إنّ غشّ المصنوعات الصياغيّة، واللوحات والتماثيل ... عمليّة قديمة – حديثة يمارسها صاغة وفنّانون وتجّار في مختلف أنحاء العالم. وتتشابه أساليب التمويه باستخدام طرق عديدة تؤدي بشكل عام إلى السرقة، وخفض كلفة المنتوج المُزيّف على حساب الأصالة، وجيوب المستهلِكين.
غش الذهب
كان في الثقافات القديمة من يتقلّد وظيفة ضبط عيار الذهب والفضة، مسؤولون أكفاء ونزيهون. فمثلا كان من كهنة الفراعنة من يشرف على وزن مقادير المعادن النفيسة المخصّصة لمختلف الاغراض .
لكنّ هذا لايعني سوى الحدّ من عمليات التزوير . ففي الهند مثلا يقولون: " صائغ الذهب يسرق حلقة الذهب من أنف أمّهِ ". ولهم كذلك: " إذا أخذتَ حُلية ذهبيّة سبع مرّات إلى الصائغ لن يبق منها شيئا ".
ومن أكثر الاشارات قُدُماً على استخدام قبائل " الأكان " في غرب افريقيا للمعادن النفيسة كان غش الذهب منذ مطلع القرن السابع عشر للميلاد. وذلك بتذويب المسكوكات الفضية وخلطها بالذهب لصناعة الحلي وبيعها على أنها من الذهب. وعنــد تحليل عدد من السبائــك " الذهبية " للأكان وُجد أنها تحتوي على نسبة عالية من الفضة.
وبالرغم من قساوة مولاي عبدالرحمن ( حاكم فاس بين 1822 – 1859 )، ومن ذلك رقابته على انتاج وصياغة الذهب والفضة؛ فانّ أحاييل الصاغة العاملين في قصره وتحت حراسة جُنْده كانت تنطلي عليه. فمنهم مَنْ كان يحشي الذهب في جسده. أو يأكل لبّ الخبز، وفي المساء حين يخرج إلى منزله يأخذ معه ماتبقى من خبز كان في الواقع يخفي فيه قِطعاً من الذهب أوالفضة. وظلّت هذه الخدعة غير معروفة فترة طويلة حتى انكشف الأمر فأُعدِم كل من مارسها.
ويشير الجَزْنائي ( القرن 10 هـ / 16م )، في مخطوطته " الاصداف المُنْفَضَّة عن أحكام علم صنعة الدينار والفضة " إلى مختلف أشكال الغش والتزوير التي يرتكبها العاملون بدار الضرب أو المتعاملين معها، مثل خلط النحاس بالذهب. أو الرصاص بالفضة. أو تزوير طابع ضرب الدراهم ... كما يذكر طُرق اختبار المعادن النفيسة مما يَرِد على أمين الصاغة: " من سوار وخلاخل ومقاييس ومناطق واخراص وبزائم وحلي السيوف وعدة لجام وألواح الاطفال ودباليج ونبائل وقلائد ونحو ذلك ... " لغرض تفادي الغش من ناحية، ولوسم المصوغات من ناحية أخرى. فإذا كانت الحلي مغشوشة، فمن جملة الاجراءات التي كان أمين الصاغة يسلكها هي كسر وتهشيم المصوغة أمام صاحبها. وهي نفس الطريقة التي يتّبعها أمناء الصاغة في المغرب لحد الان.
ومن تقاليد بعض الأقوام، كما هو الحال في عدد من بلدان العرب والمسلمين، التزيّن بحلي ضخمة. وإذا كان هذا لايزال ممكناً في الفضة، فما هو الحل عندما تصعد أسعار الذهب إلى أرقام غير مسبوقة؟. الحل في الهند، حيث يستورد تُجار الذهب تقنية ايطالية لانتاج رقائق من الذهب وحشوها بخليط من الفضة والنحاس للحصول على حلي كبيرة الحجم، ثقيلة الوزن، تحمل بريق الذهب وبأسعار مناسِبة أيضا.
اعتاد بعض أثرياء الجزائر دعوة الصاغة للعمل في منازلهم وتحت رقابتهم المباشرة مخافة الغش. وكان يجري تفتيشهم بدقة قبل خروجهم كي لا يسرقوا ما صنعوه من منزل الزبون ويعوضوه في اليوم التالي بقطعة مشابهة لكنها مزوّرة. لكنّ من هؤلاء الصاغة من كان يخفي قطعاً صغيرة من الذهب بلاصق خاص في لحيته الكثّة دون انتباه الزبائن.
كان الذهب، ولا يزال، الاحتياطي الأخير سواء بالنسبة لخزين العائلة، أم خزائن الدول. وذلك لحفاظه على قيمة حقيقية مقارنة بتضخم وتدهور العملات الورقية. لكن الرأسمالية الشرسة والوحشيّة بما أعطت نفسها من نفوذ وقوانين، تهزّ أركان الذهب كيفما تشاء تبعا لمصالحها، تماماً كالسيطرة على أسعار النفط والغاز والعقار ... ففي عام 1970 كان سعر أوقية الذهب 36.02$، وقفز في عام 2012 الى 1668.98$ ...
وتشير المصادر المالية والاقتصادية الى اكتشاف سبائك ذهبية مزوّرة في مانهاتن في ولاية نيويورك الأمريكية، وذلك بتغليف معدن ال " تنجستن " برقائق من الذهب، ودمغ السبيكة على أنها من الذهب الخالص. مما أحدث أزمة ثقة بين أمريكا والصين بعد إقدام الولايات المتحدة على بيع الصين ذهباً مزوراً.
وفي عام 1990 كانت فضيحة تزوير المسكوكات التذكارية الذهبية " هيروهيتو " التي بيعت في اليابان؛ حتى أنّ بعضها تسرّب إلى البنك المركزي الياباني نفسه.
تزوير علامات الوسم
إنّ معنى دمغ المصوغات من الفضة، والذهب بوسم ما، هو توثيقها: بأنه قد تمّ امتحانها لحفظ مصالح البائع والمشتري: فالبائع يضمن اقتنائه لمعدن نفيس من مكان مرخّص به رسمياً. والشاري يضمن دفع المال مقابل مصوغات حقيقية.
ومن أفضح وأفضع أشكال التزوير خطراً هو تقليد خواتم الدمغ الرسمية المعمول بها في مكاتب وسم الذهب والفضة.
وقد حرص النبيّ الكريم على عدم تزييف خاتمه وخَتْمِه. فقد جاء في صحيح مسلم عن أنس، أن الرسول صنع خاتماً من وَرِق نقش عليه محمد رسول الله. وقال للناس: إني اتخذتُ خاتماً من فضة ونقشتُ فيه محمد رسول الله، فلا ينقش أحد على نَقْشِهِ.
لكن تزوير الأختام كثيراً ماحصل في التاريخ. ومن ذلك فقد جاء عن زين الدين الحنبلي ( 736 – 795 للهجرة ) في " كتاب أحكام الخواتم، ص. 137 " عن الاوزاعي ( ولد عام 88 للهجرة )، قال: نقش رجل على خاتم عمر بن عبد العزيز فحبسه خمسة عشرة ليلة ثم خلى سبيله.
وفي نهاية القرن التاسع عشر زُوِّرت أختام الدمغ في مدينتي بوسعادة والبليدة في الجزائر. وقد كُشِف الامر وتمّ اعتقال المزورين وقُدموا للمحاكمة.
وفي عام 1990، حُوكِمَ في الدار البيضاء بالمغرب عدداً من تُجار الذهب وبحيازتهم مصوغات ذهبية زوّروا طابعها الذي نقشوه بواسطة مزيفين ايطاليين، وصاروا يختمون المصاغ سراً ويتقاضون 4 دراهم عوضاً عن 8,30 التي تفرضها مصلحة الضمانة بادارة الجمارك المغربية.
ومن الغش باستخدام علامات دمغ الفضة، كالطغراء، هو خلعها من مصوغات ليست ذات أهمية فنية كبيرة كالشوكات، وسكاكين الطعام ... ولحمها على مصوغات جديدة مصنوعة من معادن بخسة مموّهة بالفضة، مثل الاباريق والصحاف والمرايا ... فيصعب على المشتري فهم هذا النوع من التزوير.
يُشير تعبيرPerak Assam الى الفضة الملايوية من عيار عالي (أكثر من 90% )، غير أنّ كثيراً من أطقم خدمة الشاي الاندونيسية الحديثة، وخاصة المصنوعة في
Jogjakarta in Central Java والمتأثرة باسلوب الباروك الصياغي الهولندي، مصنوعة من سبائك فيها 40 – 50 % فقط من الفضة، رغم انها تحمل الطابع الاصلي للفضة عالية العيار.
كما يُزوّر عيار الفضة أحيانا في زحمة الصاغة على موظفي الدمغ. فنتيجة ضيق الوقت يفلح بعض المزوِّرين بدمغ مصوغاتهم بعيار أعلى من حقيقته.
وفي السوق الخليجية، كان هناك تلاعباً في عيار المعادن النفيسة في غياب الرقابة الفعاّلة. فمن التجار من يملك ورشاً تصنع مصوغات الذهب محلياً وتعرضها في الاسواق مغشوشة في عيارها: كأن يُباع الذهب عيار 18 على انه عيار 21، أو الذهب عيار 16 على انه عيار 18.
ومن أسوأ الغش هو وسم المصنوعات من المعادن البخسة وبيعها على أنها من الفضة الجيدة. ويمكن كشف هذا التزوير بواسطة بَشْر المعدن بالسكين فتكون الفضة سهلة القَطْع لرخاوتها، بينما يصعب قطع المعادن البيضاء الاخرى كالنيكل نظراً لصلابتها.
وتبقى أكثر طرق التلاعب شيوعاً في العالم انتاج المصنوعات من المعادن النفيسة وبيعها بدون دمغة لتفادي دفع ضريبتها.
تزوير المسكوكات
بدأ تزييف النقد مع صك أول مسكوكات معروفة منذ زمن الليديين ( القرن السابع قبل الميلاد )، وذلك بتخفيض نسبة الذهب مع الفضة في سبيكة الالكتروم؛ أو بتغطية النحاس برقائق من الفضة ...
ويُورد أبو الحسن علي بن يوسف الحكيم في مخطوطه: " الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة" بخصوص الغش في النقود وكسرها وعقوبة من قام بهذا العمل ... فيقول بانه في عهد الخليفة أمير المسلمين وناصر الدين أبي فارس عبد العزيز( 1 ) ... اٌتُّخِذَت إجراءات صارمة بحق الغشاشين والمزورين نتيجة تفاحش القرض في الدرهم وفساد المعاملات والتجارات . فمنع من التعامل بالدراهم الزائفة الناقصة، وأنه لايتعامل إلا بالمسكوكة الوازنة الخالصة. وعقوبة من ارتكب المحظور في إفساد السكة تكون شبيهة بعقوبة السارق ...
ويشير أبو الحسن الحكيم الى أن غش السكّة أمر قديم، إذ يذكر عن أبوعبد الرحمن التميمي : " كنت قاعدا عند عمر بن عبد العزيز ( 61 – 101 للهجرة )، وهو إذ ذاك أمير المدينة، فأتي برجل يقطع الدراهم فَشُهِدَ عليه فضربه وحَلَقَه، وأمر به فطيف به، وأمره أن يقول: " هذا جزاء من يقطع الدراهم ". ويضيف الحكيم بأن " الدنانير والدراهم لاتجهل حرمتهما، فانها صيانة للنفوس، ولولا حرمتها لما قطعت يد السارق فيما قيمته ربع دينار أو ثلاثة دراهم، واليد ديتها خمسمائة دينار".
وكتب بديع الزمان الهمداني ( كاتب وأديب عربي 969 – 1007 م. ) في مساجلته مع اللغوي والأديب أبو بكر الخوارزمي حول فساد النقود في زمنه قائلا: "... فقد صار الناس أجمع صيارفة، والنقود زائفة. والتجارات واقفة....". فاستقامة السكّة أمر مهم به يستقر نصاب الزكاة والمبادلات التجارية.
ومن وسائل غش الحلي الاسلامية تزوير النقود الفضية المصاحبة للمصاغ، مثل استبدالها باخرى أقل وزناً، وأقل فضة في سبيكتها. فقد وُجِد بعد التحليل ان بعض النقود الجزائرية المزوَّرة تزن 20 غراماً بدل 25 الوزن الحقيقي. وعيارها من الفضة 650 عوضا عن 900.
كما تُقَلَّد العملات الفضية المستخدمة في الحلي بأخرى خفيفة تحمل كتابات غير واضحة لتحلّ محل الدراهم الحقيقية على مثال بعض حلي تونس والجزائر.
وقد تعاظم نَسْخ العملات الفضية لاغراض استخدامها في الحلي في الفترة بين الحربين العالميتين. ومن ذلك، عدم كفاية المسكوكات الحقيقية المتداولة في الاسواق. فصُنِعت نقوداً تشابه الاصلية لكنها من فضة واطئة العيار، أو من معدن بخس مطلي بالفضة، ك " الحَسَنِي " في المملكة المغربية؛ و " السلطاني " في الجزائر. وقُلِّدَت مسكوكات عديدة أوربية، وإسلامية لاستخدامها في التجارة والصياغة، وأشهرها " ثالر ماريا تريزا " ( 2 ).
ومن مظاهر الغش الجماعي مايحصل للعملات المثقوبة التي تستخدم في الحلي. فحينما تحلّ سنوات الجفاف والمجاعة ينزع السكان النقود عن الحلي ويقتنون بها مايحتاجونه من مواد غذائية واستهلاكية بعد سدّ الثقب بالرصاص.
نماذج من تزوير الفضة
قبل غش الفضة كانت سبائك النحاس Copper ، والبرونز Bronze ( سبيكة تتكوّن عادة من النحاس والزنك والقصدير )، والصِفر (النحاس الاصفر) Brass غالبا ماتُموَّه بالقصدير tin لاكسابها وقع الفضة؛ ولمنع تكوين صدأ على هذه المعادن عند تعرّضها للرطوبة العالية. حيث أن كل المعادن تتأكسد عدا الذهب.
وعقب الاحتلال الفرنسي للجزائر أضحت باريس أحد أمكنة إنتاج المصنوعات التقليدية الجزائرية، ومنها المعدنية، كالخواتم والمشابك والخُلّالات المطعمة بالاحجار المزيفة، مثل " خُلّالة مسّاك "، والخناجر والسيوف ذات الاغماد المزخرفة وغيرها، التي كانت تُصنع من النحاس المُمَوّه بالفضة، وتُطَعَّم بفصوص مزوّرة أو زجاجية، وتزيَّن بمسكوكات مغشوشة. وكانت تُباع بكثرة للسياح في المدن المغاربية، وفي فرنسا، وتدرّ أرباحاً طائلة على المزيِّفين. إذ أنّ صناعتها الالية في باريس من معادن بخسة وأحجار مُزَوَّرة، وعرضها للبيع على أنها صناعة يدوية جزائرية أصيلة من الفضة والاحجار الثمينة يبيعها جزائريون بزيهم التقليدي كان يجذب إقبال الناس والسياح الذين لا يعرفون حقيقة هذه المُنتجات. وافتضح الامر لاحقا إلى حد مَنَعَت إدارة المعرض العالمي الذي أُقيم في باريس عام 1889م من بيع المصنوعات المعدنية في الجناح الجزائري، على أنْ تُباع المشغولات المصنوعة في الجزائر والتي تمّ استيرادها من هناك فقط.
وتُزَيَّن الحلي الفضية الحديثة والسيوف والخناجر والعلب بإكسابها وقعاً قديماً وأثرياً، مثل تطعيم النموذج الحديث بمفردات ومعلّقات ونقود قديمة.
ونظراً لغنى البلدان النفطية، فان الشركات الاجنبيه تتبارى بتزوير كل ما يمكن تزييفه من حلي، ودِلال ومرشّاة ماء الورد وعُلب ... التي تُزَوَّرعادة في الهند وباكستان باستخدام المَكْنَنَة وفضة واطئة العيار، وبيعها بثمن المصنوعات اليدوية الاصلية.
وللتلاعب بوزن المصاغ، يدسّ الصاغة المزورون أسلاكاً وقطعاً من معادن بخسة في المصنوعات المدموغة لزيادة وزنها وبيعها بثمن أعلى. مثل لصق الرصاص المُغلّف بشريحة من الفضة بقاعدة تحفة قديمة. أو بصبّ مواد ثقيلة مثل القار والنحاس والرصاص داخل الاشكال الكروية الكبيرة ...
بالاضافة إلى استخدام لحام من الرصاص والنحاس، أو سبائك لحام ذات عيار فضي منخفض، لوصل القطع الفضية، أو في صناعة المعلّقات والحلقات التي تربط مفردات الحلي ببعضها بدلا من الاستعانة بسبائك لحام من الفضة الجيدة.
ويفكِّك الصاغة النماذج الفضية المُركّبة من عدة قطع كلها مختوم بوسم المراقبة. فيعوِّضون بعضها بأخرى مشابهة لها الا انها مصنوعة من فضة واطئة العيار، أو من النحاس المطلي بالفضة. فيبقى الوسم على بعض أجزاء المصوغة. ويتصور المشتري بأن كامل الحلية مصنوع من الفضة.
وثمّة طريقة طريفة للتزييف والغش يقوم بها الصائغ رغم مراقبة الزبون الشديدة. فعندما يتقدم الزبون الى الصائغ لصياغة حلية معينة يكون في ذهنه أنّه سيراقِب الصائغ طيلة الوقت. فيأخذ الزبون مواد حليته إلى الصائغ صباحاً ويرجعها إلى داره مساء حتى يتم صنعها. أما الصائغ فانه يهيىء قطعة مشابهة تماماً من معدن بخس مطلي بالفضة ويضعها في برميل الماء الذي تبرد فيه الحلي بعد تسخينها، ويكون لون الماء معتماً لما فيه من مواد وأوساخ. وفي يوم التسليم يُغطس الصائغ الغشّاش المصوغة الحقيقية في البرميل ويجذب المزوّرة يقدّمها إلى الزبون. إذْ لابدّ من تغطيس الحُلية في إناء فيه محلول حامض الكبريتيك الذي يساعد على إزالة الاكسدة الناجمة عن أعمال الصياغة.
كما يلجأ بعض الصاغة إلى استخدام الفضة الالمانية، أو المعدن الأبيض، أو النيكل، أو الرصاص ... أو تهيئة سبيكة الفضة من عيار واطىء عن طريق إضافة معادن بخسة بكميات كبيرة ... وبيع مصوغاتها على انها مصنوعة من الفضة الخالصة ( 3 ).
وتجدر الاشارة إلى حادثة قام بها غشّاش ألماني رواها بنفسه عام 1880. إذْ استغلّ حبّ النساء للمصاغ التقليدي، فصنع قوالب لخواتم وأساور وأقراط حملها معه متنقلا بين ربوع المملكة المغربية يصوغ بالرصاص بدل الفضة ويبيع منتجاته بأسعار رخيصة، يساعده في ذلك معرفته للغة العربية، واستمرّ في " مهمته" دون أن يكشف أحد سرّه، ولم يخرج من البلاد إلا ثرياً عن طريق الخداع والتزوير.
ومن طُرُق التزوير التي كان يمارسها بعض الصاغة في الجزائر خداع البدو وسكان القرى الذين يلجأون إلى الصاغة المتنقلين يُذوّبون عندهم مصاغهم الفضي القديم لانتاج حلي جديدة. فكان من هؤلاء الصاغة مَنْ يستبدل الفضة بمعدن بخس دون انتباه الزبائن، الذين يكتشفون الزيف ويعرفون الحقيقة بعد فترة طويلة أحياناً حينما يعرضون حليهم " الجديدة " للبيع، أو لتذويبها وصياغة أخرى محلها.
ويستغل المزورون تكدّر المصاغ الفضي عند تعرّضه للغازات الكبريتية أو للكبريت الموجود في البيض والخل ... أو استخدام الشمع المحروق لاعطاء المصنوعات الفضية الحديثة طابع القِدَم.
وهناك تزوير نماذج الفضة الحديثة بدفنها فترة وعرضها للبيع على انها آثار تاريخية وُجدت في الحفريات.
وبما أنّ مجموعتي مشيّدة على أساس أكاديمي وليس تجاري، فانها تضمّ من بين محتوياتها موضوع: تزوير المصاغ. ولتغطية ذلك قَصَدْتُ عمداً لشراء بضع عشرات من نماذج مزوّرة بطرق متنوّعة. وذلك من أصل كامل المجموعة الذي يزيد عددها على أحد عشر ألف تحفة.
ويرتبط بالغش قضايا تهريب المصاغ: فهذه سيّدة حاولت تهريب عقد نادر في ملابسها الداخلية. وأخرى وضعت ماسات في أكياس نايلون وابتلعتها. وهذا تاجر صرّف أمواله في بلد آخر بالسوق السوداء واشترى نصف طن من المصاغ الفضي للعبور به وبيعه في بلده دون دمغه فضبطته الجمارك ... وغير ذلك العديد من القصص التي ينشرها الاعلام.
ومن التزوير كذلك بيع وشراء المصاغ على الانترنت، بالاستفادة من عولمة تجارة الانتيك التي تعكس جانبين: الأول، الفرص الكبيرة والمُرْبحة للبعض لاقتناء تحف مهمّة بأسعار زهيدة بالاستناد الى معرفة الشاري وجهل البائع. ومن هؤلاء من كوّنَ، وبسعر زهيد مجموعة جيدة.
أما الثاني، فهو على العكس تماماً، اذ يكون ثمن بعض الاخطاء باهضاً نتيجة جهل الشاري بما يقتني. أو نتيجة جهله ببعض قواعد البيع والشراء من خلال الانترنت. اذ لايوجد هناك مقياساً أفضل من رؤية القطعة بالعين ولمسها باليد. أما الاستناد على صورتها فقط، فانه يصعب أحيانا التأكد من حقيقتها: أتحفة أصيلة أم مزوّرة؟. كما يتعذّر إعادة البضاعة الى المزاد الانترنيتي بعد اقتنائها واستلامها، خاصة اذا وافق المشتري على شروط التعاقد التي غالبا ماتُكتب من قبل محامي ضليع، وبشكل مطوّل، وبحروف صغيرة ... وقد يشتري الشخص ذهباً لكنه يستلم مصوغة مذهّبة. أو يشتري فضة ويستلم مصوغة من النحاس أو النحاس المطلي بالفضة. او يقتني " تحفة " كما يظهر من صورتها ومواصفاتها، ويستلمها مزوّرة ...
"شفيلد " و " الكنغتون "
بموازاة التزوير، هناك ظواهر أخرى. ومن أنصع أمثلتها مايعرف بـ Sheffield Plate ، التي ظهرت كتقليد للمصنوعات الفضية المطليّة من طراز Queen Anne ( حكمت بريطانيا بين 1702 – 1714 )، وطراز الفضة الـ Georgian ( 1714 – 1830 )، حتى أصبحت صحاف " شفيلد " مشهورة بحد ذاتها وتحمل طوابع وسم خاصة بها، لكنها لاتصنع من الفضة، بل من النيكل المُموّه بالفضة بواسطة الـطلاء الكهربائي Electro-deposit .
وهناك شركة Elkington and Company (1829 – 1968) التي كان من أنشطتها صناعة طِبْق الأصل لتحف فضية أصلية وفريدة. و يوجد عدد من هذه المصنوعات المُقَلّدة في المتاحف العالمية. وفي مجموعتي تحفتين منها.
تزوير المواد المصاحبة للذهب والفضة في المصوغات
لا يتوقّف غش المصاغ على المعادن النفيسة، بل يتعداه إلى مايصاحبها من أحجار، ومواد طبيعية، ومصنّعة التي واكبت صياغة الحلي عبر العصور.
فقد صنّع الفراعنة حجر الفيروز. كما نجحت زراعة اللؤلؤ الياباني الذي غزا أسواق العالم. ومن الياقوت المعروض في الاسواق ما هو مُصَنَّع، ورغم ذلك فانه غالي الثمن لان الياقوت الطبيعي نادر ...
و قد نجم عن استخدام المواد المصاحبة مع الذهب والفضة تزويرٌ مضاعفٌ: غش المعدن النفيس، وتزييف المواد المصاحبة. ومن ذلك رفع ثمن المصوغات من المعادن النفيسة المطعمة بالاحجار دون مراعاة القيمة الحقيقية لها. فلغرض رفع أسعار الخناجر المصنوعة في بخارى خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كان الصاغة يُطعِّمون الغَمْد والقبضة بأحجار مُصَنَّعة ويعرضونها للبيع على أنها حقيقيّة.
وتحت عنوان: " بيع أحجار ثمينة مُزَيَّفة في الهند، " صحيفة الشرق الاوسط "، 03/01/1995 ": " أن أغلب الدول الغربية تقوم ببيع أحجار ثمينة مزيفة في الهند بسبب القصور في عملية تحديد نوعيّة هذه الاحجار...". فما بالك ببيعها في المستعمرات؟!.
وهناك تقليد فصوص العقيق اليماني الاصيل، وخاصة ذلك الذي يحتوي على تكوينات لصور وأطياف لونية، جميلة وجذابة، منها أشكال لحيوانات ... وطيور ... وأغصان ...
وقد عرف الاخصائيون الأجانب الاهمية التي توليها القبائل الاسلامية للأحجار والمواد المصاحبة للحلي، وندرة بعضها، وارتفاع أثمانها مثل اللؤلؤ والعنبر والمرجان والفيروز والزمرد والياقوت واللازورد والعقيق الأحمر اليماني وغيرها ... فاستغلوا جهل الناس وعدم تمييزهم بين الاصيل والمصنّع، وثقتهم بالتعامل الصادق والشريف فيما بينهم ومع الاخرين ... فدخلوا إلى سوق هذه المواد عن طريق تصنيعها من معاجين الزجاج والخزف و" البلاستيك ". فأنتجت فرنسا وايطاليا وألمانيا وجكوسلوفاكيا والدول الاسكندنافية ... أنواعا متعددة من الاحجار " الثمينة "، خاصة وقد توصل العلم إلى إنتاج الماس والياقوت والشذر واللازَوَرد واللؤلؤ ... صناعياً وبشكل جميل وسعر مناسب.
ومنذ القرن التاسع عشر استخدم المرجان المزوّر في حلي المسلمين بشكل واسع، كما لدى القبائل في منطقة تيزي وزّو، وفي بجاية في الجزائر بواسطة الشمع الاحمر، ولدائن كيميائية من السليلويد.
وبجانب ذلك أنتجت معامل الغرب خِرَزاً وفصوصاً من أشكال وأوزان وألوان تشبه النماذج الاصلية الطبيعية. ويمكن معرفة الأصيل من المزوّر بفحص الشكل، وطريقة التثقيب: فشكل الخرز المزوَّرة غالباً ما يكون منتظماً. و تُثْقَب الخرزة بالمكائن الحديثة بشكل دقيق ومستقيم. بينما يكون ثقب الأحجار القديمة متعرِّجاً نتيجة استخدام أدوات بدائية تُثَقِّب الخرزة من الجانبين للوصول الى نقطة اللقاء في وسطها.
ورغم أن الخرز والفصوص الاصطناعية لاتزال تُنتج وتُباع في الاسواق، غير أنّ أهالي القرى يفضلون المصنوعات المحلية والاصلية. فمثلا هناك بعض الخرز الزجاجية التي تدخل في مكونات القلائد والسُبَح الموريتانية يتم تهيئتها محلياً وبطرق بدائية من بقايا القناني الزجاجية بعد سحقها وإضافة مواد معينة لها وتذويبها ثم تُصَيَّر لآلىء مختلفة الالوان والاشكال، وتلاقي إقبالاً كبيراً لدى نساء موريتانيا، حتى أن بعض التجار يروي بأنهم يبادلونها بالجِمال!.
وهناك طريقة أخرى للصناعة الموازية: بين الطبيعي والمزوّر: فبالنسبة لفصوص وخِرَز المرجان والعنبر والامازوينت والفيروز ... فانها تُصنع من مسحوق هذه الاحجار، التي تُصهر وتُصقل وتُثقب فيخالها الناس أحجاراً حقيقية.
وعندما أصبح سعر العنبر أضعاف ماكان عليه في ثمانينات القرن العشرين صار يُزَوَّر باستخدام قرون الخرفان مع دهانات خاصة بحيث يتعذّر تفريقه عن الاصيل إلا بطريقة الوزن: فالمزوَّر أثقل وزناً.
وحالياً يستفيد المهتمون من التقدم العلمي والتقني في فضح التزوير. إذ صُمِّمت آلات تعمل على أساس الاشعاعات الصادرة عن الأحجار. وهناك جهاز مزوّد بحاسوب وشاشة تعكس نتائج عمل الجهاز. وآلة صغيرة الحجم يمكن وضعها في الجيب لتمييز الماس الحقيقي من المزيّف.
أما بالنسبه إلى تزوير طلاء المينا السوداء فيكون بواسطة إحراق شمعة وتعريض القطعة إلى دخانها حيث يتغلغل النيلج إلى حزوز الزخارف، ثم تُمسح سطوح المصوغة لتلميعها، فيبقي اللون الاسود في الزخارف المحفورة وكأنه مينا سوداء .
ونَشَرَت الصحافة العربية والعالمية عن ماسة مزيفة، تعكس عالم التزوير السريالي الذي يتضمّن الغش اللاأخلاقي الذكي والشرير. والموضوع عن احتيال قام به نصّاب أدى إلى إفلاس محل مجوهرات في أحد الأحياء الراقية في لندن. بأن أودع النصّاب ماسة مزيّفة لعرضها في واجهة المحل بقيمة 500 ألف جنيه استرليني، وذلك لمدة اسبوعين فقط، مقابل وَعد لصاحب المتجر بمكافأة مقدارها 000 10 جنيه سواء بيعت الماسة أم لا. أو تعويضاً مقداره 30% من سعر الماسة إذا بيعت. وخلال هذه الفترة عرض أحد الزبائن مبلغ 000 300 جنيه ثمناً للماسة. فاتصل الجواهرجي بالنصاب الذي رفض العرض. ثم تقدّم زبونٌ آخر بعرض 000 450 جنيه استرليني الذي رفضه النصّاب ثانية. وفي نهاية فترة الاسبوعين حَضَرَ النصّاب المُحتال لتسوية الموضوع وفاجأ الجواهرجي برفض استلام الماسة لأنها مزيفة، و مُصِراً على أن ما أودعه لدى الجواهرجي كانت ماسة حقيقية بدليل العرضين 000 300 ، و 000 450 جنيه استرليني. وقد أفضت هذه الحيلة إلى اضطرار الجواهرجي البريطاني لبيع متجره لتسديد مبلغ 000 500 جنيه استرليني للمُحتال لماسة مزيفة لا يتعدّى سعرها مئة دولار.
هناك إذن طرقـاً شتـى لصنـوف التزويـر يصعـب حصرها ومراقبتها، حيث يبتدع المزيفون أساليباً مبتكرة لمواصلة غش الناس ... وغالباً ماتنطلي على المشترين ومنهم الجامعين والهواة . أما المتمرّسين، أو ممّن سبق أنْ لُدِغوا ووقعوا في فِخاخ الخداع فيكونون أكثر حذراً: فمنهم من يأخذ " التحفة " لامتحانها عند صائغ آخر. أو التأكد من صدقها لدى أمين الصاغة. كما يكون لدى بعض الزبائن دراية كافية ويحملون محاليل خاصة لكشف نسبة الفضة في عين المكان .
وهكذا تشكو السلطات والناس والتجار المخلصون في عملهم من تلاعبات الغشّاشين التي تؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني، وتعريض سمعة البلد في الخارج ... وانعدام الثقة بين التجار والزبائن: مواطنين وسياح، والاساءة إلى التاجر الشريف ... مما يدعو إلى فرض رقابة صارمة على أسواق بيع وشراء المصنوعات من المعادن النفيسة. وأول خطوة بهذا الصدد هي تطوير أجهزة وسم المصوغات. إضافة إلى ضرورة تعديل شروط منح الرخص التجارية لباعة الذهب والفضة، وإلزام محلات تجارتها باعلان قائمة الاسعار طبقاً لعياراتها. إلى جانب أهمية تدريب أخصائيين مجهزين بما يلزم من مُعدات لفحص ووسم المشغولات من المعادن النفيسة وكشف الغش فيها. ولا يكفي لذلك جلوسهم في المكاتب الادارية، بل القيام بالتفتيش الدوري لمحلات الصياغة.
ويختلف نظام إنزال العقوبات بمن يزاول الغش والتزوير بين فترة وأخرى. وكان يُحكم على المزوّرين بالموت أحيانا، أو بالسجن لسنوات طويلة، أو بدفع الغرامات النقدية الباهظة. إلى جانب تجريد الصائغ من لَقَبِهِ ومنعه من مزاولة مهنته.
وفي التاريخ أوْلَى المسلمون هذا الموضوع عنايتهم. إذ يتعرّض الجزنائي إلى وجود نظام وتسلسل دقيق لعقوبة الغشّاشين والمزورين. وأفرد لبعضها الفصل السابع من مخطوطته: وهي عقوبات تتراوح بين الزجر والضرب والغرامة والسجن وقطع اليد والقتل.
وبهذا الصدد كذلك يقول صاحب " الدوحة المشتبكة " بان أمراء الاندلس خصّوا الصرف في الذهب والفضة وضرب الحلي منها والنظر في الاحجار النفيسة كالياقوت والزمرد والجوهر وماجانس ذلك بالمسلمين ولم يكن يشتغل به عندهم إلا من وثق به وأمانته ومعرفته وديانته. لان المعاملات في سوق الصرف تكون على مايوجبه الشرع. فكما جاء في الحديث النبوي الشريف " من غشنا ليس منا "، فلن يوقف الصائغ عن الغش والتزوير سوى ضميره وإخلاصه لمهنته واحترامه للزبائن والتزامه بتوجيهات الاسلام. وهذا لايعني خلو ساحة الصياغة من آلاف الفنانين والحرفيين والصناع الأكفاء والنزيهين من جميع الأديان والطوائف.
ويتواصل تزوير المصاغ في الوقت الحاضر، خاصة وان التزيُّن بالفضة التقليدية في المناطق القروية والريفية لايزال مطلوباً وجذاباً، وأن المصاغ التاريخي القديم في مُلْكية أثرياء القرى والأرياف يُتداول عبر الاجيال ويُستخدم بالوراثة. ووجود صاغة معاصرين، على قِلّتهم، يصنعون حلي حديثة تشبه التراثية التقليدية. وإقبال السياح على هذه المصنوعات لجمالها وجاذبيتها دون اهتمام يُذْكر بأصالتها أو ذاكرتها الثقافية.
التزوير متنوع على مختلف المواد
الغش والتزييف قائم وموجود في شتّى المجالات، وفي مختلف الأزمنة والأمكنة: زيوف المصوغات، والمسكوكات، والتحف، والانتيك، والمخطوطات والمنمنمات، واللوحات، والتماثيل ... والعطور والساعات ولعب الاطفال ... والعلامات التجارية، وقطع الغيار، والملابس، والتسجيلات الموسيقية، والمعدات الكهربائية ... وجوازات السفر ... والعملات ... وأخطرها غش الادوية الذي هو بمثابة القتل الجماعي.
ولا تخلو أكبر وأشهر متاحف العالم، وأحيانا، من حشد كبير من " التحف " المزيفة التي تبقى ربما عقوداً قبل التعرّف عليها وكشف زيفها، أو تُعرض إلى ماشاء الله على أنها تحف أصيلة. وقد ذكرَ لي مدير أحد المتاحف الاوربية أن نسبة عالية من اللوحات المعروضة في متحفه مزورة!.
ومن ذلك كذلك مانَشَرته
The Art Newspaper No. 199, February 2009
أنّ متحف فكتوريا وألبرت اقتنى خمس مُنمنمات إسبانية من القرون الوسطي فاتَ أخصائيي المتحف الشهير أنها كانت مزوّرة. وقد وصلت مثيلات هذه المُنمنمات، التي أُطلق عليها إسم " المزوِّر الاسباني "، إلى متاحف أخرى مثل New York’s Morgan Library ، ومجموعات شخصية.
وتداولت الصحافة العربية والعالمية أخبار متحف " الفن المزور " في فيينا / النمسا، كل معروضاته من أعمال مزيفة ومنسوخة، لكن الغرض منه ليس التجارة أو الادّعاء، بل التوثيق والفُرجة.
ومن عناوين الصحافة عن الأعمال الفنية المزورة في المتاحف:
متحف " الفن المزوّر " في فيينا ... لوحاته " تزوير في تزوير "؛
و Fake antiquities litter top museums
و Revealed: One third of Brooklyn
Museum’s Coptic collection is fake
و How the entire British art world was duped by a fake
و Egyptian Statue, The British Museum, Christie’s the National Art Collections Fund and the Inland Revenue, among others, were all fooled.
ومن أجرأ أعمال الغش عرض المصنوعات المزوّرة بأسعار ليست مرتفعة فقط، بل أعلى من سعر الأصلي لايهام المشتري بأنها حقيقية: فهناك بضاعة مزيّفة، وأخلاق مزوّرة.
وقد تُباع بعض المواد المغشوشة بإتقان تحت أسم " مخزون شركات مفلسة " التي تقام في قاعات مستأجرة لمدة قصيرة. وبعد البيع، وكما يقول المثل " يطير الخيط والعصفور "!.
والغريب في هواية وحرفة التزوير، هو أنّ التقليد والتزييف ... يتطلّب مهارة عالية ووقتاً كبيراً وصبراً فائقاً. وهناك مصوغات متقنة الاخراج لكنها مصنوعة من معادن بخسة. وأعمالا فنية راقية لكنها مزورة. ولو أنّ الفنان والصائغ والحِرَفي يعيش صنعته بيديه وقلبه ووجدانه ... لنافسَ من يُقلده، وربما يتفوق عليه. حتى اذا أبدع وابتكر دون غش وتزييف وتزوير، بل بالنهج القويم والقدوة الحسنة، لحصل على سمعة جيّدة، ولوجد إقبال الناس عليه بقلوبهم وعقولهم، مما يدرُّ عليه أرباحاً مُجْزية.
ومهما بلغ التزوير مداه، فهناك من الخبراء المتمرِّسين القادرين على اكتشاف الزيوف برمشة عين. ( أنظر
Malcolm Gladwell. Blink, The Power of Thinking Without Thinking, 2005.
لكنه، وعلى الدوام، فلا أصالة في المصوغات والأعمال الفنية المزوَّرة، ولا أهمية تاريخية لها نظراً لافتضاح أمرها عاجلاً أم آجلاُ.
1 - هو أبوفارس عبدالعزيز المستنصر بن علي السابع عشر من سلاطين بني مرين ( حكمَ من المحرم 768هـ/سبتمبر 1366/م إلى 22 ربيع الثاني 774هـ / أكتوبر 1372م.
2 – وهي الملكة التي حكمت النمسا وهنغاريا وبوهيميا من عام 1740 الى عام 1780. وكان الاصدار الأول لعملاتها الفضية في عام 1741.
3 - الفضة الالمانية، وتدعى كذلك " الفضة النيكلية "، التي تظهر وكأنها فضة حقيقية رغم خلوها تماماً من الفضة. وهي سبيكة تتكون من الزنك والنحاس والنيكل مخلوطة بنسب متفاوتة، وتكون صلبة وقوية تقاوم التآكل، وتستخدم بكثرة في صناعة أدوات خدمة المائدة.
ويتكون المعدن الابيض Whitemetal من قصدير (صفيح) tin بنسبة 92% و antimony بنسبة 8% ويستخدم في انتاج حلي رخيصة الثمن؛ كما في الهند وباكستان. أو مصنوعات متنوعة مثل صحاف خدمة الشاي، كما في المغرب.
واستخدم الالمنيوم بكثرة في السبائك الحديثة لتزوير الفضة. والطريف تسمية الالمنيوم في بداية معرفته عام 1886 بـ " الفضة المستخرجة من الطين ".