انها حالة ( ليس لها علاقة بالأرنب لا من قريب ولا من بعيد، كما ليس لها علاقة بوحام الحامل )، تؤلم الوالدين ويتفاجئان بحصولها ولكنهما يتركان القلق حالما يتعايشان مع الحالة ويطمأنان من العلاج المضمون بعد ان يشرح الأطباء لهما الإجراءات المطلوبة . فشفة الأرنب هو عيب من العيوب الخَلقية تحصل بنسبة حالة واحدة من بين 750– 1000 ولادة وهي ثاني العيوب في تسلسل التشوهات الخلقية، وتصيب الذكور أكثر من الإناث .
المتعارف أو الشائع تسمى شق الشفّة بـ "شفّة الأرنب"، ولغوياً يطلق عليها "الأشرم"، أما إذا حصل معها شق سقف الفم فيطلق على الحالة بالـ "الأخنف".
يتشكل الوجه داخل الرحم خلال الأسابيع الأربع الأولى من الحمل حيث يظهر نتوءان جانبيان وآخر في المنتصف ( وتسمى بالنتوءات الأم )، تنمو هذه النتوءات تدريجيا حتى تلتقي وتلتصق مع بعضها مشكلة الشفة العليا والأنف، يتبع ذلك تكوين سقف الحلق بطريقة مماثلة، وأن أي خلل في آلية التقاء هذه النتوءات او فشل الاندماج أثناء المراحل الجنينية، يتسبب بحصول:
1. أما شق الشفة العليا ( أحادي أو ثنائي )
2. أو شق سقف الفم
3. أو كليهما معا
4. أو أحياناً يكون التشوه ممتداً ليشمل اللهاة أيضاً .
حينما يتزامن شق سقف الفم مع شق الشفة فالذي يحصل هو أنتقال الصوت من الفم الى الانف كأنه يتحدث من أنفه، هذا الخلل الجنيني يؤدي الى مجموعة من التلكؤات الفسيولوجية ( الوظيفية ) كالسمع والنطق السليم والبلع وحتى النمو الطبيعي للفك الاعلى والأسنان اضافة الى التأثر النفسي .
الأسباب :ـ
غير معروفة تحديداً ولكن هناك عدة بحوث ودراسات تقول إن الأسباب أما وراثية أو بيئية أو مكتسبة .
الوراثية : تم تحديد بعض الجينات الوراثية التي تحمل هذه الصفة المشوهة والتي تنتقل من الآباء الى الأبناء.
الجنينية/ البيئية : والمقصود بها حصول ( طفرات بالجينات الموجودة على الكروموسومات أثناء انشطار الخلية الملقحة ) .
أما الأسباب المكتسبة يمكن أجمالها بـ :ـ
1. تناول الأم لعلاج الهيدروكورتيزون خلال الأشهر الأولى من الحمل يزيد من احتمالية هذا التشوه .
2. الإكثار من تناول فايتمين A أو بتراكيز عالية، علماً ان تناوله يجب ان يكون تحت الرعاية الطبية . أن هذا الفايتمين يستخدم لمعالجة حب الشباب .
3. التعرض للإشعاع .
4. التدخين وتناول الكحول .
5. تناول أدوية مضادة للصرع خلال فترة الحمل .
6. الادوية المضادة للقلق والأرق كحبوب الفاليوم مثلاً .
7. تزداد احتمالية الإصابة بهذا التشوه في حالات سكر الحمل غير المنتظم وكذلك في حالات الحمى .
8. نقص فولك اسِدْ.
9. بعض ادوية القلب.
وقد تصاحب هذه التشوهات عاهات جسدية أخرى كالعيوب الخلقية في القلب أو بعض المتلازمات المَرَضية .
الشفة المشقوقة تكون في الشفة العليا اما على شكل فجوة صغيرة او قطع لا يمتد للأنف وتسمى الحالة (بالشق الجزئي)، أو أنه يمتد للأنف وتسمى (بالشق الكامل)، والشفة المشقوقة أما من جانب واحد من الوجه (أحادي)، أو من جانبي الوجه (ثنائي).
وهناك يمكن ان يكون عدم التئام طفيف او دقيق ويظهر كندبة من الشفة وحتى فتحة الانف .
اما الحلق المشقوق فيحصل نتيجة عدم التحام سقف الحلق اسفل الجمجمة التي تشكل سقف الفم مع عدم التئام الجزء الرخو من سقف الفم في معظم الحالات وتتلازم الشفة المشقوقة مع الحلق المشقوق والتي تكون فيها فجوة في الفك واللثة او فقط على شكل ثقب في سقف الفم في الجزء الرخو منه .
إن الاتصال المفتوح بين تجويفي الانف والفم يؤدي الى مرور الهواء الى تجويف الانف فيُحدث صدى صوت و( زفير ) من الانف حينما يتحدث اضافة الى حصول اخطاء بالكلمات اثناء النطق حيث يستبدل حرف بأخر.
اما الحلق المشقوق فيؤدي الى مشاكل في التغذية، أضافة الى مشاكل في الأذن والكلام مما يؤثر سلباً في الاندماج الاجتماعي للطفل .
التغذية :
الطفل وأهله يعانون في البدايات، الاّ أن العلم وفر ما يمكن أن يسهّل تغذية الطفل من خلال زجاجة رضاعة خاصة يتم تدريب الام عليها بوضعية جلوس ( مستقيمة ) للطفل وليس بشكل مائل كما هو معروف في حالات الرضاعة الطبيعية .
النطق:
في حالة الشفة المشقوقة فعادة لا توجد مشاكل في النطق وربما يحتاجون الى زيادة ضغط الهواء في الفم لإخراج بعض الأصوات اما في حالة الحلق المشقوق فالمصابون يعانون من مشاكل في الكلام، خصوصاً خروج بعض الحروف والتي يمكن تجاوزها بعد العلاج الجراحي ومن ثم اعادة التأهيل والتدريب على النطق السليم .
التهاب الأذن ومشاكل السمع :
في حالة الشفة المشقوقة لا توجد مشاكل . ولكن اغلب المشاكل التي تصيب الاذن فهي تحصل في حالة الحلق المشقوق وخصوصاً في السنوات الاولى من العمر جراء تجمع السوائل خلف طَبَلة الاذن ويمكن اجراء عملية بسيطة بإدخال انبوب دقيق جداً لتسريب تلك السوائل، هذه المعاناة في الغالب تختفي في سن المراهقة، ولكن في بعض الأحيان يبقى المصاب يعاني من مشاكل في السمع وخروج بعض السوائل من الأذن مما يتطلب مراجعة مستمرة الى طبيب الانف والأذن والحنجرة .
أن إهمال الحالة يؤدي الى ضعف السمع وأحياناً فقدانه مما يعني عملياً عدم تمكن المصاب من تقليد الاصوات وبالتالي عدم تمكنه من نطق ما لا يسمعه .
علامات وأعراض التهاب الاذن لدى الرّضع :
1. البكاء المستمر والصراخ اثناء لمس الاذن .
2. الطفل يحرّك رأسه ولا يهدأ .
3. رفض الرضاعة .
4. ارتفاع درجة حرارة الرضيع .
5. خروج سوائل من الاذن .
مشاكل الاسنان :
المريض يعاني من تأخر وتشوه نمو الفك والأسنان مما يستدعي الى اجراء التقويم لـغرض :
1. اظهارها بالمظهر المتناسق .
2. تساعد على المضغ بشكل افضل .
3. تقلل من احتمالية التنخر ومن اصابة اللثة بالالتهابات .
4. المساعدة في اعادة تأهيل النطق .
ان تقويم الاسنان والعلاجات الخاصة بها يمكن ان تبدأ في مرحلة ظهور الأسنان الدائمية (7– 8) سنوات من العمر، ويحتاج الاهتمام بالأسنان الأمامية والتي غالباً ما تكون مفقودة مع فقدان العظم في تلك المنطقة .
في عمر (8 -9) سنوات يمكن اجراء عمليات الترقيع العظمي للشقوق .
علاج النطق :
ينتج الصوت من خلال آلية اهتزاز الحبال الصوتية جراء مرور الهواء الصاعد من الرئيتين الى الخارج عن طريق فتحة الفم، الاّ أن المصابين بشق سقف الحلق فأن الهواء يتسرب عن طريق فتحة الانف مما يتسبب في مشاكل النطق التي اشرنا اليها .
العلاج الجراحي
تكون في الاشهر الاولى من العمر ولكن هناك مشكلة تواجه الجراحين الا وهي تكرار التهابات المسالك التنفسية للرضيع جراء الحالة نفسها، مما يتطلب من الوالدين الاهتمام الكلي ويحاولان قدر المستطاع المحافظة على الطفل حفاظاً عليه وتحضيراً لأجراء العملية الجراحية . ان العملية الجراحية يشترك فيها فريق عمل متكامل ويكون على رأسهم الجراح التجميلي .
ان التداخل الجراحي لا يقتصر على شكل وجه الطفل وإنما بالدرجة الأساس تأمين أداء وظيفي طبيعي لعملية النطق من خلال غلق سقف الفم خلال السنة الاولى من العمر .
في بعض الحالات يحتاج الطبيب حنك اصطناعي لمساعدة الطفل في تناول طعامه .
الحالة النفسية
التأثيرات النفسية السلبية تعد من الامور في غاية الاهمية ولكن تكاد تكون نادرة بسبب اصلاح تلك التشوهات في وقت مبكر من العمر فيحيا المصابون حياة اجتماعية اعتيادية سليمة، ومع ذلك فهناك بعض الحالات التي يجري إهمالها أو التأخير في العلاج .
ان عدم اصلاح التشوهات في الوقت المناسب قد يؤثر في :
1. بناء شخصية المصاب بناءً طبيعياً في التصرف والسلوك .
2. المهارات الاجتماعية .
3. التلكؤات الوظيفية للأعضاء المتضررة .
أن الحالة تستوجب فتح مراكز طبية متخصصة تؤدي دورها الأهم في تثقيف الأبوين الى جانب العلاجات الجراحية للحالة .