( رائدات المسرح العراقي )

2017-10-01
زكيه خليفه، من السجن الى تحريض وتوعية الفلاحين بواسطة المسرح بعد عام 1958
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/a2ebf357-abae-4f51-8d6d-76dfba6a8d03.jpeg  
 
رائدة في المسرح، لكنها مختلفه، فهي سياسيه بالاساس ‘ ومدافعه عن حقوق المرأه، ومارست الفن المسرحي بعد ثورة تموز 1958 كسلاح سياسي للتوعيه والتحريض . فهي قبل كل شيء من المناضلات المعروفات التي قضت عشرة اعوام في السجن،  ولم يطلق سراحها الا بعد ثورة تموز 1958 .

منذ نعومة اظفارها وهي لصيقه العمل السياسي السري، اخوها مجيد خليفه احد قياديي التنظيمات الفلاحيه في الحزب الشيوعي، ومن مؤسسى اوائل الجمعيات الفلاحيه في العراق بعد ان اطلق سراحها من السجن بعد ثورة 14 تموز 1958 مع بقيه من كان سجينا سياسيا منذ العهد الملكي، اصبحت كادرا متقدما في الحزب لمنطقة بغداد، وعملت في وزارة الاصلاح الزراعي، التي اخذت على عاتقها مهمات خطيره في بداية الثوره وهي تقليم اظافر كبار الاقطاعيين من الاراضي الواسعه التي كانت بحوزتهم، والتي استعبدوا بواسطتها الفلاحين الفقراء، ويحدد لهم المساحات المسموح لهم الاحتفاض بها .

خرجت الى الارياف في حملات توعيه وتثقيف بقانون الاصلاح الزراعي ‘ بين الفلاحين، واشتركت بنشاط في الحملات التحريضيه الاعلاميه التي شنت آنذاك ضد النظام الاقطاعي، وحماية النظام الجمهوري وضد امراض والتخلف والجهل والاميه، وتوعيه مباشره بالقوانيين الجديده باعمال فنيه من خلال فرق مسرحيه كانت تابعه للجمعيات الفلاحيه، وكانت تتجول وتتنقل معهم بين القرى والارياف .

مازالت تمثيلية ( غيده وحمد ) الاذاعيه التي كتبها زاهد محمد، ومثلتها زكيه خليفه، وغنتها وحيده خليل، طريه في ذاكرة جيل الستينات كأحسن عمل اذاعي قدم آنذاك .

وعندما حدث انقلاب شباط 1963 كانت في الخارج، ولم تعد الى العراق من بلغاريا الا بعد عام 1968، انتمت بعد عودتها الى فرقة المسرح الفني الحديث، وعملت في نفس الوقت في المسرح الفلاحي المتنقل، حتى عام 1997 حيث، انقطعت بعدها، وانزوت، ولم تترك العراق رغم المضايقات التي تعرضت لها .

اهم اعمالها في المسرح ( النخله والجيران ) و( البستوكه ) ومسرحيات اخرى .

نخلص من هذا الفصل . ان تأسيس قسم المسرح في معهد الفنون الجميله عام 1940، وحتى عام 1959 فشل في ان يجذب الى صفوفه للدراسه العنصر النسائي من الطالبات، والاسباب يمكن تحديدها بما يلي .

اولا :- تتعلق بالنظره الاجتماعيه التي كانت سائده عن المسرح والرافضه له كدخيل ثقافي جديد مفبرك من الغرب الكافر بالقيم والعادات الاسلاميه .

ثانيا :- تقاليد المجتمع الرجولي في التعامل مع المرأه التي كانت تصادر حريتها الشخصيه وإرادتها في تقرير شؤونها ومصيرها لصالح الرجل .

ثالثا :- ساعد في تعميق الهوه بين المرأه والمسرح ماكان شائعا من اقتصاره على نوع معين فقط من النساء اللواتي صعدن على خشبته ( الممثله الارتيست )، الاجنبيه في الغالب، ( من سوريا ولبنان )، أوالعراقيات من لا أصل اجتماعي واضح لهن، من المنبوذات .

والمرأه التي هي من غير هذه الشريحه المذكوره، والتي تجرأت وصعدت خشبة المسرح بدون علم اهلها، حتى اذا كان هذا المسرح مدرسيا، او في فرقه جاده معروفه بالاستقامه الاجتماعيه والرصانه، كانت تردع بقوه وتمنع من المواصله بعد العرض الاول، واحيانا قبل ان تصعد المسرح، من قبل عائلتها وعشيرتها، خشية الفضيحه ودرءا للعار الاجتماعي الذي قد يلحق بهم .

ومن استطاعت ان تكسر هذه التقاليد من الرائدات الاوائل، من اللواتي استمررن في الدرب منذ جيل اواسط الخمسينات المسرحي وما قبلها بقليل، كان لهن دائما ظهير من الذكور المتفهمين والمتفتحين في العائله ساندتهم ودافعت عن مسيرتهم التي ظلت صعبه وقاسيه الى النهايه .

يضاف الى اهمية فعل الافكار السياسيه الثوريه المناصره للحريه والتقدم الاجتماعي التي كانت موجوده ومؤثره في محيط وداخل عائلة ( الرائده المسرحي ) ، والتي شكلت هذه الافكار قوه كبيره داعمه لهن في تحديهم الاجتماعي الصعب . 

ان تغير تركيبة الطلبه من حيث الجنس في معهد الفنون الجميله بعد عام 1959، لم يكن بسبب دخول آزادوهي اليه وكسرها للحواجز المعيقه فقط، بل يعود بالاساس الى الوضع الثوري والديمقراطي الحقيقي الذي ساد المجتمع العراقي بعد 14 تموز 1958 والذي شجعها على ان تقدم على خطوتها .

هذا الوضع الذي عصف بشده بقواعد المجتمع القديم وهز مفاهيمه الباليه التي لم تعد تصلح كأطار للعراق الجديد. كل شيء كان في حالة انطلاق وحركه عنيفه في السنه الاولى والثانيه من الثوره .

وقد استفادت المرأه من فسحة الحريه والديمقراطيه آنذاك استفاده كبيره، بأعتبارها كانت من اكثر الشرائح التي ألحق بها الظلم والتهمبش والضرر في المجتمع وعلى مدى قرون من تسلط الرجل في ظل النظام والعادات الاقطاعيه الطويله .

في ذلك اليوم مزقت العباءه من على رأسها وانطلقت من القمقم، وانخرطت بأيجابيه في حياة المشاركه العامه، في العمل في المعامل والمصانع ودوائر الدوله جنبا الى جنب مع الرجل، وحملت السلاح دفاعا عن الثوره والوضع الجمهوري، وأجبرت بنضالاتها المطلبيه من اجل نيل حقوقها المسلوبه على سن قانون متقدم للاحوال المدنيه، يكفل لها حقوقها ويقارب ان يساويها بالرجل، وانخرطن في مدارس محو الاميه، وصعدن طالبات المدارس والشابات والنساء لاول مره على خشبات مسارح النقابات والطلبه والشباب ورابطة النساء والجمعيات الفلاحيه والنوادي الرياضيه، يدبكن ويرقصن ويغنين ويمثلن الادوار المختلفه في مسرحيات مهرجانيه حاشده بدون حرج او موانع جديه، وانتمين في هذه الفتره بحريه اكبر الى الفرق المسرحيه الاهليه التي كانت تعمل .

لقد تدفقت بعد تموز 1958 وما قبلها بقليل، الكثير من العناصر النسائيه للعمل في الفرق المسرحيه التي كانت موجودة، منهن من انقطعن، ومنهن من واصل، نذكر نجاة رشاد، واختيها اقبال ونصر، وشقيقة زكيه خليفه سعدية الزيدي، وخوله عبد الرحمن، ونضال وانوار( اخوات )، وفوزيه عارف وامل الدامرجي وامل كاظم وافراح عباس وابتسام حسون فريد، وسليمه خضير، ووهيبه، ونبيله، وفاطمه الربيعي، ووداد سالم، وسعاد عبدالله، نضال عبدالكريم ونوريه وجانيت يوسف ( اخوات ) وسميرة وأفلين، ...الخ.

ان الثورة ومباديء ثورة تموز 1958 لم تغير نمط الحكم السياسي فقط، بل غيرت ايضا اعماق الشخص العراقي، وعي وضمير وطريقة تفكير الفرد العراقي في المجتمع .
لطيف حسن
latif@webspeed.dk

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved