الجريدة او المجلة وهناك رئيس دائرة العمل والطراطير الصغار المتحلقين حوله ، والكل يسبحون في فلكك !! وهكذا هي لعبتك مع من تسخط عليه : تقتلعه من أماكن اختصاصه وتفوقه وترسله فاقداً للعمل الى دائرة العمل التي يشرف عليها في الحقيقة خدمك وجواسيسك أيها المدمن على التجسس على كل من ينتصر للشعوب التي تريد أنت ترويضها أو محقها، والأوطان التي تريد السيطرة عليها أو تدميرها دون ان تفكر يوماً بوازعٍ من ضمير ان هؤلاء بشرٌ مثلك لهم حق الحياة والابداع والرفاه والحرية والكرامة وحق ابداء الرأي أيها الباحث عن المرضى والشواذ والخونة والحاقدين والمنفصمين ليكونوا في عونك في مساعيك الشريرة ، أيها الأناني المريض الحاقد الشرير، ويا عدو كل مبدع حر نبيل يضع الانسان في قلبه .. ألعار ، كل العار لك ان كنت أنت هذا .. ولكن هذا هو أنت وهذا كيانك وعن قريب ستسعى لمنع ومحاكمة كل من يرفع صوته ضد استبدادك وظلمك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة .. مكان وزمان كتابة هذا النص ـ برلين في يوم 16 أب من 2018