تدرج مفهوم العروبة في فكرطه حسين / حسين العساف

2007-11-12
لم يكن طه حسين داعي//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/a160445f-8679-4b7d-a97a-d1ce96334640.jpeg ةإلى عروبة مصر، ولا مؤمناً بالوحدة العربية في طورمن أطوارحياته مما دفع بعض الكتاب إلى القول:إنّـه لم يكن عربياً، ولاعروبياً، وأنا أقدّر دوافعهم إلى هذا القول لمعرفتي أن العميد لم يكن ميّالاً إلى عروبة مصر في وقت من الأوقات،ولا مؤمناً بالوحدة العربية، ولم يكن داعية لها رغم إيمانه بأنَّ اللغة العربية والثقافة والدين هي من أهم العناصرالأساسية في تكوين المجتمع المصري، وأعرف أنّه في وقت من الأوقات عدّ الفتح العربي الإسلامي لمصرغزواًلها،وأنّ العرب غزاة مثلهم في ذلك مثل الغزاة اليونانيين والرومان والفرس الذين غزوا مصر، وأعرف أن معركة حامية شهدتها صفحات مجلة (الرسالة) نشبت بينه وبين المفكرين العرب بين عامي 1938 - 1939. لاسيما بعد ظهور كتابه (مستقبل الثقافة في مصر)، وكان في مقدمة من تصدى له المفكر القومي الكبير أبو خلدون ساطع الحصري، أعرف هذا جيداً، كما يعرفه غيري أيضاً، ولكنني أعرف الجانب الآخر في طه حسين أيضاً، وهو أنّ العروبة تسللت إلى وعيه، وتبلورت في فكره بعد نشوء جامعة الدول العربية في العام 1944، ومعروف أنه كان قبل ذلك من المدافعين عن اللغة العربية، ومن أوائل المتصدين للداعين إلى إحلال اللهجةالمصرية مكانها، وقد دعا في وقت مبكر إلى توحيد برامج التعليم في الأقطار العربية،وتسهيل التبادل الثقافي (واستحسن أن يكون هناك تعاون اقتصادي وحتى تحالف عسكري) (1) وقد تكرر دفاع طه حسين عن العرب في الثلاثينات في أكثر من موضع، فحين هاجم توفيق الحكيم العرب ردَّ عليه طه حسين مقارناً بين رأيه ورأي المستشرقين قائلاً:(وأحسبكم جميعاً تظلمون العرب ظلماً شديداً، وتقفون على أمرهم بغير الحق .) (2) وحاضر في عدة محافل دولية عن أثر الحضارة العربية الإسلامية في الشرق والغرب،وأكد في مؤتمر الأدباء العرب الذي عقد في مصر العام 1957 (أَننا متحدون مع العرب الآخرين بوسائل من أهمها اللغة والدين والثقافة والإيمان.) (3) وربما كانت الوحدة العربية تعني في فكر طه حسين الثقافة واللغة والدين ليس غير، أمّـا العامل السياسي فيراه يحول دون تحقيق الوحدة العربية بين مصر وسائر الدول العربية. لكنه تحول إلى عروبة مصر في مرحلة لاحقة، مرحلة النهوض القومي، وإذا به يتصدى للفئة الانفصالية التي فصلت سوريا عن مصر، وغَدَرت بأماني العرب،وروَّجتْ على الوحدة الأكاذيب. فيقول فيها: (فلتردد ألسنة الفئة الباغية ما شاءت من هذا السخف وأمثاله، فهي لن تضر مصر، ولن تضر المصريين في شيء، وهي لن تمسَّ عروبة المصريين قليلاً أو كثيراً، ولن تستطيع أن تنازع المصريين فضلهم على إحياء الحضارة العربية والتراث العربي، ولتطمئن هذه الفئة الباغية،فلن يتحول المصريون عن عروبتهم، ولن يقصروا في حماية العروبة وفي إحياء التراث العربي ونشره لينتفع منه القريب والبعيد،ولينتفع منه العربي وغيرالعربي، لأنَّ مصر لا تستطيع أن تغيرّ طبيعتها، ولأن تاريخ مصر قد فرض عليها واجباً مقدساً، تأبى أن تقصّر فيه مهما تكن الظروف ، وهو أن تتعلم ما استطاعت إلى التعليم سبيلاً ، وتنشر العلم من حولها ما وجدت إلى ذلك سبيلاً، ولا عليها أن تجحد فضلها في ذلك قلة قليلة من أعداء العروبة، ومن أعداء الشعب السوري نفسه،لاهي في العير،ولا في النفير .)

 

الإحالات:
(1) - طه حسين والسياسة - مصطفى عبد الغني - دار المستقبل العربي - القاهرة - الطبعة الأولى - ص 215 .
(2) - مجلة الرسالة - 15/6/1933 .
(3) - طه حسين والسياسة - مصطفى عبد الغني - دار المستقبل العربي - القاهرة - الطبعة الأولى - ص 217
(4) - كتاب (كلمات) - الدكتور طه حسين - (دار العلم للملايين) اللبنانية - طبعة ثانية 1977- (بين العروبة والفرعونية) .

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved