رسائل من الساحل الشرقي/ 3 ـ الى الشهيد شهاب التميمي

2015-02-24

ايها العزيز شهاب التميمي :  

اي حديث اليك او معك ، ولو كان بصدد نقابتنا العتيدة ، فإنه يتخذ مسارات شتى ، ويعوج على ذكريات لا نهاية لحافاتها . لأننا كنا في عين التنورـ ولا نزال ـ نحلم بوضع يهيء لزملائنا حملة القلم ، مهما تباينت آراؤنا وأعراقنا وثقافاتنا ، الوضع الافضل لممارسة دورنا الأخلاقي والمهني .

  

ابا ربيع العزيز:

يحضر امامي ـ الآن ـ سجل باسماء الزميلات والزملاء الذين قضوا شهداء وهم يؤدون رسالتهم المهنية والاخلاقية منذ ثماني سنوات . فتعود بي الذاكرة الى قامات زملاء آخرين من حملة القلم والفكر ، غيلوا ظلما وعدوانا في عقود النصف الثاني من القرن المنصرف ، فيتأكد لدي ان الشهيد منا هو ذبيحة العراق اولا واخيرا .

ولذلك تراني اليوم ، اقف مع نقابتنا العتيدة ، ومع زملائنا جميعا ، بل حتى مع الذين لم يفوزوا في انتخابات الدورة الاخيرة . فانت تعرف انني كنت انادي بالحرية الحقيقية ، لا بالحرية المعلبة . وادعو الى الديموقراطية الحقيقية ، لا الى الديموقراطية المركزية المزعومة، في اشد الايام ضراوة، واكثر الامكنة بؤسا : سجون العراق وازمنتها !

الحرية والديموقراطية خيارنا الذي لن نتراجع عنه، اخي العزيز ابا ربيع .

العزيز ابا ربيع :

ومن اجل هذا الخيار، وعلى طريقه ، قدمت حياتك. وعلى هذا السبيل سنمضي جميعا، نحن الذين اخترنا حرية الكلمة ، وحرية الضمير ، وحرية انتقال المعلومة، وإستقلال السلطة الرابعة، باعتبارها دليلنا الى بناء الوطن الذي حلمنا به ـ ولا نزال ـ .

  

العزيز ابا ربيع :

انت عرفت ـ وقبلي ايضا ـ انني استعدت بطاقة عضويتي في نقابتنا العتيدة، برغبة شخصية مني ، وبجهد مشكور من الزميل الكريم مؤيد اللامي ، نقيب الصحفيين العراقيين ، ومعه مباركة اعضاء مجلس النقابة جميعا . وهذا ما افرحني كثيرا ، وهيأ لي ان اخاطبك ، واخاطب الجسم الصحافي العراقي من خلالك ايضا ، لأقول اننا في وارد ان نبلور ممارسة حقيقية للحرية والديموقراطية على صعيد عملنا النقابي .

 ان بيننا الان شباب جدد ، وكهول من اصحاب الخبرة والتجربة ، لا يحتاجون الى " رعاية ابوية " من هذا " الاب العاري " او تلك المنظمة السياسية التي اكدت التجارب المريرة انها خذلت شعبنا في اكثر الظروف العراقية حاجة الى الراي السديد والحكمة المرجوة .

ومن اولى علامات هذه الممارسة الحقيقية للحرية والديموقراطية، تداول قيادة النقابة ، وتمثيل الجسم الصحفي العراقي في المحافل العربية والإقليمية والعالمية ، بالأختيار الحر ، والإقتناع والإقناع ، وقبول نتائج الصندوق ، وان تحترم الأقلية الاكترية ، وتعمل الاكثرية على تنفيذ اهم متطلبات الاقلية .

بل ، اسمح لنفسي فاقول هنا ، بمزيد من القناعة والإقتناع ، ان على زملائنا في مجلسنا الحالي، العمل من دون اي كلل او تهاون ، لتلبية رزمة المنطلقات والافكار والمطالب التي نادى بها الفريق الذي لم ينل شرف تمثيل الصحافيين العراقيين كافة . لأن هذا هو التحدي الذي نواجهه في المجلس الحالي او القادم على حد سواء ، بصرف النظر عن نتائج الصندوق في الدورة المقبلة .

  

ابا ربيع العزيز :

نحن عند اعتاب دورة انتخابية جديدة . ولسوف احمل جسدي المريض ، ولو على كرسي متحرك ، لأكون بين زملائي في تلك الايام الجميلة المقبلة، حيث سأدلي برايي ، واقول قناعتي ، بعلانية وطهرانية وعقلانية، لكي تتبلور اكثر فاكثر قناعاتنا جميعا في الإختلاف الحر البناء، ونتبارى كلنا مع انفسنا ، قبل ان نتبارى مع غيرنا ، في طرح اكثر الآراء جذرية وجدية وفاعلية ، لما من شانه ترشيد العمل النقابي والمهني في البلاد .

اليس حملة الاقلام ، هم الاجدر بهذه المهمة ؟

اليس " نقابة الشهداء " الاكثر مصداقية في محاولة ترميم الخراب الذي حل بنا ـ ونعيشه اليوم ايضا ـ في العهود الماضية ؟

  

العزيز شهاب :

ان وحدتنا النقابية لا تعول على توجه حزبي معين . وهي ليست قرينة توجيه كتلوي ، او طائفي ، او مناطقي .

 وحدتنا هي نحن الذين جربنا العهود السابقة ، وخبرنا الخراب الذي يحيق بنا الآن . وحدتنا هي التزامنا قيم الخير والحق والعدل والجمال والمسؤولية ، التي لا نزال نتقدم نحو حافاتها البعيدة ، ولكن بعناد الذين لا يعلون اي عال على علو حرية القول والضمير والإختيار الحر .

وتتعزز هذه الوحدة بالنقد الاخوي ، والشفافية ، والطهرانية ، والعلانية في طرح الاختلافات  .

 هذا النقد الذي يعتمد البناء على المنجز السابق ، ويقدم البديل الاكثر مصداقية.

 فعلى هذا الطريق نمارس تطوير عملنا النقابي ، ونيني اختياراتنا الاخلاقية والوطنية .

  

اخي ابا ربيع :

في حضرتك ، ومعك كوكبة الشهداء والشهيدات  من ناس نقابتنا العتيدة ، لا مجال الا لقول الحقيقة. ولا طريق اخلاقيا مجربا الا طريق الترفع عن الصغائر ، لينفتح امامنا طريق التصالح مع ذواتنا وزملائنا . فبهذه الاختيارات ـ والاختبارات كذلك ـ نبني الآمال الكبيرة التي لا تزال تنتظر منا الكثير نحن الذن إكتهلنا على طريقها ، بينما يتصدى لتحديها الشباب العراقي في جسمنا الصحفي .

الم تقدم حياتك على هذا الطريق ؟

وإذ اخاطبك اليوم، اسما وكيانا معرفيا واخلاقيا ، فإنني اخاطب عبرك كل شهداء الصحافة العراقية، ومعهم شهداء الحرية والكرامة الوطنية في العراق . لأدعو نفسي اولا ، وبعد ذلك اخوتي وابنائي الشباب، الى ان نضع اكتافنا كتفا بجانب الكتف الأخرى ، من اجل ان نصون اسم الصحفي العراقي ، ونحترم تاريخنا المهني والنقابي ، ونقدم تجربة غنية بالعبر والدروس والامثولات ، لمسرة العمل النقابي والمهني في عراقنا .

  

اخي شهابا :

اغتنم هذه الفرصة العزيزة على قلبي، لأتوجه بشكري الجزيل الى الزميل النقيب، ومجلس النقابة العتيدة ، على كل ما قدموه لي من تضامن معنوي في محنتي الصحية التي تلازمني الان ، وانا اكتب اليك هذه الكلمات التي لا اخال انك تعرف مصدرها .

  

                 ...... وسلمت نقابتنا ، ويسلم الوطن .

  


 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved