"بؤساً له، وتوساً له، وجؤساً له"
(الميداني)
البؤس: الشدة.
والتوس: اتباع له.
أما الجؤس؛ فهو الجوع، حسب اللغويين العرب، وقانا الله تعالى، وأبعدكم المولى القدير عن الجؤس، والبؤس، ووعاظ الظَلَمة!
تجد هؤلاء الوعاظ في أسواق معلومات في عالمنا العربي، على أحدث طراز، وفي أكمل حلّة، بعدما درسوا الذين اندرسوا من قبلهم، وعاينوا تجارب أقرانهم السابقين، فعرفوا من أين تؤكل الأكباد قبل الأكتاف!
أسواق هؤلاء، بعدما راجت كثيراً، هي "مرابد" الشعر العربية التي ذرت قرنها، حتى خارج الجغرافيا العربية.
وحاشا لمربد البصرة، في أيام سيدنا الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، ان يكون منبع هذه "المرابد"، التي يكثر فيها الهرج والمرج، ويصطخب في جنباتها الصخّابون، ويقصدها في الحول مرة ومرات، شعراء ومتشاعرون، وقد علّق كل واحد منهم، عليقة حول رقبته، تشير الى كفاءاته.
اللهم سترك!
تعلّم هؤلاء الكدية العصرية، أو المعاصرة، أو الحداثية، من اسلافهم الشموليين، في الشرق كما في الغرب، فترى منظم "المربد" المعاصر، يرضع من الضرع ذاته الذي التقمه الشاعر التقليدي.
ينسبون الشعر لمن لا يعرف في الشعر، زحافاً في صدر أو إقواءً في عجز.
ويطنبون في تعظيم ذلك الذي لا يفك الخط، ويجعلون منه تاجاً على هام الثريا، وناراً على جبل.
ويقولون في حكمة من لم يسمع بسقراط، اكثر مما قال مالك الخمرة. وصاحب الراية الأولى في هذا الجمع، هو الذي يجيد صناعة هذه الحرفة "الجديدة - القديمة".
يجلس الى مائدة صغيرة، وخلفه مائدة أكبر، وأكبر، عليها صورة "الدكتاتور" أو "الزعيم الفهيم" أو "القائد الملهم" أو "حاتم عصرنا" أو "خنساء القرن الواحد والعشرين".
ثم يتحدث الى مجموعة من رجالات الإعلام الاستهلاكي، والإعلام الموجه، وكذلك الى نساء هذا النمط من الاعلام، عن ادوار هؤلاء الجهابذة، في اشاعة ثقافة الحوار والتسامح والسلام العالمي.
تماماً، كما حدث مع ستالين وربعه.
تماماً، كما حدث مع هتلر وازلامه.
لكنه هذه المرة يحدث في انظمة دستورية، شفافة، تحترم الرأي والرأي الآخر، مع الأسف.
منظومات وهيئات ثقافية، هي استنساخ سيئ، لاحتفالات هتلر وستالين وموسوليني..
ولكن في مدن عربية، مع الأسف.