سهير المصادفة تتحدث عن تجربتها مع الإبداع

2008-06-23

له//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/2175c3bf-7a84-4f1d-84a8-ca70498cdb84.jpeg و الأبالسة روايتي الأولى حققت أصداء طيبة أسعدتني


سهير المصادفة، شاعرة وروائية وباحثة ومترجمة مصرية، حصلت على الدكتوراة في الفلسفة عام 1994 من موسكو، عضو في اتحاد كتاب مصر، عملت رئيسًا لتحرير سلسلة كتابات جديدة بالهيئة المصرية العامة للكتاب، والمشرف العام على سلسلة الجوائز بالهيئة، وكانت عضو اللجنة التنفيذية في مشروع مكتبة الأسرة، وعضو اللجنة التحضيرية للنشاط الثقافي في معرض القاهرة الدولي للكتاب. نظمت العديد من الندوات والمحاور الثقافية للنشاط الثقافي المصاحب لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وأسست جناحًا لمناقشة المبدعين الجدد بعنوان إبداعات جديدة ، كما شاركت في هيئة تحرير وترجمة بعض القواميس والموسوعات في مصر مثل: قاموس المسرح، موسوعة المرأة عبر العصور، دائرة المعارف الإسلامية.

من أعمالها :
- هجوم وديع: ديوان شعر. 1997
- فتاة تجرب حتفها: ديوان شعر. 1999
- لهو الأبالسة: رواية، 2003.
- ميس إيجيبت : رواية، 2008.

بعد استقبال الوسط الثقافي لروايتها الأخيرة، كان لنا معها هذا الحوار.

• ما بين الشعر والرواية . هل تختلف طقوس الكتابة عند سهير المصادفة؟

- الشعر هو الجزء الأكبر من الإلهام، ويأتي كاملاً غير منقوص إلا قليلا، والرواية تحتاج إلى دأب وعمل طوال الوقت، كما أنها تحتاج إلى معاشرة طويلة للأحداث والشخصيات، وأحياناً إلى مجهود بحثي في بعض الزوايا التي يستحيل بدون الإحاطة بها كاملة انجاز الرواية. أي أن الرواية تحتاج إلى سنوات، بينما الشعر يأتي مثل شهاب ساطع وواضح، يحتاج إلى العمل عليه قليلا.

والرواية تأخذ الشعر بين جوانحها وهي أكثر تسامحًا عندما تستوعب الشعر كنوع أدبي وكذروة إبداعية يتوق كل المبدعين إلى الوصول إليها، أما الشعر فإنه ينحي ما لا يشبهه خارج فضائه.

وأثناء الكتابة، شعراً كانت أو رواية، لا أقرأ أي أعمال إبداعية مطلقاً؛ الجيدة منها خاصة؛ ذلك أن تأثير وجمال تلك الأعمال يكون قوياً على الكاتب لحظة الكتابة، فعندما أكتب رواية مثلاً، لا أقرأ سوي الكتب العلمية، أما اثناء كتابة الشعر فإنني أميل للاستماع إلى الموسيقي كثيراً، لأن الشعر كما ذكرت لا يحتاج إلى أي طقوس فالقصيدة تكتب نفسها، وبسرعة شديدة جداً. ربما أنظر فيها، أصححها أو أتعرف عليها مرة أخري بالتنقيح أو التعديل، بعد يوم أو اثنين من كتابتها، وإذا تذوقتها كقارئة، احتفظت بها، وإذا لم أشعر بذلك فسعادتي لا توصف وأنا أمزقها.!


• المسؤولية والإبداع طريقان متناقضان .. ما مدي صحة ذلك عند سهير المصادفة؟

- المسؤولية لا أتهمها ولا أحملها فوق طاقتها، ولكن الشخصية العامة كارثة المبدع، وأنا أحاول الابتعاد عن أن أكون شخصية عامة، أما المسؤولية فهي شيء مختلف تماماً، وأنا احترم مسؤوليتي، ونجيب محفوظ هو النموذج المثالي لذلك والقدوة لي فقد ظل مسؤولاً حتى آخر عمره دون أن يؤثر ذلك على إبداعه الذي وصل به إلى العالمية. وقد كنتُ رئيساً لتحرير سلسلة كتابات جديدة، والآن أنا رئيسة تحرير سلسلة الجوائز، وأعتقد أن الأمر يخلو من أي تناقض، فعملي يتيح لي التعرف على المشهد الروائي المحلي والعالمي. كما أنني أستطيع معرفة مكاني كمبدعة في هذه الخريطة الشاسعة الأبعاد والمترامية الأطراف، كما أن عملي يساعدني أيضاً في تنظيم أولوياتي في القراءة.


• ومع ذلك لا يوجد لكِ سوي أربعة أعمال إبداعية فقط؟

- لستُ مقلة في الكتابة، ولكن مقلة في النشر، ويكفيني كتاب واحد كل خمس سنوات، وأنا أري أن النشر أمر خطير، بل شديد الخطورة لأنه يجب عليك وأنت تقرر النشر أن تفكر آلاف المرات هل سيمثل عملك إضافة للمكتبة العربية، وهي بالمناسبة مكتبة عظيمة وزاخرة، عكس ما يمكن أن يتوارد على أذهان الغرب، وبعض أعداء المكتبة العربية. إذن المنافسة قوية، وعلى الكاتب أن يفكر آلاف المرات قبل أن يضيف اسمه إلى أرفف هذه المكتبة التي تزيح بكل قسوة كل ما هو ركيك عن أرففها، لذلك فأنا شديدة القسوة مع نفسي عند النشر لأنني أعرف قيمة هذه المكتبة، ولأنني لا أريد أن أكون مجرد صفراً كبيراً فيها، وبالتالي تأتيني أصداء جيدة وردود أفعال طيبة تجاه الكتب الأربعة التي نشرتها، ومن أتيح له قراءة ديوان أو رواية لي يبدي ارتياحاً لهما وإعجاباً بهما دون أن يضعني في إطار الشاعرة فقط، أو الروائية فقط، ولذلك أصر أن أكون أشد قسوة مع نفسي كلما هممت بالكتابة من أجل احترام القارئ والمتابع، ومن أجل احترام اسمي أيضاً.


• أي الأعمال أقرب إلى قلب سهير المصادفة؟

- لهو الأبالسة ، وهي روايتي الأولي، حققت أصداءً أقوي من الديوانين، وهو ما مثل لي مفاجأة، أما رواية ميس إيجيبت فهي الأقرب إلى نفسي، ربما لأنني أحببت بما فيه الكفاية الكتب الثلاثة الأولي، وأنا الآن ما زلت مأخوذة في أجواء هذه الرواية، ربما لأنها كانت أشد قسوة من كل كتاباتي السابقة، ولأنها رواية دموية، فكنت كلما فتحت جرحاً يعاني منه هذا البلد، كلما تألمت كثيراً، وما زلت حتى الآن. وأعتقد أنني لن أخرج من أجوائها المرعبة والكاشفة قبل فترة من الزمن، لأن الشخوص في الرواية واضحة المعالم، وقد كانت معي أثناء الكتابة مسيطرة على المفكرة في ولم تقبل أبداً المساومة، ومن ثم تعبت عيناي من هذه الشموس الساطعة، الشريرة أو الخيرة، وقد أصبحت الروح أكثر ألماً بعد الكتابة، بالتأكيد ميس إيجيبت أقرب الأعمال إلى نفسي الآن.


• ما السبب في اختيارك ميس إيجيبت كعنوان لرواية استغرقت أربع سنوات في كتابتها؟

- صحيح، الرواية كتبتها في أربع سنوات ثم حجزتها في البيت عندي سنة كاملة، كي أختبرها وأعيد قراءتها مرات كي أحذف كل ما هو زائد عليها، بالشكل الذي يجعل القارئ لا يستطيع أن يحذف منها جملة أو حتى كلمة، أما العنوان فكنت طوال الوقت أشعر بأنني أكتب ميس إيجيبت وبعد الانتهاء من الرواية وجدت أن هذا العنوان جريء ومقتحم، رغم أن دلالاته قد لا تعجب القارئ فيعتقد أنها رواية سياسية، وهو عنوان لن يتحمس له القارئ العادي كثيراً.

وقد حاولت أثناء الطباعة البحث عن عنوان آخر، ولكن يبدو أن الرواية تمسكت بعنوانها إلى آخر لحظة، كما أن الموضوع فرض العنوان على الرواية، فأدركت من صفحاتها الأولي أنها ستكون حتماً ميس إيجيبت .


• ولماذا الكتابة عن ثورة يوليو في هذا الوقت بالذات؟

- في الحقيقة أنا لم أقصد ذلك، لكنني أثناء بحثي في التاريخ عن تاريخ إنسانة ولدت في عصر النكسة وضياع المشروع القومي وتشوش مفهوم الهوية، وجدت شلالات من الأسئلة تهاجمني، وأظن أنه من حقي أو من حق شخوصي أن يوجد واحد لديه وعي جمالي وسياسي ما، وأن يوجد واحد لديه القدرة على مساءلة التاريخ لكي يعلم ما جري وما حدث في هذه اللحظة.. بالعكس أنا أعيد عليك السؤال، لماذا لا يكتب عن ثورة يوليو؟ هل تعلم كم الروايات التي كتبت عن الحرب العالمية الأولي، الروايات التي كتبت عن الثورة الفرنسية، وهل تعلم مثلاً أننا لا نمتلك روايات جيدة عن حرب أكتوبر؟.. وأن كل ما كتب هو انعكاس لوجهة نظر واحدة هي بالضرورة سلطوية، ولماذا يكتب دائما الرأي الواحد الذي يتخيله البعض أنه الصواب ولا يري سواه، ومن الذي أعطاهم الحق في هذا اليقين.. أنا أكره أصحاب اليقين أمثال النازيين والشيوعيين والأصوليين.. أكره من يتوهمون أنهم يمتلكون وحدهم الحقيقة المطلقة واليقين، وأعتقد أن هذا لا ينتج أدبًا جيداً، فكل أصحاب الأيديولوجيات لم يصبحوا أدباء كبار، والوحيد الذي أصبح أديبًا وكاتباً كبيرًا هو نجيب محفوظ، لأنه ظل طوال مشروعه الروائي يطرح الأسئلة، لم يكن مثلاً مع الثورة أو ضدها وإنما كان يعي أن رسالته الأدبية تحتم عليه تفجير الواقع من خلال طرح أسئلته الوجودية والفلسفية والإنسانية، إنه لم يتبن الدفاع عن سياسة ما بقدر ما كان يحلق في أجواء البحث عن العدل والخير والحرية والجمال.


• إذا رجعنا إلى دورك كمسؤول عن سلسلة الجوائز بالهيئة العامة للكتاب، هل تعتقدين أن هذه السلسلة حققت الغرض منها؟

- نحاول في هذه السلسلة تتبع الجوائز العالمية المهمة، بداية من نوبل وحتى الجوائز المحلية والقومية في البلدان المختلفة، شريطة أن تكون مهمة وحققت مصداقية كبيرة، وأعتقد أن السلسلة شكلاً ومضموناً حققت أصداءً طيبة في الواقع الثقافي المصري في الأشهر القليلة الماضية وخاصة أنها بدأت منذ 2006، وقد حاولت مخاطبة كل المترجمين العرب ومنهم المترجم الكبير صالح علماني عن الأسبانية، ولأن السلسلة جادة ومهمة من وجهة نظرهم، فسوف يساهمون في بعض إصداراتها في الفترة القادمة. وما زلت أحلم بأن أقطع المسافة بين الواقع والمأمول، بحيث تترجم هذه السلسلة كل كتاب يحصل على جائزة ما، في نفس اللحظة التي يصدر فيها في بلده، وقد تحقق هذا نسبياً، ولكنه لم يتم بالسرعة الكافية، وسوف نصدر خمس روايات لدوريس ليسنج الحاصلة على نوبل في الآداب 2007، وكان ترجمة أورهان باموق قبل أن يحصل على نوبل بمثابة سبق لنا؛ كما يقال في لغة الصحافة.

• وماذا عن الجوائز في حياة المبدعة سهير المصادفة؟

- لدي أربعة كتب فقط، ومع ذلك فاز ديوان فتاه تجرب حتفها بجائزة الشارقة، وفازت رواية لهو الأبالسة بجائزة أحسن رواية من اتحاد كتاب مصر. ولكن الجائزة الكبرى كانت فيما حققته ميس إيجيبت من صدى طيب لدى القراء.

 الراية القطرية : الأربعاء 22 / 10 / 2008

د. سهير المصادفة

soheirmosadfa@yahoo.com

• شاعرة وروائية وباحثة ومترجمة مصرية
• حصلت على الدكتوارة في الفلسفة عام 1994 من موسكو
• عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو أتيليه القاهرة
• عملت رئيسًا لتحرير سلسلة كتابات جديدة بالهيئة المصرية العامة للكتاب، والمشرف العام على سلسلة الجوائز بالهيئة المصرية العامة للكتاب، وكانت عضو اللجنة التنفيذية في مشروع مكتبة الأسرة، وعضو اللجنة التحضيرية للنشاط الثقافي في معرض القاهرة الدولي للكتاب
• حصلت على العديد من الجوائز أهمها:
- أفضل رواية عن روايتها "لهو الأبالسة" من اتحاد كتاب مصر عام 2005
- جائزة أندية فتيات الشارقة للشعر من الشارقة عن ديوان "فتاة تجرب حتفها" عام 1999
• شاركت في كتابة وتحرير العديد من مطبوعات الهيئة المصرية العامة للكتاب
• شاركت في العديد من المؤتمرات والمعارض الدولية والأمسيات الشعرية في مصر والخارج
• نوقشت أعمالها في معظم الندوات والمحافل الأدبية داخل وخارج مصر وتم تناول أعمالها الأدبية في الكثير من المطبوعات الأدبية من جرائد ومجلات ووسائل الإعلام المختلفة
• نظمت العديد من الندوات والمحاور الثقافية للنشاط الثقافي المصاحب لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وأسست جناحًا لمناقشة المبدعين الجدد بعنوان "إبداعات جديدة"
• شاركت في هيئة تحرير وترجمة بعض القواميس والموسوعات في مصر مثل : قاموس المسرح، موسوعة المرأة عبر العصور، دائرة المعارف الإسلامية

• من أعمالها :

- هجوم وديع : ديوان شعر. الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1997
- فتاة تجرب حتفها : ديوان شعر. دار المسار، الشارقة 1999
- لهو الأبالسة : رواية . دار ميريت، القاهرة 2003
- العديد من القصص الأطفال: دار أطلس / المجلس الأعلي للثقافة
- ترجمت عن الروسية رواية توت عنخ آمون للكاتب الروسي "باخيش بابايف"
- ترجمت كل حكايات الأطفال التي ألفها شاعر روسيا الأشهر "بوشكين"، ومعظم حكايات كاتب الأطفال الروسي الكبير "أفاناسيف".

- البريد الإلكتروني : soheirmosadfa@yahoo.com

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved