أول الكلام :
الحديث عن العنف الذي تمارسه سلطة الإسلام السياسي، التي صعدت إلى السلطة بفضل المحتل الأمريكي البغيض، هو عنف لا يختلف عن العنف الذي كان سائداً أيام البعث البائد، فأساليب الإغتيال والبطش والإعتقالات والتعذيب واستخدام أساليب التسقيط السياسي والممارسات التي يندى لها جبين الإنسانية بقيت هي هي، بل وتزداد وتيرتها، بل أن وتيرة الإختطاف أصبحت سائدة تمارسها أزلام السلطة وذيول الميليشيات متعددة الجنسية والولاءآت، والذيول هي سابقة خطيرة وغدت ظاهرة يومية لم يعهدها النظام السابق، وإذا كانت الممارسات مشخصة ومعروفة من قبل حكم البعث، فإنها الآن وفي ظل التعددات الأمنية والمليشيات المسلحة باتت سائدة وسجلت رقماً خطيرة في حوالى أشهر من عمر الإنتفاضة فعدد القتلى قارب الألف وعدد الجرحى والمعطوبين عدة ألوف، والاغتيالات تطال كل فم ناطق بالإحتجاج على السلطة، والقتل بأعصاب باردة والإختطافات مستمرة..
والفرق الأخر أن نظام البعث لايزعم ولا يرفع شعارات الديمقراطية على خلاف عهدنا (الأمريكي – الإيراني) فقد صدعت رؤوسنا بالديمقراطية والحرية .. وزاد الفساد المستشري موضة جديدة هو إفلاس الخزينة وعدم صرف رواتب قطاعات الشعب.. بينما رواتب ومخصصات أهل الحل والعقد وحماياتهم ماشية مثل الساعة !!
***
ماري محمد شابة عراقية في مقتبل العمر، كانت ناشطة ضمن الإنتفاضة في ساحة التحرير، دافعها الوطني جعلها متحمسة مع الشبيبة المنتفضة حتى غدت مرصودة، وفي يوم الثامن من نوفمبر من العام المنصرم حيث كانت في طريق عودتها إلى المنزل وهي لما تزل في جانب من ساعة التحرير تروم المغادرة تصدت لها ثلة من المسلحين وأجبروها على الصعود في السيارة، حيث تم اعتقالها من قوى مسلحة لم تكشف عن نفسها، وتعرضت لسلسلة من التحقيقات العنيفة مع تعذيب نفسي وإرعاب مقصود من أجل تحطيم معنوياتها وامتهان إنسانيتها لمدة أحد عشر يوما وبأساليب دنيئة باجبارها على تسجيل مصور وتلقينها لنصوص مكتوبه تزعم تحت التهديد المسلح أن لها علاقات جسدية مع هذا النائب أوذاك واضطرت أن تقول وتصرح بما طلب منها مع تعهد وقسم من المحققيين أنها لن تنشر على الملأ إلّا إذا عادت للإنتفاضة.. وهكذا سجلت أفلام طويلة تدين نفسها وتروي روايات عن مشاهد لم تحدث وعن أشخاص لم تعرفهم قط، ثم أُطلق سراحها وهي محطمة القوى وانكفأت على نقسها بعزلة مدمرة لتفاجأ بتسريب بعض ما سجلت تبث على الملأ قبل أيام..
قبل ساعة شاهدتُها في شريط مصور من إحدى القنوات تروي مأساتها والدموع تنهمر بما يمزق قلب كل من له قلب، والسؤال بماذا تختلفون يا أدعياء الإسلام الشيعي عن البعث وعن الدواعش فقد وصلت أساليبكم الدنيئة حداً فاق كل تصور!!
والكلام موجه لرئيس الوزراء الذي كان على رأس جهاز المخابرات لعدة سنوات، يعني هو لأدرى بمكة وشعابِها، بصفته رجل أمن أما تهتز مشاعرك لهذه الشابة وهي تصور مأساتها بما يحرك الصخر ويثير مشاعر أغلظ الناس.. أين أنت من مشهدها المؤلم ؟! هلّا حرّكت ساكناً ؟!! لقد وعدت بالكشف عن قتلة الشبيبة المنتفضة ولم يحدث ! وتعهدت بإرجاع المختطفين ولا زالو مغيبين ! وتعهدت بأن تلبي مطالب المنتفضين ولم يُلبَ مطلب واحد من مطاليبهم !. وتعهدت بتحقيق الأمن المجتمعي الذي أصبح حلما بعيد المنال .!. وتعهدت أن تعزز الإستقلال السياسي والإقتصادي للعراق ولم يحدث، بل يتراجع من سيء إلى أسوأ ! وتعهدت بتحسين الحالة المعيشية، ومن بركاتك حصل مالم يحصل في تاريخ العراق أن حجبت الرواتب !! وتعهدت بتحسين الخدمات الصحية والحياتية !!.. وفي كل حياة العراقيين تردٍ وتراجع حتى أصبح العراق في قائمة أكثر البلدان تخلفاً وفقرا..
فأي رئيس للوزاراء أنت ؟ وما فرقك عمن سبقوك ؟.. ومتى تنتهي فصول البؤس والحرمان والتعسف لشعبنا ؟ ومتى تنتهي حقبة الميليشيات المسلحة والذيول المسلحة..؟ ِمتى؟
5 نوفمبر/ ت2 / 2020