لم تكن حكايات شهرزاد بريئة، ولا شفافة، إنما حكايات اعتبارية ونفسية تمكنت بها شهرزاد أن تشفي شهريار من عصابيته المرضية القائلة بخيانة
جنس النساء، ثم قتلهن قبيل بزوغ الشمس، لئلا يتاح لهن مخالطة أحد ، فالعذرية دليل الإخلاص ، وباقتراعها تنزلق المرأة إلى الخيانة، وعليه ينبغي حمايتها بقتلها قبيل الشروق، فلا ضامن للحفاظ على طهارتها غير الإجهاز عليها عند الفجر. هذا منطق أبوي ذكوري شديد الفاعلية في وسط المجتمع التقليدي وكان له تأثير كاسح في الأدب العربي القديم والحديث، ووجد ذروة تجلياته في "ألف ليلة وليلة". لم تفلح شهرزاد - وهي تقايض الحياة بالسرد - في شفاء الملك من عصابيته القاتلة، فحسب، وإنما حببته بجنس النساء، وعاشت معه ألف ليلة وأنجبا ثلاثة أبناء، وفي النهاية شُفي المريض من علته، واعترف بخطئه، وقبل شهرزاد زوجة له وأماً لأطفاله، وبقيا معاً إلى أن جاء هادم اللذات، ومفرق الجماعات. "ألف ليلة وليلة" عالم أسطوري ساحر، وهي بالإضافة إلى ذلك، إنجاز أدبي ضخم قدره الغربيون فترجموه إلى لغاتهم، وأمعنوا فيه دراسة وتحليلا. حتى تحولت الليالي إلى وحي لفنانين كثيرين أخصبت خيالهم إلى حد الإبداع، فظهر ذلك في أعمالهم الروائية والمسرحية والشعرية والموسيقية وغيرها . لم تحتمل الثقافة الرسمية عندنا و لا حتى الكتل البرلمانية ، و هذا ما ينبغي ، حكايات ألف ليلة وليلة، وعدّتها غثة، وباردة، ومخجلة، وغير لائقة و لا تنسجم مع تطلعات و مفاهيم العراق الديمقراطي الجديد ، و لا أن تكون لصيقة بالكيان السامي للمرأة و طمس حقوقها في ال (كوتة) التي تستحقها وفق الدستور .. إن السيف الذي كان مسلطا ً على المرأة (المهضومة) قد ولى إلى غير رجعة . و اليوم إذ لا يسعف حال الكتل البرلمانية أيّ صوت يهادن في طمس الحقوق التي ضمنها الدستور أو تمييع بنود الدستور لصالح (فحولة) النواب ، فلن يمر كلام و وعود (الليل) سلامات عند صباحات (صفية السهيل) و أخواتها في مجلس البرلمان ، فكوتة النساء لا تقل صراخا ً عن مسألة كركوك !!