"السّرج المذهّبُ، لا يجعل من الحمار حصاناً"
(مثل ألماني)
من يتذكر المستشار كونراد اديناور؟
حسناً؛ دعونا نقول إن المستشار الألماني السابق، الذي ورث هزيمة "ألمانيا الهتلرية" بعد الحرب العالمية الثانية، هو الذي أنقذ ألمانيا، ألمانيا ذات التاريخ الثقافي المتميز، والحضور الحضاري الخاص في أوروبا، بعد هزيمة عسكرية ماحقة، على أيدي جيوش أوروبا وأمريكا.
في تلك الأيام، تم تقسيم ألمانيا الى ألمانيتين.
وفي تلك الأيام، كانت اعلام دول مثل امريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا ترتفع في برلين.
وفي تلك الأيام، أيضاً، تذكر بعض النخب الألمانية الثقافية، أن بلادهم عاشت "حصاراً" ثقافياً، استمر قرنين، بعد الانتصارات الفرنسية والبريطانية في أوروبا، في اعقاب حروب نابليون.
وقبل أن يطلق أديناور برنامجه الاقتصادي الجسور لإعادة البناء، كان بعض العرب يتذكرون قصائد جوته، ومطارحات هيجل، وجنون نيتشه، وكشوفات شبنجلر، وهيامات ريلكه، وتصريحات الدكتور جويلز.. أيضاً.
وضع الألمان تلك الهزيمة التاريخية، خلف ظهورهم ونظروا الى الصباح التالي، فكانت المعجزة الألمانية، وكان "الهر" أديناور كبير المديرين الاقتصاديين في بلاده، وليس المستشار فقط.
كان هو الرأس.
ومتى ما سلم الرأس تعافى الجسد.
وحين تقول الرأس، يطفر الى الذهن والخاطر والبال: الوجه، وقال الألماني كارل ماركس: مررت بظروف قاسية، ولكن وجهي لم يتغير.
والعين؛ وجه الوجه.
يقول شاعر المانيا جوته: وحدها عين الحب تبقى ساهرة عندما تنام العيون.
ويتكلم الرأس عبر العين، ومن خلال اللسان، وبواسطة الشفتين، همساً، وبطريقة هادئة أو صاخبة، عندما يريد إصلاحاً في الحال العام، أو في الشأن الخاص.
ونقول: اذا ما فسد رأس السمكة، صار جسدها كله خيسة.
أجاركم الله من الخيسة في الرأس، كما في الجسد، سواء في سمكة أو عجل أو شركة أو دولة.
وقد عرف رجل ألماني اسمه يورجان تومان هذه الحقيقة، فدعا النخب الاقتصادية في بلاده من رؤساء الشركات الى العمال، الى محاربة الفساد، دفاعاً عن ألمانيا.
تومان، هو رئيس "رابطة الصناعة الألمانية".
وقال تومان في بلاغ نشرته صحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار في الثلث الأول من شهر يونيو/حزيران الماضي "أدعو الألمان إلى الابلاغ عن المديرين الفاسدين".
من هو المدير العربي الذي يقول: ذاك هو رأسنا الفاسد؟!