"الحمدُ للهِ الذي عافاني ممّا ابْتلى به كثيرًا ممَّن خَلَقَ، وفَضَّلَني تفضيلا"
هكذا كان يردِّدُ أحدُ السلفِ وكان أقرعَ الرأسِ، أبرَصَ البَدَنِ، أعمى العينينِ، مشلولَ القَدَمَيْنِ واليَدين .
وذات يومٍ مرَّ به رجلٌ فقال له :
مِمَّ عافاكَ اللهُ وانت أقرعُ وأبرصُ وأعمى ومشلولٌ يا هذا ؟
"ويحَكَ يا رجل؛
جَعَلَ لي لِسانًا ذاكِرًا،
وقلبًا شاكِرًا،
وبَدَنًا على البلاءِ صابِرا !
اللهُمَّ ما أصبحَ بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقكَ فمنكَ وحدَكَ لا شريكَ لك،
فلكَ الحمدُ ولكَ الشُكر"
أجاب الذاكرُ الشاكرُ الصابر !
العبرة :
عليك يا لبيبُ أنْ تكونَ شاكرًا لما انت عليه في كل حال .
واعْلم أنَّ ما عندَكَ يفتقدُهُ غيرُك،
وما عندَك – لو عَلِمْتَ – كثير .
انظُرْ إلى الأعلى واعْملْ لأجلِهِ ما اسْتطعتَ،
لكنْ عليكَ وانتَ تَطْمحُ لما هو أعلى،
أَن تنظرَ الى من هو ادنى منك نصيبًا،
لكي ترتاحَ بالًا،
وتَسْتَلْهِمَ عَزمًا يدفعُكَ نحو ذلك الأعلى بِقَناعة .
فإنْ حَقَّقْتَ غايتَكَ، فَإنَّما هو فضلُ ربِّكَ عليكَ حيثُ مكَّنَك،
فكن عند ذاكَ من الحامِدينَ الشاكرين،
واِنْ أخْفَقْتَ فاعْلمْ أنَّ عندَكَ الكثيرَ مما يُوجِبُ عليكَ ان تكونَ كذلك.
فإن كنتَ حامِدًا شاكِرًا في الحاليْنِ،
فَهِمْتَ كينونَتَكَ، وَحَقَّقْتَ مُرادَك،
وانْساقَ اليكَ ما لمْ يكُنْ لِيُخْطِئَك،
ولا تَنْدَمْ على ما لم يكُنْ لِيُصيبَكَ،
واعْلمْ اَنَّكَ في الحاليْنِ في قاعةِ اخْتبار .