تأليف: بثينة كامل
حجم الكتاب الالكتروني: 474.18 KB
صيغة الملف: Adobe eBook Reader
ليست مشكلة هؤلاء الأطفال الحصول على الطعام.. بل الحصول على قدر من الرحمة والاستقرار والإحساس بالأمان" .
في صيف عام92 أجريت تلك اللقاءات لبرنامج « أجراس الخطر » على موجات البرنامج العام بالإذاعة المصرية وساعدني الصديق « أحمد صديق » على الالتقاء بهؤلاء الأطفال بنادى « أطفال الشوارع » بحي شبرا حيث كان يعمل مشرفًا اجتماعيًا.. اقتربت من هؤلاء الأطفال فضولاً فلم تكن هناك من دراسات إلا تلك التي أصدرها المجلس العربي للطفولة وكلها منقولة عن دراسات من أمريكا اللاتينية.
وبالفعل بدأنا في إذاعة اللقاءات وفوجئنا بخطاب من وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية يطالبنا بوقف إذاعة تلك الحوارات استنادًا إلى أن مصر لا توجد بها تلك الظاهرة.. وهنا أتذكر شجاعة الإذاعى "عبد الصمد دسوقى" حيث كان وقتها رئيسًا لإدراة البرامج الخاصة وقرر أن يكمل إذاعة تلك اللقاءات على مسئوليته إيمانًا منه بصدقها وخطورتها.
وقبل أن أبدأ في إجراء التسجيلات مع الأطفال بالنادي. حذرني الشبان المشرفون على هؤلاء الأطفال من أن الأمر ليس سهلاً وبأنهم لن يفصحوا بسهولة عما بداخلهم وبعدم تصديقي لكل ما يروون لأنهم سيلفون ويدورون كي يفلتوا من أسئلتي ولكن بفضل مساعدتهم وقراءتي لملفات هؤلاء الأطفال استطعت أن أجري تلك الحوارات التي تنطق صدقًا وألمًا، وعلى غير المتوقع أملاً في أن يتنبه المجتمع لمأساتهم وينتشلهم من الضياع وكان كثيرًا ما يبدو لي هذا أملا ساذجًا. ولكني بعد مضي تلك السنوات ومع انتباه الدولة على أعلى مستوياتها لهذه الظاهرة واعترافها بوجودها وضرورة مواجهتها أدركت أن الحياة بلا أمل هي يأس.. هي.. لا حياة.