طاعون داعش/ طوابع سعد الجادر الفضيّة – 30

2017-03-28
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/a1627d65-b1fe-46c4-92f1-c060a9e1048f.jpeg
 
 الطاعون وباء معدي وقاتل . و ينتشر، كما داعش، عبر الهواء، وعن طريق الاتصال المباشر . والطاعون مُبيد للانسان، ومُدَمِّر للبلدان . 
وما الطاعون، والكوليرا، والايدز، والسرطان ... والحروب والارهاب ... وسايكس بيكو، والحكام العرب العملاء، واسرائيل، والشرق الاوسط الأمريكي، وبلاكووتر ... إلّا موجات من الطواعين الداعشية تبيد من تبيد من ضحايا، ثم تمرّ ويواصل الناجون الحياة بعدما تكون آلهة الأرض قد حقّقت أرباحها ومراميها من الكارثة .
وهذه الطواعين هي أفضل رأسمال واستثمار استعماري : أكاذيبها جاهزة، وأرباحها الخيالية مضمونة في جيوب الجنرالات والساسة ورؤساء الشركات العملاقة، العاملين على تحقيق الارتفاع المتواصل لمعدّلات الفقر، كما للغنى الفاحش . 
ولكلّ زمان داعشه . ومصوغة داعش المعاصرة هي من آخر موضات ثقافة الاستعمار، الذي حشد عشرات الالاف من الارهابيين التكفيريين والمجرمين من مختلف بقاع الأرض ووضعهم في العراق وسورية .
 
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/9fedd962-89f5-480f-9bd8-569c2ea93403.jpeg
 
 وداعش هذا الزمان وحش إمبراطورية العولمة وإعلامها المؤسسي القائم على السحْق والمحْق، والصدمة والترويع، والعُنف الصارخ، الذي يثير الرعب وسط المدنيين الأبرياء بالصَلْب والسَحْل وقطع الرؤوس وحرق الأحياء وسبي النساء وقتل الناس في بيوتهم وأسواقهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم ... وتخريب إبادي أعمى وشرس غير مسبوق للبيئة والعمار والتراث التاريخي .
ومن الموصل التي تنتظر كارثة أشدّ وأقسى وأعنف وأعتى مما عانته وتعانيه، نشرت صحيفة ( القدس العربي، 10/09/2014 ) : "نداء من المواطن محمد خشمان: "...
 لكي يعلم العالم بمعاناة اهل الموصل المنكوبة نحن نتعرض لابشع انواع التعذيب من قبل داعش فالمدينة خاوية على عروشها لم يبق لا ماء ولا غذاء ولا دواء في المستشفيات ولا خدمات ولا كهرباء والمدينة محاصرة من جميع الجهات فشمالاً الاقليم غلق جميع المنافذ وجنوباً صلاح الدين معارك ضارية وشرقاً «سوريا» وغرباً كركوك وهي الان بيد البشمركة. وهم يعتبرون العرب كلهم داعش ومن الاعلى طائرات المالكي لم يبق أمام اي خيار فنحن ننتظر الموت وداعش تفتك باهل المدينة بابشع انواع التعذيب بسبب اشياء ما انزل الله بها من سلطان ."
 
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/70fe2e9b-adbd-4eac-96f0-b4d0b5fef173.jpeg
 وداعش المعاصر طاعون تمّت زراعته وتقويته ونشره عبر عقود من السياسات الاستعمارية المخابراتية والتعليمية التكفيرية، التي رعتها آلهة الأرض لانتاج التخلّف وتقوية مؤسساته، وإنضاج ثقافة الطائفية، التي مهّد لها بول بريمر عندما ألغى الدولة والجيش والوطنية، وفرّق العراقي والعراق إلى سُنّة وشيعة وأكراد لمحق العراق ونقل الصراع المتعصب والشحْن الطائفي إلى باقي بلاد العرب والمسلمين. وهو الوضع القائم الآن والسائر نحو مزيد من التدهور الذي يصعب التكهن بصور تداعياته .
ولتحديث وعولمة الامبريالية المتوحشة، ومزيداً من هيمنة النظام العالمي الجديد، صاغتْ النخب الغربية الاستعمارية "الارهاب الاسلامي" بديلاً عن "الخطر الشيوعي". وابتكرتْ داعش كتنويع للقاعدة وآلها، وكتراكم نوعي يرفد الارهاب الجهادي الأمريكي من عصابات، كالقاعدة، إلى مصاف "دولة" احتلّت مدناً وقرى ومساحات شاسعة، لكن ليس لها من ديكورات مستعمرات الغرب سوى العَلَم، بعد فشل مشروع الدينار الذهبي المزعوم . 
ونشرتْ آلهة الأرض داعش كدولة تقنيّة انترنيتيّة افتراضيّة إرهابيّة وكأنها شعبة مخابرات  مُلْتَزَّة وعصيّة على الاختراق إلا من قبل مؤسّسيها في المخابرات الغربية: ( 700 شركة أمنية في البصرة بدون رقابة حكومية ، القدس العربي 05/10/2016 ) . فكم عميل في العراق؟!.
ومكّن الغرب وعملائه العرب داعش بالمال والسلاح والتدريب والاعلام ... وفتحَ لداعش أسواق بيع النفط المنهوب، والتحف الاثرية المسروقة والمهرّبة، التي جعلت داعش تمرّ كالاعصار . حتى أنّ العالم يتخبّط لمحاربته . ومن ذلك قرار مجلس الامن رقم 2249 في 20/11/ 2015 الذي قرّر بأن داعش تشكل خطراً عالمياً يهدّد السلام والأمن الدوليين . والمُضحك أنّ صُنّاع داعش جالسون في مجلس الامن، لكن لا اعتبار لهم للانسان والحضارة والأخلاق .
إنها ليست المرة الاولى يحارب الغرب بشباب المُستعمرات . فقد حارب البريطانيون بالهنود والنيباليين والاسيويين، وحاربت فرنسا بالافارقة، وحارب فرانكو بالمغاربة، واستخدمت أمريكا "مجاهدي" القاعدة ضدّ الغزو السوفيتي لأفغانستان، مما أدى إلى تفكّك الدولة السوفيتية، وزحف الاطلسي شرقا . واشتغل الغرب عقوداً بصدام وعصابة البعث لاحتلال نفط الخليج والعراق ...
فأمريكا أنتجت صدام وباقي حكام المستعمرات العربية، والقاعدة، والنُصرة، وبوكو حرام، والشباب ... وتشتغل بهم، ثم تزيلهم. وهكذا الأمر مع داعش. فالمُهم استراتيجياً هو تحقيق سلسلة مصالح آلهة الارض على شكل حلقات تاريخية، ومنع نهضة المسلمين بكل الوسائل، كجزء من المشروع الامريكي الامبراطوري العولمي الذي يستخدم القوة المُفرطة لابادة أو إخضاع الآخرين، وتوسيع مصالح الغرب لتمتد إلى جميع أنحاء العالم، خاصة حيث توجد موارد طبيعية ينهبها الغرب وهو يُصَدِّر الحرية والديموقراطية ويقتل ويُشرد الملايين .
ومن الأهداف المتنوّعة  لداعش زماننا : عولمة الارهاب. والمساهمة الفعالة في تنفيذ مؤامرة الشرق الاوسط الجديد،  بدء بتقسيم العراق وسورية. وتسعير الإحن والعداوات والضغائن والحزازات لإذكاء الحروب الدينيّة والطائفيّة والقوميّة . والتخلّص من المسلمين الذين وُلدوا وتعلّموا في الغرب وحصلوا على شهادات عالية في شتّى ميادين العلم والتقنية والمعرفة مما يجعلهم رصيداً لمستقبل نهضة المسلمين، وخطراً مزعوماً على الغرب. وتغييب القضية الاساسية في النضال العربي والاسلامي: نهب فلسطين وثقافتها وتشتيت شعبها. وضرب قوى المقاومة في العراق وسورية وفلسطين ولبنان . وتركيز الصراع بين العرب والمسلمين، وليس بينهم وبين آلهة الارض واسرائيل. وتغييب مطالب الشعوب، ومنها النضال من أجل الاتحاد/ الوحدة العربية بضربها في الصميم عبر التفرقة والتفتيت. وترحيل تراكم الغضب ضدّ الظلم الاستعماري . وإضعاف مفعول الموجات العالية و المتعاقبة من التزايد الديموغرافي للعرب والمسلمين. واتِّخاذ داعش ذريعة للتدخل والغزو وإقامة القواعد العسكرية الغربية. وحاجز بين ايران والبحر الابيض المتوسط. وتهيئة المجال الجغرافي لإنفاذ التخريب الداعشي إلى الفضاء الايراني و الروسي والصيني. وتوجيه أنظار الرأي العام الغربي لمساندة حكوماته الاستعمارية في حربها المزعومة ضدّ الارهاب في شرق أوسط يبعد عنهم آلاف الكيلومترات ...
 
 
غير أنّ أهم وأخطر مُهِمّتيْن تُنفِّذهما داعش هما :
 أولاً، تزييف وتزوير روح ونصوص الاسلام وقِيَمِهِ العظيمة في الحرية، والعدالة، والمساواة، والتسامح، ومسؤولية استخلاف المال، وتحريم الربا، والحثّ على استعمال العقل، والدعوة للعلم والمعرفة ... بإظهار الاسلام، الذي هَنْدَسَهُ بريجينسكي والاعلام الغربي الارهابي الكذاب، كثقافة إرهاب وتخريب وعذاب وتعاسة ... لايصلح للإنسان كمشروع رحمة وحرية وسعادة. 
وثانياً، نقل الخلافات السياسية بين الطُغم العربية العميلة الحاكمة إلى حروب بين المواطنين لضربهم ببعض للقضاء على التكوين التاريخي الثقافي والاجتماعي العميق، حامي صمود العرب وقاعدة مقاومتهم وتحرّرهم، والقلعة القويّة الحصينة العصيّة على الاختراق والتدمير بفعل حضورها العضوي في المجتمعات العربيّة ... وهو ما فشل الغرب في اجتثاثه على مدى قرنين. لذلك قال وزير الدفاع الامريكي السابق بأنّ القضاء على داعش يستغرق 30 عاماً. وقبله قال رامسفيلد بأن تطبيق النظام العالمي الجديد سيستغرق 50 عاماً.
إنّ النضال ضدّ الغزو والاحتلال يُوحد العراقي والعراق. ويرفع الوطنية فوق الفئوية. ويفرز قادة وطنيين يقودون المقاومة حتى النصر.
ومقاومة داعش وسواها من العملاء لا تقتصر على القوّة، بل يجب أن تشمل المجالات الدينية والفكرية لاجتثاث الفكر الذي أوجد داعش. لكن أين الازهر، والمؤسسات العربية والاسلامية، ووزارات الاوقاف ، والثقافة، والاعلام، والاحزاب الدينية ... من تنوير العرب والمسلمين والعالم بحقائق الاسلام؟.
فبدون تنوير العالم بحقائق الاسلام وثقافة المسلمين، وتحويل بلادهم إلى أوطان حُرّة ومتطورة اقتصادياً وثقافياً، سيشهد العالم مصنوعات داعشية مبتكرة، وربما أشد جهلاً وأفضع تنكيلاً. 
لاتنسوا بأن الاهتمام الأمريكي هو إبادة "الخطر الاسلامي" على طريقة الكاوبوي التاريخية بمسارح دورية لمؤامرات الغدر والدماء والنهب. ولا تنسوا حرب المئة عام بين السُنة والشيعة التي خطّط لها كيسنجر.
لكن هل حقق الغرب أهدافه في عالم المسلمين خلال 100 سنة من الاستعمار ومُنوّعات من العملاء والقواعد والدواعش؟. علماً بان ما خلّفته مؤامرة الشرق الاوسط الجديد لحد الان يفوق الدمار الذي خلفته كوارث 1948 و 1967 بشرياً واقتصادياً وبُنْيَةً ... 
وحتى لو نجحت آلهة الارض بإبادة المسلمين وثقافتهم تماماً، وهذه سرياليّة وحشيّة بعيدة عن التصور والخيال الذي يعكس خِفّة عقول المتآمرين وجهلهم وإفسادهم في الأرض؛ فهناك القرآن الذي حفظه الله، ونزل في مجتمع مُتخلف ومُحاط بامبراطوريتين قويّتين، وأصبح الأساس لابتكار ثقافة المسلمين النافعة والجميلة بالتراكم المعرفي على مدى مئات السنين.
ولأنّ القران نزل بلسان عربي فقد فهم العرب والعالم بأن رسالته تقتصر على العرب. لكن هذا المفهوم يتوسع الان ويزحف عالميا بان القران للناس كافة، وهو أفضل قاعدة للبناء الحضاري إنسانياً وثقافياً، خاصة في الظروف المعاصرة التي تشهد أعلى تراكم معرفي في تاريخ الانسان.



معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved