عاش الملك الإست/ قصة ساخرة

2017-06-20
في عصر أحد الأيام، وعلى غير العادة... حدثت حركة حول سرير محمد ابو هزاع هواش، في ساعات كان من المفروض ان يقضيها نائما . استيقظ غاضبا رغم ان أهل البيت أعدوا لاستيقاظه استقبالا يليق بمكانته . اذ اعدوا القهوة  وقرص الكعك، وشراب الليمون، أجال هواش ببصره في وجوه أهل البيت وسألهم بدون مقدمات : 
- هل تعرفون من هو الملك الحقيقي في البيت ؟
 - أنت هو الملك.. أنت سيدنا !!
 كان الرد جماعيا وبصوت واحد. لكنه لم يهتز ولم يتأثر . فهو يعرف مكانته . قال لهم مستاء :
 - السؤال ليس شخصيا يا أغبياء 
- إذن ما القصد يا سيدنا ؟ 
- قصدي من هو الملك في أجسادنا ؟ 
- الملك هو أنت.. لديك ما يكثر عددنا !! 
ضحك بسعادة مما خفف وطأة التوتر وعلت الابتسامات الفرحة على وجوه أبناء البيت، تأملهم لبرهة ثم  أضاف :
 - يا نسواني اللواتي لا تنفعن إلا للركوب والتنظيف وإعداد الطعام، في جسم كل منا، ذكور وإناث لا فرق، ملك لا يمكن معارضته .
 - هل يوجد ملك غيرك يا سيدنا؟ 
- انتن قليلات عقل وقليلات دين.. ليس هذا هو السؤال . قالت الزوجة الكبرى :
 - كيف يجوز ذلك .. لم نسمع ان بين النساء العربيات ملكات ؟ 
- سأشرح الموضوع ... لكل مخلوق ذكر أو أنثى.. رأس فيه عقل .. وفيه عينان وفيه فم وأنف وكلها حيوية لكل واحد منا.. ولكل منا قلب ينبض، ورئات تضخ الهواء ومعدة تهضم واست تفرغ ... فمن هو الملك من بين الأعضاء التي ذكرتها؟ وتعالت الإجابات بحماس : 
- الرأس هو الملك 
- العقل..
 - القلب..
 - لا العينان.. 
- بل الرئتين .. 
أجاب الهواش بغضب : 
- كفى.. الإست هي الملك !!
 - انه أقذر عضو فينا يا سيدنا ؟ 
- وهي الملك !! 
- كيف يمكن أن نقبل بذلك .. نرفض ان نعترف بالإست القذرة ملكا .
 - لنفرض انه الآن وقت الطعام .. أجسامكم تحتاج للطعام . قلبكم لا دخل له .. ينبض بالحياة .. ورغم قيمته العليا في الجسم ، إلا انه ليس الملك، المعدة تتلقى ما تلتهمون .. وتهضمه .. تأخذ ما يفيد أجسامكم .. وماذا بعد ؟! 
- الإست تخرج الفضلات !! 
- لنفرض أن الإست أضربت ولن تخرج الفضلات ؟
 - لا يمكن .. سننفجر !! 
- إذن الإست لن تخرج الفضلات حتى تحصل على اعترافكم أنها الملك !
 ساد الصمت .
 - لماذا سيطر الصمت ؟ 
- الإست القذرة؟... هذا غير معقول ؟!..
 - هل باستطاعتكن الصوم لكل الحياة .. لا يمكن .. ستأكلون، لكن الإست أغلقت بابها بالمفتاح ولن تخرج حتى حبة رمل.. إلا بعد ان تعترفوا أنها الملك ... ما العمل ؟
 أجابوا بأصوات مهمومة ومتألمة : 
- سنعترف صاغرين انها الملك رغم قذارتها .. !! 
- وأنا إست هذا البيت .. هل تفهمون معنى كلامي الآن ؟ 
وانطلقت الدبكة بمشاركة النساء والأولاد : 
- عاش الإست .. عاش الملك هواش!!
nabiloudeh@gmail.com

نبيل عودة

 
- ولد في مدينة الناصرة (فلسطين 48) عام 1947.
درس الفلسفة والعلوم السياسية في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو .
كتب ونشر القصص القصيرة منذ عام 1962.
عمل نائبا لرئيس تحرير صحيفة " الأهالي 
شارك سالم جبران باصدار وتحرير مجلة "المستقبل" الثقافية الفكرية، منذ تشرين أول 2010
استلم رئاسة تحرير جريدة " المساء" اليومية .
يحرر الآن صحيفة يومية "عرب بوست".
من منشوراته : 1- نهاية الزمن العاقر (قصص عن انتفاضة الحجارة) 1988 2-يوميات الفلسطيني الذي لم يعد تائها ( بانوراما قصصية فلسطينية ) 1990 3-حازم يعود هذا المساء - حكاية سيزيف الفلسطيني (رواية) 1994 4 – المستحيل ( رواية ) 1995 5- الملح الفاسد ( مسرحية )2001 6 – بين نقد الفكر وفكر النقد ( نقد ادبي وفكري ) 2001 7 – امرأة بالطرف الآخر ( رواية ) 2001 8- الانطلاقة ( نقد ادبي ومراجعات ثقافية )2002 9 – الشيطان الذي في نفسي ( يشمل ثلاث مجموعات قصصية ) 2002 10- نبيل عودة يروي قصص الديوك (دار انهار) كتاب الكتروني في الانترنت 11- انتفاضة – مجموعة قصص – (اتحاد كتاب الانترنت المغاربية)  

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved