كواعب أمام عتبات بيوتهن المعطرة، ومع بسمة الشفاه والنظرات البريئة تنطلق حناجرهن بالاهزوجة التي مطلعها:
"طلعت الشميسة، على قبر عيشة".
غير إنّ الشاعر أرادها: "طلعت الشميسة، على شعر عيشة".
إنها (عائشة)، بنت التاسعة.. الحميراء.. الجميلة.. الحواء وصنم النبي.
إنها المحاربة.. القاهرة.. المقاتلة والنبية.
هكذا يخبرنا عنها الشاعر سعدي يوسف من دون أن يضيع علامات التعريف، شارحاً بهدوءه وبنبرته الخافتة إنه التاريخ الذي مايزال يعذبنا سمّه والفصول التي تتناوب على تجديد طقوس الفرقة، ساعياً في الكشف عن تجاعيد وجهه ـ أي التاريخ ـ من دون مساحيق التجميل، وإن إختنق ـ أقصد التاريخ ـ فالشاعر دائم التفريق بين التطرية والطراوة إن سحرته الثانية شعر بالرجفة البائسة أزاء الأولى.
سعدي مازال يحرك بل يهز الساكن، وهناك مَنْ يكسر القواعد ويرمي قشور الموز تحت الأقدام.
قال صاحبي المصاب بحالة الشعر: كانَّ الشاعرُ مبكراً في نشر قصيدته!، أطرق قليلاً ثم علق " إنَّ الشعر فن مشترك بين البشر ماذا لو تراجع تحت وقع الحجارة والشتائم".
وأخيراً فالشيوعي الأخير لا يأبه إن إتخذ وحده مقعداً في القطار الأخير.