وقفات في النقد الأدبي/ابراهيم مالك في خلاصة تجربته ..

2016-09-04
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/12f13fc5-a203-486c-bf5b-a5e94dd00424.jpeg
قبل فترة ، وفي اليوم الأول للعيد وصلني عبر الهاتف صوت صديق عزيز ، جاء الصوت هادئاً وجميلاً ومحملاً بعواطف الصداقة والأخوة النبيلة والصادقة التي نفتقدها أشد الأفتقاد في عالمنا المعاصر هذا ، لابد ان يكون هذا الصوت قادماً من بعيد البعيد ليس على صعيد المكان فحسب وانما على صعيد الزمان أيضاً ، في هذه الثواني القليلة جداً ولكن المركزة مابين سماع الصوت ونسبته الى صاحبه تشتغل الذاكرة بشكل عجيب غريب وغير قابل للوصف ، فتمر مشاهد وذكريات وأحاديث خطفَ البرق حتى يتوصل السامع ان توصل من معرفة صاحب الصوت : انه صوت الصديق الشاعر ابراهيم مالك الجزائري التونسي الفلسطيني ابن العالم العربي وابن العالم الذي يجمع في سيرة حياته أقطاراً وقارات ...

سلّم علي بدفء الصداقة وحيّاني بكرم روحه وسأل عني بوداد أخوته وأبوته ، ثمَّ أخبرني انه سيرسل الي نسخاً من كتابين جديدين صادرين له .. الكتابان ديوانان صادران حديثاً يتضمنان خلاصة تجربة الشاعر ابراهيم ، اسم الكتاب الأول الفراشة السوداء أما الكتاب الثاني والأخير فاسمه خلاصة تجربة ، وهو مثلما يدل عليه اسمه محاولة من الشاعر لترحيق تجربته وعياً ، وفلسفةً، واسلوباً ورؤيةً وطريقةَ تفكيرٍ وحياة ..
وعدني ان يكون البريد عندي في غضون اسبوع فهو سيرسله عن طريق ابنه المقيم في برلين وزميل ابنه الفلسطيني الذي يعمل في مقهى ومطعم عربي قريب وفي الحي البرليني الذي اسكن ، بيد ان البريد تأخر طويلاً حتى أوشكت على اليأس منه ولكن الزميل الفلسطيني حمل الي هدية وبريد ابن بلده في زيارة لي الى المقهى حيث يعمل.

الشاعر ابراهيم المولود في فلسطين والمنحدر من أبوين شمال افريقيين هاجرا الى فلسطين وأقاما في الجليل وهُجِّرا من ضيعة الى ضيعة مع ابنائهما وتحملا ماتحمله الفلسطينيون بدأ الكتابة واعياً ومصمماً بوقتٍ متأخرٍ نسبياً في أوائل التسعينيات من القرن الماضي ، وان كانت له تجارب من أيام الشباب في كتابة الشعر الموزون والمقفى..بيد ان ديوانه الأول لم يصدر حتى سنة 2001 وقد جاء بعنوان ـ في انتظار ان تأتي ـ.
من قناعاتي في عالم الكتابة الواسع الشاسع المتشابك المعقد المديد والممتع ايضاً ان يكون العمل الشعري والأدبي للشاعر والأديب بمثابة وحدة كلية واحدة يُكمِّل البناء فيه البناء السابق ويتحاور أيقاعياً وروحياً وفكرياً وفنياً معه ، فقد يجد القاريء فكرة أو صورة شعرية في عبارة أو بيت يحاورها أويحوّرها الشاعر بشكل جديد وخلّاق في بيت آخر مضيفاً ومبدعاً من جهة ومؤكداً لهويته وشخصيته الأبداعية والكتابية من جهة ثانية.. أي ان العمل الأدبي ثابت في هويته ومتجدد مع هذا على الدوام !!
ومن قناعاتي ايضاً قناعة تضيف الى هذه القناعة : ان لايقلد الشاعر أو الكاتب  شاعراً أو كاتباً آخرأبداً، قد يتأثر أو يحاور ، ولابد له في الأحرى ان يتأثر أو يحاور، لكن يجب عليه دائماً ان يترفِّع عن التقليد ويتجنبه ، فالتقليد نقيض الأبداع بل هو قاتله ، وهذا الترفع عن التقليد بل وهذه الخصوصية هو عين ماوجدته عند أبراهيم مالك قولاً وفعلاً ، تنظيراً وكتابة!!
في التقليد هناك حقيقة رياضية ـ من الرياضيات ـ ان المُقلِّد مهما أجاد لايستطيع ان يصل الى مستوى مئة في المئة من المُقَلَد طالما كانت غايته الكبرى الوصول الى تقليد الأصل تماماً . قد يصل مثلاً الى مستوى تسعين في المئة أذا جاز القياس بهذا الشكل ، ألا ان الكمال في هذا المسعى سيبقى للأصل فهو الغاية أو النهاية التي يتقهقر عندها المقلِدون . أما الحوار الأبداعي مع مبدع آخر سواء من جيل معاصر أو جيل غابر أو من أجيال سحيقة وموغلة في القدم ، فهذا جائز وجميل ، واذا تجاوز المُحاوِرُ فيه المُحاوَرَ ، أو تخطى فيه اللاحقُ السابقَ فهذا ابداع مابعده ابداع ، لأن فيه أضافة للمنجز الأبداعي الأنساني أو مايشبه في الرياضة تحطيم الرقم القياسي برقم قياس آخر !!
ديوان  ـ خلاصة تجربة ـ لأبراهيم مالك هنا هو تعزيز لتجربته الأبداعية السابقة ، تنويع عليها وأضافة لها ، والخلاصة أو التلخيص هو غير الأختزال هنا ، أنه اشبه بجمع الرحيق في قارورة أو ما أسميتُه بالترحيق قبل قليل ولاسيما ان ابراهيم شاعر دؤوب قراءةً ومتابعةً وكتابة.

في صفحة الغلاف الأول صورة نهر يخترق غابة ، أو لنقل صورة نهر نبتَ على ضفتيه شجر متشابك كثيف ، صورة قال عنها المؤلف : 
صورة الغلاف الأول: وادي مجردة في شرق الجزائر وهو مسقط رأس والدي صالح الأوراسي .
أما الغلاف الأخير فهو صورة لنهر أيضا وانْ بدا أصغر من النهر الأول لكنه محاط أيضاً بشجر كثيف يتعانق حوله ، قال الشاعر عن هذه الصورة :
صورة الغلاف الأخير : نهر الأردن!!

نحن اِذاً أمام ولع للشاعر بالأنهار فالديوان الذي تشكل صورةُ نهرٍ غلافه الأول وصورةُ نهرٍ ثانٍ غلافه الثاني ستكون أولى قصائده من عوالم نهرية وسترد كلمة ـ نهرـ بشكل صريح في أشارة واضحة الى نهر الفرات أو ربما دجلة  في قصيدته الأولى هذه التي أتت من وحي اسطورة سومرية .. ولأن القصيدة غير قابلة للتجزئة أولاً ، وقصيرة ثانياً فسأوردها هنا بشكل كامل .
             

      ( عيِّنات ـ 1 )

ما أعظمَ ما توحي به وتتحدث ُ عنه اسطورةٌ سومرية
تروي ان مجلسَ الآلهةِ انعقدَ لِيُسائلَ آحد آلهتِهِ :
عمَّن أعطاه الحقَ ان ينتهكَ أحدَ أبسطِ حقوقِ صبيةٍ
رأها من عليائه تستحمُ عند ضفةِ نهرٍ
فانقض عليها وانتزعَ عُذريتَّها بصلفٍ غرور.


لقد بدأ ابراهيم رحلته من ضفة نهر ، ولايهم ان يكون الفرات أو فرعاً من دجلة  ، ولكنه  نهر سومري من سومر البدء ، والنهر راحلٌ أبداً ومتجددٌ أبداً ، اذا لمْ يُقتَل ، فلنتابع !
وفي هذه المقطوعة التي تحكي عن مجلس آلهة ينعقد لمحاكمة اله في غابر العصور محاكمةٌ يعقدها الشاعر ، المتهمون فيها آلهة مزيفون من عصرنا سيخرجون منها مدانين أكبر أدانة  حتى لو لم يعلن الشاعر الحاكم نتيجة محكمته ومحاكمته ، ولابد ان تنقلَ مفارقةُ زمانِ الحدثِ ومكانِ الحدثِ القاريءَ الكريمَ ليقارنَ بين سومرَ بين النهرين بين زمانين : ماضٍ ومضارع!!


يخصص ابراهيم المقطوعة الثانية من المجموعة الشعرية التي سيحاور فيها أماكنَ ورموزاً من الأدب العالمي لسومر أيضاً وعلى وجه التحديد لأ نكيدو فيخاطبه قائلا :

انكيدو ياابن الطبيعة الحياة
ويانقيض كلِّ ماكانه كلكامش وحاشيتِهِ
من قضاةٍ ، عسكرٍ ، كتبة قصرٍ ، بغايا وكهنةِ معبد ،
فقدتَ حريتَك وافقدتَنيها لحظةَ سقطتَ في شباكِ مَن أغروكَ
بمتعةٍ جسديةٍ عابرة !


انه ينسب نفسه هنا الى الطبيعة ، الى الحياة في بدئها وبداءتها دون ان يكون مكترثاً أدنى اكتراث بالأنتساب الى الحضارة مع العلم ان بالأمكان انتسابه اليها لو اراد ذلك ، بيد انه يفضل ان يكون وريثاً لأنكيدو البدائي ويحزن لفقدان انكيدو بدائيته ، تلك البدائية التي تعني الحرية أيضاً !! ان معسكره هنا هو معسكر الطيور والأيائل والأحراش والسهوب وغابات القصب والبردي والنخيل والحيوات الحرَّة ، وماهو على النقيض تماما من معسكر القضاة والعسكر وكتبة القصر وغانيات المعبد وكهنته ! فالمعسكر الأول أو لنقل التجمع الأول هو تجمع انعتاق وانطلاق وفضاء وأجنحة وطيران وسهوب وجري وهواء طلق وحب بدئي وحرية !! أما المعسكرالثاني فهو معسكر أضابير ولوائح وأوامر وجنود يطيعون فينفذون !!  
ان الأنتماء للتجمع الأول هو انتماء لعذرية الطبيعة والحياة  ، وهو انتماء لعذرية الكون منذ انفلق ومثلما انفلق وقبل ان يتدخل الأنسان فيه ليقسمه الى عبد ومعبود ، الى مطيع ومطاع  والى أسير وحر ، وان كانت الحرية هنا زائفة لأنها نقيض شرطها الوجودي . وبنفاذ البصيرة هذا يكتب ابراهيم مالك هذا العمق بهذه البساطة !!
هذا الأنتماء الى الكون البكر والأرض البكر هو نفسه الذي يوجه ابراهيم في المقطوعة الأولى الى الفتاة السومرية التي فقدت عذريتها حين اغتصبها اله صلف !

ثم ينتقل الشاعر الى مصر ، ليخاطب أخناتون ويصغي لصوته الطالع من المحراب ، حالماً بمجالس يؤمها أخوة انبياء ، وهو هنا يؤكد على الأخاء فيضعه تماماً جنب النبوة !!:

أخناتون ياعشيق الشمس
أصغي للصوتِ الطالع من محرابك
وأنت تردد تراتيل عشقِك الشمسَ،
فيشتعلُ في عيني الحالمتين بريقُ مجالس،
يؤمها اِخوة انبياء.


ونحو اليونان اذ يلتقي ابيقوروس!

ابيقوروس!
كم هوجميل مانُسِبَ اليك قولهُ
وقد بات بوصلةَ حياتي
وبصيصَ نفقِ آخر عمري:
ليسَ لدي عجزُ الثورِ لأدير ظهري لآلام الناس.

ثم ينتقل ليخاطب شخصاً مبهماً في مكان لم يعلن عنه لكن الأسم المخاطَب هو عبد الله ، وان اتسع مدلول هذا الأسم ليكون في العربية كناية عن الأنسان ، أي أنسان ، أو أبن آدم ، بيد اننا نستطيع ان نتصور من اتجاه السير ومن الانتقال من الشرق غرباً وتعبير القرية الضائعة ان المكان اندلس اسبانيا وان عبد الله ماهو سوى عبد الله الأحمر آخر ملوك الطوائف !

قلتُ ياعبد الله :
علَّمَتْني اسطورةُ  ـ القرية الضائعة ـ الأشبه بقريتي
ان سِرَّ ضياعِها ، فقدانِها واندثارِها هو انسانها
( سادتُها الأحرارُ ) وعبيدهم.
 
ثم يمضي ابراهيم في رحلة حوار أو لقاء مع رموز من الأدب والفكر عربياً وعالمياً من أزمنة قريبة وبعيدة ومن وقفاته نجده يتوقف عند طرفة بن العبد ، اليشكري ، ابن الورد ، الشافعي ، المتنبي ، المعري ، دانتي ، ابن عربي ، كازانتساكس ، اراغون ، لوركا الذي يخاطبه باسم غارسيا فيقول :

ياغارسيا!
ياقمر الأندلس الحزين!
ألمْ تزلْ تتذكرُ قتَلتَكَ
قَتَلَتُكَ هُمْ قَتَلَتي
وانْ تغيَّرَتْ صبغةُ جُلودِهم وتبدَّلَ لَغْطُهم،
فالقتلةُ سارِقو ألَقَ الحياة ومن قديمِ الزمانِ،
القتلة هم القتلة.


وفي وقفته مع أراغون يقول :

يا أراغون!
 أفهمُ سِرَّ عِشقِكَ عيونَ اِلْزا
فعيونُ فاطمتي
تسكنُ أبداً فيءَ عيوني.

وجميل هذا التعبير : ان تسكن عيونٌ فيءَ عيون .
ثم ان الشاعر لم يقل (عينا فاطمة ) ولم يقل ( عيناي أو عينيّ ) في هذه الحالة طبقاً لحالة المثنى التي أجدها شخصياً من أروع تفردات اللغة العربية في النحو والأدب لما تكتنزه من عبقرية فلسفية في التعامل مع الحياة والوجود ، ولقد كتبتُ أيام الدراسة في برلين وفي مرحلة الماجستير في الأدب العام والأدب المقارن موضوعَ فصلٍ دراسي عن هذا الأمتياز اللغوي في العربية من ضمن حالات أختلاف اللغة العربية عن بقية اللغات ، اِذْ شاركتُ قبل هذا في الحوار الدائر في الحلقة الدراسية مُتطرِقاً الى بعض مزايا العربية فأعجب الأستاذةَ المشرفة الموضوعُ وسألتني فيما اِذا كنتُ أرغب واستطيع كتابة عملي الدراسي لنيل درجة هذا الفصل على هيئة تحقيق علمي أدبي ـ Refrat ـ أقوم بالقائه في المحاضرة ومن ثم مناقشته معها ومع الطالبات والطلبة في الفصل ، فكتبتُ عن هذا الموضوع وتطرقتُ الى حالة المثنى في العربية لغةً ونحواً وأدباً .
ربما مال الشاعر ابراهيم الى صيغة الجمع في عيون فاطمة أو عيون أنا المتكلم لكي لايقتصر على العيون المُقَل فهناك عيون القلب وعيون البصيرة وعيون الحدس ، وربما يكون الأمر مجرد سهو طفيف ونسيان بسيط !!
 
قصائد براهيم مالك في هذه المجموعة قصائد نثرية من الأبتداء حتى النهاية ، وفي قصائد النثر الحديثة على الأعم الأغلب مثلما نقرأ ونسمع ونعرف ، ومثلما ترفدنا التجربة ، هناك الكثير من الحشو والترهل وحتى الهذيان المفضي الى هراء ، بيد ان قصائد ابراهيم هنا محسوبة الكلمات تنتظمها هندسةٌ دقيقةٌ ومعمارٌ رهيفٌ لتقول الكثير بأبسط وأقل عدد من المفردات ، حتى ان حذف مفردة أوجملة واحدة سيؤدي الى ارباك البنيان العام مضموناً وشكلاً !!
أقول هذا وان كنتُ أرغب ان أرى لو نوَّع ابراهيم على النمط الشعري الواحد فأضاف بعض قصائد التفعيلة ونوَّع في الأيقاع أيضاً حتى ضمن قصائد الوزن ، ففي هذا الأمر تكثيف للجهد الشعري وتلوين في مساحات ومديات صوت الشاعر ومفاجأة القاريء بما هو مختلف اسلوبياً وأيقاعياً وفنياً ، ولاسيما ان ابراهيم مثلما أعرف متمكن من كتابة القصائد الموزونة ، ولا يقف التمكن في الكتاب التفعيلية عائقاً في طريقه ، فلقد قرأتُ له قصائد تفعيلة منسابة وعذبة في مجاميع شعرية سابقة له أهداني نسخاً منها وسمعتُ له قصائد وزن رائعة وحميمة في المنتدى الأدبي العربي الذي كنّا نعقده في برلين شهرياً ويحضر فيه ابراهيم وأدب أبراهيم حين يزور وزوجته الألمانية أولادهما في برلين قادمين من عكا والجليل أو يأتي زائراً الى المانيا التي درس سابقاً فيها.ومن هذه القصائد الشجية ثرَّة الروح والبوح قصيدة أهداها الى صديقه المسرحي السوري والعربي المعروف سعد الله ونّوّس يحضر فيها نبع الفيجة الدمشقي ، فتحس وأنت تقرأ أوتسمع انك تدور في رحاب ملكوت الماء وتتنقل وتدرج في حميمية عوالم الصداقة وبهاء أمكنة الماء!!
لكن الشاعر هو الذي يقدِّر أفضل تقدير أي أسلوب يتَّبع في كتابته !
ما يميز هذه المجموعة أنها مترابطة المواضيع والتيمات ، وكأن الشاعر خطط لها ان تكون سفر شاسع ليس في رحاب المكان بل وفي رحاب الزمان أيضاً بدأ فيها من الشرق من سومر ، وسومر دلالة مكانية و زمانية أيضاً ، من سومر مابين النهرين والألف الرابع قبل الميلاد ثم بدأ يتحرك على البعدين ، الزماني قادماً نحو أو مبتعداً عن عصرنا الحديث ومتنقلا على الصعيد المكاني من الشرق الى الغرب : العراق ، مصر ، اليونان ، أيطاليا ، اسبانيا والأندلس خصوصاً ، هذا هو الخط العام لحركته في رحاب الزمان والمكان ، بيد انه يتحرر تماماً من الزمان والمكان حين يبدأ بمناجاة فاطمة معشوقته الخيالية مثلما يقول في أحدى مقالاته ، لكن من حق القاريء ان يتسائل وهو يقرأ ويسمع وجيب فؤاد الشجن النابض في قصائد فاطمة وفي الرحيل المجنح ولكن الآسي نحو عوالم الطفولة فيما اذا كانت فاطمة معشوقة خيالية فحسب مثلما يدعي أبن مالك!!

في أول قصيدة عن فاطمة والى فاطمة في هذه المجموعة يكتب الشاعر في هذه القصيدة المعنونة ب ـ يافاطمة ـ أستهلالاً:

الله ياخشب الصندل فواحَ العبق
كم يدهشني فيك عطرُ حبيبي! 


وفي تضاعيف هذه القصيدة يعود الى رمزه النهري فيقول:

أكثر مايُدهش وقد عَلَّمَتْنيه الحياة:
ان النهر لايكون الّا بضفتيه.

أما في قصيدته الى المتنبي فهو يفضل مناجاة هذا الصرح الشعري باسمه الأول ـ أحمد ـ مقتبساً شذراتٍ من شعره واضعاً اياها بين قويسات متكلماً معه كما لو انه كان معه في الأمس على ضفاف بحيرة طبريا في ضيافة الأمير عاشق الشعر بدر بن عمار الأسدي ، وهاهو الآن يحن الى ذكرياته معه:

كثيراً ما أتذكركَ يا أحمد!
كلما انتابني قلقٌ
فأحس (  كأنَّ الريحَ تَحتي  )
ويغمرني شعورٌ مُحزِنٌ    
( كأنْ لاجديدَ تحت الشمس)
فأجدُني متسائلاً
( بأيةِ حالٍ عدتَ  ) يازمن؟


والزمن عند ابراهيم مالك هو النهر مثلما تقول قصيدة له بعنوان ـ انا هو النهر ـ كتبها ابراهيم مثلما يقول ( من وحي قصيدة للشاعر الأرجنتيني الرائع  خورخي بورخيس    )
ومن هذه المعادلة فأن الزمن هو النهر وهو الانسان الشاعر !!!

كريم الاسدي

كاتب وشاعر عراقي يعيش في برلين

karim.asadi777@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved