قبل الحديث عن هذا المرض يجب معرفة أمور عدة وأهمها الاستخدام غير المحدود لأدوية المضادات الحيوية، والكثير يعرف خطورة هذه الأدوية، وبما انه قد شاع استخدام هذه الأدوية وللأسف بدون استشارة الطبيب أحيانا وفي عدة أمراض مثل التهاب الحلق والمجاري التنفسية والبولية وكذلك الامعاء فكما هو معروف ان الاسهال أحد اسبابه التهاب في الامعاء، وان استخدام المضادات الحيوية، في غير محلها ربما يؤدي إلى تأزم المرض.. وتكون أمراض خطيرة أخرى ربما تؤدي إلى الوفاة، ومنها التهاب الكولون الغشائي الكاذب والذي سنبين اسبابه واعراضه وكيفية تشخيصه وعلاجه.
كذلك لا ننسى الأخطار الأخرى لاستخدام المضادات الحيوية، ومنها حرمان الطفل من استخدام المضادات الحيوية الخفيفة، واللجوء إلى مضادات أخرى قوية نتيجة لاستخدامها في غير محلها، كذلك هناك أخطار لبعض المضادات الحيوية ومنها ضعف مناعة الطفل وتحطم خلايا النخاع العظمي المسؤول عن انتاج مكونات، خلايا الدم المسؤولة عن المناعة وغيرها. والأخطار كثيرة جدا ولكن ليس هذا موضوعنا حيث سنركز على خطر واحد مهم وهو التهاب القولون الغشائي الكاذب.
إن امعاء الإنسان مليئة ببعض الجراثيم المفيدة أحيانا وربما تكون غير ذلك، كما توجد جراثيم أخرى بنسب معينة وفي حالة زيادة هذه النسبة تتسبب في بعض الأمراض.
الأسباب
إن أسباب هذا المرض هو جرثومة المطثيات والتي هي عبارة عن عويصات لا هوائية إيجابية تتواجد في كل مكان في البيئة في التربة، والامعاء أيضا ولكنها لا تسبب المرض إلا بعد تهيئة الجو المناسب ويكمن في استخدام المضادات الحيوية التي تؤدي الى اضطراب نمو الجراثيم المعوية الطبيعية الواقية للامعاء مما يؤدي الى اضطراب في حركة الامعاء "الركودة المعوية" وهذا يؤدي إلى نمو تلك الجراثيم "المطثيات". التي عادة تفرز نوعين من المواد تدعى الذيفانات منها الذيفان المعوي والذيفان الخلوي واللذان لهما دور في التهاب الامعاء.
وكما ذكرنا ركود الامعاء بسبب الاسهال المرافق لهذه المطثيات الصعبة. ونادرا ما تحدث هذه المطثيات الصعبة هذا الالتهاب بدون استخدام المضادات الحيوية.
تختلف الأعراض السريرية بشكل واسع. فعادة يحدث اسهال خفيف محدود بدون تشكل اغشية كاذبة في الامعاء. ولكن قد يحدث اسهال مائي انفجاري مع دم خفي لا يرى بالعين المجردة. اما صفة الصورة الكلاسيكية لالتهاب القولون الغشائي الكاذب فهي عبارة عن اسهال بدم ومخاط وحمى ومغص وآلام في البطن شديد. وغيثان وقيء.. ويحدث ذلك كما ذكرنا خلال العلاج واستخدام المضادات الحيوية، أو ربما يحدث ذلك خلال عدة اسابيع بعد استخدامها والتوقف عنها بمعنى ان عامل استخدام المضادات الحيوية رئيسي في سبب تلك الأعراض.وإذا لم تعالج أو أصبحت شديدة ربما تحدث مضاعفات من جراء شدة الاسهال والحرارة ومنها الجفاف والتشنجات نتيجة لاختلال بعض المواد في الجسم والتي قد تسبب الاختلاجات كما ان ارتفاع الحرارة قد يؤدي إلى اختلاجات حرارية.
كيف يتم التشخيص
أولاً يتم بأخذ القصة المرضية، وخاصة أخذ المضادات الحيوية ونوعها ومدتها، ثم الفحص السريري للطفل وبعد ذلك التحري عن الجراثيم المسببة "المطثيات الصعبة" أو عن ذيفانها "المواد التي تفرزها"، في براز المريض المصاب باسهال شديد وخاصة بعد استخدام المضادات الحيوية.
وللمعلومية يمكن التفكير بتشخيص الاسهال المرفق للمطثيات الصعبة عند المرضى البالغين حينما يصاب باسهال "ثلاث مرات أو أكثر لبراز مائي ذي قوام متجانس خلال 24ساعة" أو بألم بطني وكان قد تلقى معالجة بالمضادات الحيوية في غضون شهرين أو ان اسهاله بدأ بعد أكثر من 72ساعة من قبوله في المستشفى.
كما يمكن الكشف والتعرف على الذيفان "المواد التي تفرزها تلك الجراثيم المسببة" في عينة برازية وهو اختبار يجري عادة من أجل التشخيص. كما ان هناك مختبرات سريرية تستخدم اختبارات المقايسة المناعية الانزيمية التي تتحرى الذيفان A أو الذيفان B + A .
أما زرع البراز من أجل الحصول على جراثيم المطثيات الصعبة فهو اضاعة للوقت، كما انه لا يعرف بين الذراري المنتجة للذيفان والذراري غير المنتجة للذيفان.
وفي حالات نادرة يستخدم المنظار للقولون الذي يبين العقيدات الغشائية الكاذبة في القولون وكذلك اللويحات المميزة لهذا الالتهاب في القولون المرتبط بالذيفان والحقيقة ان استخدام المنظار غير ضروري إلا في حالات قليلة جدا لتقييم الأمراض القولونية الأخرى والتأكد منها.
العلاج
ان أهم وأول الخطوات في العلاج هو إيقاف استخدام المضادات الحيوية إن أمكن، الشيء الآخر هو تعويض الجسم ما فقده من السوائل والشوارد التي فقدت مع الاسهال.. ويكون التعويض عادة عن طريق الوريد وذلك لوجود القيء والغثيان. وتعتمد نوعية هذه السوائل على ما يجده الطبيب من نقص في بعض المواد من خلال نتائج فحوصات الدم.
وإذا استمرت الأعراض أو كان من غير الممكن إيقاف المضادات الحيوية، أو كان المرض شديدا فيمكن اعطاء مادة الميترونيدازول فموياً أو الفانكوميسين وذلك لمدة 7- 10أيام.
الإنذار
يستجيب للعلاج أكثر من 95% ولكن حوالي 5- 30% من المرضى يحدث لهم نكس سريري وهذا يكون في الغالب في غضون 1- 2اسبوع من المعالجة. ولهذا يجب إعادة تقييم هؤلاء المرضى وهم يستجيبون عادة للمعالجة الاصلية.
كما ان هناك نسبة صغيرة من المرضى يحدث لديهم نكس متعدد مع استجابات قصيرة المدة للمعالجة المتكررة.
الوقاية
تكتسب المطثيات الصعبة "الجراثيم المسببة" غالباً من المستشفيات أو في مراكز رعاية الأطفال. وتقاوم هذه الجراثيم الجفاف وبعض المواد المطهرة، وهي غالباً ما تلوث غرف الاستحمام وأماكن تغيير الحفاضات في غرف المستشفيات أو في أماكن رعاية الأطفال. وتتطلب الوقاية من الاسهال المرافق لجراثيم المطثيات الصعبة، غسل اليدين بشكل حذق، ودقيق. والأهم هو الاستخدام الملائم للمضادات الحيوية.