السم ،هو كل مادة تسبب توقف وظائف الخلايا الحيوية ،سواء بشكل حاد مباشر أو متراكم بطئ ،بعلاقةً تتناسب طردياً مع الكمية والمدة الزمنية ،كما وتعتمد درجة التأثر على الطبيعة الكيمياوية للمادة السامة وقدرتها على أماتة الخلايا العاجل أو الآجل.
وأنواع السموم كثيرة جداً ،ولكن في هذا الموضوع سنتناول بعض المواد التي تدخل بشكل يومي في تغذيتنا من خلال الأطعمة التي نتناولها ،ولكن (وهنا المفارقة) ،كيف نتناولها بشكل يومي ،وكيف ننعتها بالـ (سموم).
نعم ،فمن التعريف أعلاه ،نرى أن تلك المواد يصبح تأثيرها على الجسم سميّاً نتيجة زيادة الكمية الداخلة منها الى الجسم ،وكذلك على طول الفترة الزمنية في أستخدامها، حيث أن تأثيرات عناصرها الأولية تتداخل مع التفاعلات البايوـ كيمياوية المعقدة جداً في
الجسم ،لتنتج بعد حين(طال أم قصر) تأثيرات ذات طبيعة سمية على مكونات الجسم الخلوية والنسيجية.
وقبل الولوج بالموضوع فلابد أن نؤكد على أن الموضوع لا يخرج عن موضوعة التعوّد ،ونتيجة التعود(منذ الطفولة) أصبحنا وبمرور الوقت نستسيغ الأطعمة التي تدخل فيها مثل هذه المواد، بل لا نستسيغ عدم وجودها بالطعام والشراب، علماً هناك الكثير من الناس الذين لا يتناولون السكريات والأملاح.
ومن تلك السموم التي تدخل في طعامنا اليومي ،ما تُعرف بالسموم البيضاء ،وهي (الملح والسكر والدقيق ـ أي الطحين الأبيض ـ ).
أولاً ـ الطحين الأبيض :هو منتج زراعي يُعرف بالقمح، والحبة الواحدة من القمح تتكون من ثلاثة أجزاء :
1. القشرة الخارجية / الغلاف :وتحتوي على الفايتمينات والأملاح والألياف.
2. الجنين / وهي بذرة حبة القمح.
3. النشا / مادة نشوية ـ تزيد وزن متناولها.
الذي نتناوله (كطحين)، هو المادة النشوية بعد أن تقوم المصانع والمعامل أو المزارعين حينما يطحنون القمح ،فيستخلصون النشا فقط، وهذا يعني أن النخالة (أي القشرة) هي المفيدة.
أن عزل النشا عن القشرة والجنين سيفقد الدقيق أو الطحين ثلاثين مادة مفيدة للجسم، ومن تلك الفوائد منع الأمساك، منع تهيج القولون، أبعاد أحتمالية ألأصابة بسرطان القولون ،كما أن تلك المواد مفيدة في عملية الهضم.
أن المادة النشوية التي نتناولها على أنها الطحين ستتحول في نهاية المطاف في الجسم الى سكر ومن ثم الى دهون، وهذا يعني من ناحية الطب التغذوي، أنها تحتوي على عدد كبير من السعرات الحرارية، بمعنى من الناحية العملية ،زيادة وزن الشخص الذي يتناول الخبز الأبيض.
بعض الجهات الأنتاجية تضيف الفايتمينات والمعادن الأصطناعية للدقيق الأبيض ويطلقون عليها مكملات غذائية ،ولكنها في حقيقة ألأمر هي أضافات غير صحية وربما يكون بعضها ضار،وأحياناً تضاف مستحلبات الغرض منها الحفاظ على ليونة الخبز ،ولكن بنفس الوقت فأن هذه المستحلبات لا تمنع تعفن الخبز ،بل أحياناً يضيفون مادة لوكسين ليبدو الدقيق نظيفاً ولكن ثبت أن اللوكسين تدمر خلايا بيتا الموجودة في البنكرياس فيقل أنتاج الأنسولين ليصاب الشخص بداء السكري.
ينصح خبراء التغذية بتناول الخبز الأسمر أو مادة الشعير لكل من يريد ان يحافظ على صحته ،وللذين يتبعون حمّية غذائية للتقليل من أوزانهم ،أو للمصابين بداء السكري.
يعمد بعض الأخوة الى "تحميص" الخبز أو الصمون المصنوعين من الدقيق الأبيض، وهذا خطأ أخر ،حيث أن عملية "التحميص" تزيد من المادة الكاربونية الداخلة الى جسم الأنسان.
ثانياً ـ السكر
السكريات أنواع، وتصنّف أنواعها تبعاً لمصدرها ولتركيبها الكيمياوي ولخواصها، فالكثير من الأغذية تتحول الى سكريات كالبطاطس والرز والخبز، كما هناك سكريات بسيطة وأخرى مركبة، ولكن يبقى أخطرها هو سكر الكلكوز كونه هو نوع السكر الموجود في دم الأنسان ،(بمعنى أذا تناول الشخص مادة دخل فيها الكلوكوز فسيتم أمتصاصه بالكامل) وسكر الكلوكوز هو سكر العَنب، ومن هنا جاء تحريم أي مادة تحتوي على الكلوكوز على المصابين بداء السكري.
ينتج السكر الذي نتناوله من القصب السكري أو من البنجر السكري، لونه بني ،ولكن تقوم الجهات الأنتاجية بالتعامل معه كيمياوياً ليتحول لونه الى أبيض. يقول خبراء التغذية أن السكر ليس فيه فوائد، بل أضراره تظهر آجلاً.
السكر (وخصوصاً الكلكوز) يدخل في صناعة الحلويات والمرطِبات.
وقد رصد الأطباء الأضرار التالية الناتجة عن تناول كميات من السكر:ـ
1. الإصابة بالبدانة.
2. الإصابة بداء السكري.
3. خلل بالهورمونات.
4. الشيخوخة المبكرة وضعف المناعة.
5. هشاشة العظام والتهاب المفاصل.
6. تسوس الأسنان.
7. فقر دم ،وخصوصاً لدى الأطفال.
8. يتداخل مع عمل عنصر الكروم (والكروم له دورا أساسيا في تمرير الأنسولين إلى داخل الخلية)، ومع عمل عنصر النحاس (والنحاس له دور في الجهاز المناعي ،وفي أنتاج الطاقة وتكوين بعض الأنزيمات).
9. يؤثر على أمتصاص المغنيسيوم والكالسيوم المهمين للعظام.
10. يرفع نسبة الدهون الثلاثية والكوليسترول .
11. يزيد حموضية المعدة ويتسبب بسوء الهضم وبتلكؤ أمتصاص المواد الغذائية في الأمعاء.
12. هناك العديد من الأضرار الأخرى والتي ترتبط بالتدهور البطيئ في عمل الخلايا والأنسجة وكفائتها، وعن التراكمات السمية الناتجة عن تناول الحلويات.
ثالثاً ـ الملح
ملح الطعام يُطلق عليه كيمياوياً بـ (كلوريد الصوديوم)، فهو مركب يتكون من أتحاد عنصري الكلور والصوديوم. وثبت للعلماء أن الصوديوم هو الذي يتدخل مباشرة في ضغط الدم ،لذا فأن تناول الطعام المالح ،أو بأضافة كمية من ملح الطعام سيتسبب بأرتفاع الضغط، مع العلم فأن الملح مفيد (ضمن حدوده المطلوبة) في الحفاظ على التوازن المائي للجسم ،ولا يمكن لأي خلية أن تبقى حية دون وجود الوسط الملحي.
الصوديوم موجود كجزء من التركيبة الكيمياوية للعديد من المواد الغذائية كالزيتون الأخضر، الجبنة، نخالة الحبوب (خاصة الذرة)، سمك السردين، الحليب، الفاصوليا الحمراء، القمح، الشجر الأحمر، كبد البقر، البيض، فول الصويا، الاغذية المعلبة والمخللات.
كمية ملح الطعام التي ينصح الأطباء بتناولها للأصحاء يجب أن لا تتجاوز ستة غرامات يومياً (أي ما يعادل ملعة شاي)، أما بالنسبة للمرضى فيجب أن لا يتجاوزوا نصف هذه الكمية.
وقد أثبتت الدراسات أن الأفراط بتناول ملح الطعام يزيد من نسبة الأصابة بتصلب الشرايين ، وأرتفاع ضغط الدم ، والأزمات القلبية والأضرار الدماغية.
كما أن ملح الطعام يتسبب بارتداد السوائل في الجسم وبالتالي أرتفاع ضغطه وكذلك أكتساب الوزن الزائد.
لما ورد أعلاه ،فالنصيحة الذهبية التي يقدمها خبراء التغذية الى الناس ،(أبعدوا السموم البيضاء عن موائدكم).