بيوتاتنا، من ابنائنا، وآبائنا، وأزواجنا، وإخواننا : تكوّن هذا الجيش لذا سيكون احتفائي مختلفا . ها أنا أتمرى بصور رجال عائلتي أقف متفاخرة بهم بمعاركهم الخاسرة والمنتصرة، وكامرأة لا يمكنني اخفاء خيبتي الآن وأنا أرى كل هذا الخراب.. اتأملُ في صورهم فتغمرني حكاياتهم وهم يقصوّن علينا ومضات من جبهات القتال . هناك من يحكي بكل حب وامتنان عن رفقة معه ويذكر أسمائهم حتى انني الطفلة حين أسمع والدي يحدثنا عن العريف حكمت شعلان ظننت أن الرجل من أعمامي وصرت اتوقع زيارته لبيتنا في أي لحظة، بل صرت أحلم برؤيته وهو يضمني كما يضمني أعمامي في زياراتهم.. ولم يتوقف موضوع حكمت شعلان عند الحكي فقط، بل قرر والدي أن يعيش حكمت معنا من خلال اخي الذي اطلق عليه حين ولادته اسم حكمت شعلان، وحين اعترض أعمامي على التسمية باسم مركب، امتثل لهم واكتفى بتسميته ِ (حكمت) وهكذا أصبح حكمت الصورة الناطقة بكل ذكريات أبي مع العريف حكمت شعلان . أتذكر حين كان يحدثنا أبي عنه كان يتأسف بحزن وهو يقول أين هو الان وكيف لي ان التقيه ؟. .....الآن وأنا أستعيد الذكرى أُحدثني لو كان في زمنهم تقنية الاتصالات الحديثة ومواقع الانترنيت لتلاقيا . وربما الآن وأنا أنشر مقالتي هذه تصل إلى العريف حكمت شعلان، أو إلى ذريته ويستعيد ذكرياته مع الجندي المكلف خالد حاتم في جبهات القتال في زاخو .
وأيضا كان والدي يحكي لنا عن معدات الجيش من أسلحة خفيفة، ودروع، وطائرات، ولأنه كان في الجبهة الشمالية كان يتحدث بحنو كبير عن البغال وكيف كانت معهم في الجبهات الشمالية مجندة ولها أرقام.. وحين ينفق أو ينتحر ضجراً، أحياناً، كان (قلم الوحدة) يكتب ُفي السجل الخاص بالبغال (تم تنزيل البغل المرقم ( ) من العلف والملح) .. كأني اسمع ُ صوت َ أبي واستروح دخان سكارته : البغال معنا، أينما نجحفل، ويخصص لها (حضيرة) وفصيل من الجنود يعتنون بها وللبغال مفرزة طبية، والبغل أذكى منا في معرفة الطريق النيسمي وصولاً إلى مواضعنا في الجبال .