البروفسور شادية رفاعي حبال عالمة عربية من بلاد الشام ذاع صيتها في الأوساط العلمية في الغرب حتى كاد يبلغ محيط الشمس، كيف لا وهي التي أسهمت في تصميم المركبة الفضائية التي انطلقت عام 2007 إلى أقرب نقطة من الشمس، إنها البروفسور شادية رفاعي حبال؛ أستاذة كرسي فيزياء الفضاء في جامعة ويلز في بريطانيا.
المولد والنشأة
ولدت شادية نعيم رفاعي في سوريا، حيث تلقت التعليم في مدارسها، وبدأت رحلتها العلمية في جامعة دمشق حيث حصلت على درجة البكالوريوس في علوم الفيزياء والرياضيات، ثم التحقت بالجامعة الأمريكية في بيروت لتنال فيها درجة الماجستير في الفيزياء. ولم تكتفِ شادية بكل هذا، فسافرت إلى أمريكا علَّها تروي ظمأها العلمي، فدخلت جامعة سنسناتي (Cincinnati) لتحصل منها على درجة الدكتوراه في الفيزياء.
وفي عام 1978، التحقت شادية بمركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية (Harvard-Smithsonian Center for Astrophysics)، حيث قامت بتأسيس مجموعة أبحاث عالمية في الفيزياء الشمسية الأرضية، وذلك قبل تعيينها أستاذة كرسي في قسم الفيزياء بجامعة ويلز في أبريستويث.
المسيرة العلمية
تركزت أبحاث الدكتورة شادية على استكشاف مصدر الرياح الشمسية، والتوفيق بين الدراسات النظرية ومجموعة واسعة من عمليات المراقبة التي أجرتها المركبات الفضائية وأجهزة الرصد الأرضية. وقد اعتُبرت أبحاث العالمة العربية حول الرياح الشمسية بمثابة "تفجير قنابل" عند طرحها للمرة الأولى، كما ذكرت مجلة العلوم الأمريكية، إذ أطاحت أبحاث شادية وزملائها بالتصورات التي كانت سائدة عن الرياح الشمسية، فقد أكدت بأن الرياح تأتي من كل مكان في الشمس، وتتوقف سرعتها على الطبيعة المغناطيسية للمواقع المختلفة.
لعبت الأستاذة شادية دوراً رئيساً في الإعداد لرحلة المسبار الشمسي لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، وهو أول مركبة فضائية تدور فعلياً داخل الهالة الشمسية كما ترأست شادية العديد من الفرق العلمية لرصد كشوف الشمس حول العالم، ومنها منطقة الجزيرة في سوريا.
وقد تقدمت الأستاذة شادية بحوالي 60 ورقة بحث لمجلات التحكيم العلمية، كما شاركت بثلاثين بحثاً آخر في المؤتمرات العلمية، وتعد الأستاذة شادية من الخبراء الدوليين في الشمس والرياح الشمسية، كما إنها عضو في العديد من الجمعيات مثل: الجمعية الفلكية الأمريكية، والجمعية الأمريكية للفيزياء الأرضية، وجمعية الفيزيائيين الأمريكيين، وجمعية النساء العالمات، والجمعية الأوروبية للفيزياء الأرضية، والاتحاد الدولي للفلكيين، وتتمتع الدكتورة شادية بدرجة الزمالة في الجمعية الملكية للفلكيين.
وتشير مسيرة حياة شادية العلمية والعائلية إلى القدرة الكبيرة التي تميز النساء العالمات في العالم العربي، فقد جمعت شادية بين واجباتها الأسرية من رعاية أطفالها والقيام بحق الزوجية، وبين التدريس والبحث العلمي وقيادة الفرق العلمية والنشاط الأكاديمي، فهي تذكرنا بأسلافها من العالمات المسلمات اللاتي ذاع صيتهن في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية.
ولا تزال الدكتورة رفاعي حبال تشغل منصب أستاذة كرسي في قسم الفيزياء بجامعة ويلز في أبريستويث، إضافة إلى رئاستها للجنة جائزة هالي التابعة لقسم الفيزياء الشمسية في الجمعية الفلكية الأمريكية، وعملها محررة لمجلة فيزياء الفضاء وأبحاث الفيزياء الأرضية. وقد تم تكريمها مؤخراً بمنحها درجة أستاذة زائرة في جامعة العلوم والتقنية في الصين