خادِمُك أو خائِلُكَ،
هو من خَوَّلْتَهُ او تَخَوَّلْتَهُ،
فَجَعَلْتَهُ راعِيًا كي يقومَ بخدمتِك،
او يُصْلِحَ شأنًا من شُؤونِك.
ما هو الرابطُ بينَكما ؟
ما يربِطُكَ بمن يخدمُك،
هو رباطُ الأُخُوَّةِ،
مُسْلمًا كان أو غيرَ ذلك،
ذكرًا كان أم أُنثى .
(إخوانُكُم خَوَلُكُم)، هكذا نطق بها النبيُّ !
والتقديرُ خَوَلُكُم إخوانُكُم،
وإنَّما قدَّمَ الخبرَ على المُبتَدَأ،
لما يَحْمِلُه من أهَمِّيَّةٍ،
فما أرادَهُ، هو ان يُخبرَنا،
انَّ مَن تَخَوَّلْناهُم،
ليسوا إلاّ اِخْوَةً لنا،
لهم حقوقٌ كما عليهم واجباتٌ،
دونما مِنَّةٍ لِأحَدٍ على أَحد .
خادِمُكَ هذا :
- 1. أطْعِمْهُ مِمّا تأكُل .
- 2. ألْبِسْهُ مِمّا تلبَس .
- 3. لا تُكَلِّفْهُ بما لا يستَطيع .
- 4. أَعِنْهُ فيما كَلَّفْتَهُ به .
- 5. عُدْهُ إن مَرِض .
- 6. لا تَنْسَهُ في دُعاءِك .
- 7. تَفَقَّدْهُ واسْألْ عن حاجَتِه .
- 8. لا تَغضبْ عليه .
- 9. سامِحْهُ اذا ما أخطأ .
- 10. دافعْ عنه حتى اذا قَصَّر .
- 11. لا تَلُمْهُ وَذُدْ عنه إن لامَهُ أحد .
- 12. عامِلْهُ لُطْفاً، وذَويه .
ما تَقَدَّمَ لم يكُنْ مَحْضَ تنْظيراتٍ،
إنَّما هي تطبيقاتٌ عمليةٌ،
مارسَها معلّمُ البشريَّة وأُسْوَتُها،
مع هذه الشريحةِ دائمًا،
على الرغم مما قد يَطْرأُ على النفسِ البشريَّة،
من تَقَلُّباتٍ قد تُخْرِجُ صاحِبَها عن السيطرةِ،
دونما قصدٍ في خِضِمِّ التعامُلِ اليومي .
نعم مارسَها لِيَرْسُمَ خِطَّةً،
تُنَظِّمُ حياةَ البشرِ،
على اخْتلافِ مشاربِهم،
واعْتِقاداتِهم، وانْحداراتِهِم،
على مَرِّ الزمن .
إنَّ التعاملَ الطيِّبَ مع من اسْتعْمَلْتَهُ لِخدمتِك،
سيقودُ الى رِضاهُ،
فاِذا ما رَضِيَ،
لم يَأْلُ جُهْدًا أن يَرُدَّ الفضلَ
بِصُورٍ ربما لا تخطُرُ على بالِكَ،
من التفاني في حِفْظِ العهدِ معك،
ولِيُؤدِّيَ أبْعدَ مما هو مطلوبٌ منه .
وأنا اِذْ اكتُبُ أُحاوِلُ أن أبتَعِدَ عن الخُصوصيّاتِ،
لكني ودَدْتُ أن أُبْرِزَ حالةً تَتَراءى الآن أمامي،
راقبْتُها من كَثَبٍ لِمثالٍ من التعاملِ الانساني،
الذي أفتخِرُ ان يكونَ صاحِبُهُ،
صاحبًا لي مُقرَّبًا .
لقد رأيتُهُ كيف يتعاملُ مع عُمّالهِ،
مَوَدَّةً واحْترامًا،
وتلك لَعَمْري من شِيَمِ النُّبْلِ التي لا تأتي تَكَلُّفًا،
بل تُجْبِرُ صاحِبَها على ان يسلُكَ هذا السلوك،
إذ أنَّ إِباءَ النفسِ، يَأْنَفُ العكس .
واِنَّهُ لَمِنَ المؤسفِ جدًّا،
أن أسْمعَ او أقْرأ بالمُقابلِ،
عن حالاتٍ كثيرةٍ مُتَنَوِّعةٍ
من التعاملِ الفَضِّ لبعضِ الناسِ،
مع هذه الطبقةِ الضعيفةِ،
يصلُ إلى حد الإيذاء الجسديِّ المُبَرِّحِ،
مصحوبًا بأِيذاءٍ نفسيٍّ ينالُ من الانسانِ الخادم،
ليترُكَ جُرْحًا لا ينْدَمِلُ،
وأثَرًا لا تمحوه الايام .
اِنَّ مَن ينظُرُ إلى عُمّالِهِ نظرةَ تعالٍ وازْدراءٍ،
يكون قد حقَّقَ سِمَةً من سماتِ الكِبْرِ،
لأنَّ ذلك لا يَتَعَدّى أن يكونَ غَمْطًا لهم .
كما أنَّ من يتعاملُ بمثلِ هذا التعاملِ،
في قَهْرِ الناسِ وسلبِ حقوقِهِم،
لا شكَّ سَيُعَرِّضُهُ إلى غضبِ السماء،
وربما يقودُ العاملَ الضعيفَ،
إلى الانْقِضاضِ لِيثْأرَ لكرامَتِهِ،
متى ما وجد إلى ذلك سبيلًا،
والامثلةُ كثيرة .
ما أخْلَصُ إليهِ،
علينا أن نُدرِكَ أن لا مخلوقَ
إلّا أنْ يكونَ خادِمًا ومخدومًا في الوقت نفسهِ،
وحين أقولُ (مخلوقًا) فإنما أعنيها،
لا فرقَ إن كان بشرًا أو حيوانًا أو نباتًا أو جمادًا،
ما خَبِرْنا وما لم نُحِطْ به خُبْرا،
إذ أنَّ ذلك ناموسٌ من نواميسِ الكونِ،
سيّانَ رضينا أم أبينا .
تواضَعْ للآخرِ ولا تَغْمِطْهُ،
تَرْتَفِعْ قدرًا، وتَهْنأْ بالًا .
إنْ اخْطَأْتَ يومًا،
حاوِلْ أن تُصَحِّحَ خطأك،
قبل ان يَحِلَّ بك غضبُ السماء،
وحينها لاتَ ساعةَ مَنْدَم .
وأخيرا كن مَعَرِّيَّ النظرةِ في أن تُدْرِك :
الناسُ للناسِ مِن بدوٍ وحاضِرَةٍ
بَعْضٌ لِبعْضٍ وإنْ لَم يشعُروا خَدَمُ .