مع (أيام البصرة المسرحية) لهذا العام 2022
كل ما يقدم على خشبة المسرح هو مجرد تجربة :
الفنان الأستاذ مجيد عبد الواحد
الفنان الأستاذ مجيد عبد الواحد : تنوعت طاقاته الإبداعية، وبجهوده توزع طموحه وتجسد في التمثيل المسرحي والتلفزيوني والسينمائي، وكذلك الاخراج المسرحي، وله مشاركات فنية في العديد من المسرحيات والأفلام، وتقيماً لجهوده المتنوعة إبداعيًا فقد اعتمدت عليه لجان التحكيم في المهرجانات : السينما والتلفزيون والمسرح، وكذلك له مؤلفات أدبية : سيناريوهات افلام قصيرة، وصدر له ما يقارب ثلاثة كتب.. ويكفينا فخرًا هذا الجهد السردي: كتاب(تاريخ معهد الفنون الجميلة في البصرة 1977- 2003)، الذي بذله الاستاذ مجيد، جهدًا كبيرًا جعل منه المؤرخ الأول لمعهد الفنون الجميلة في البصرة، وهذا المعهد كان المنارة الفنية التي احتوت أساتذة من العراق ومصر وتونس..
محاورتي هذه محاولة في تسليط الضوء على فاعلية الأُستاذ مجيد عبد الواحد في الحراك الثقافي البصري والعراقي .
- المسرحُ اختاركَ أم أنتَ اخترته ُ ؟
ج س 1:لا، طبعا المسرح هو من اختارني، لأني عندما وقفت على خشبة المسرح المعدة من الرحلات وخشبة المنضدة والسبورات، لم أكن أعرف ماذا انا فاعل، وقفت على هذه الخشبة البسيطة في باحة المدرسة، وأنا أجهل كيف وما معنى ما أقوم به، فقد طلب مني استاذي المرحوم جبار جيجان معلم التربية الرياضية ان احفظ الدور، وان اتنقل من هذا المكان الى هذا المكان، والملاحظة المهمة التي كان يعيدها على مسامعي حتى الداعمين لي (أن لا اضحك) وأنا أُمثل، لأني لا زلت طالبا في المرحلة الخامسة، ولا أفقه من التمثيل أي شيء ولا أعرف كيف أجيد الدور المناط بي، طبعًا المسرحية لا تتجاوز الشخصيتين، وموضوعتها بسيطة، بعدها عرفت أن أسخيلوس هو من أدخل الممثل الثاني، فاعجب كثيرًا عندما أتذكر ذلك، وقول ما هي العلاقة بين ذاك وما يقوم به مؤلف ومخرج العمل الأُستاذ جبار جيجان .
2- ما ذا يعني لك يوم السابع والعشرين من آذار في كل عام ؟
ج س2 : منذ افتتاح مسرح الأُمم المتحدة بهذا التاريخ عام 1962 والإحتفال بمدينة باريس الفرنسية وعلى مسرح (سارة برنار)، أصبح للمسرح عيدًا عالميًا يحتفل به كل المسرحين في العالم، انه العيد الأكبر الذي نلتقي فيه، ويبارك أحدنا للأخر، نستذكر به معلمينا وأساتذتنا الذين علَّمونا الوقوف على خشبة المسرح، معلمينا الذين وضعوا أقدامنا على هذه الخشبة المقدسة، علَّمونا أن المسرح يعلم الفضيلة ويرفض الرذيلة، في هذا العيد اأتذكر معلمي الأول جبار جيجان، كما أتذكر أَساتذتي؛ حيدر الشلال، ود. حميد صابر، ود. طارق العذاري، وخالد السلطان، ود. عبد الفتاح عبدالأمير .... وآخرين، في هذا العيد أتذكر رواد المسرح الذين قدموا للمسرح الكثير وأعطوا من أعمارهم ومن صحتهم الكثير من أجل تعليم الناس، وتربيتهم اليس أرسطو القائل (أن المسرح هو من ربى الشعب الإغريقي)، أتذكر توفيق البصري وعزيز الكعبي وأتذكر قاسم حول وأسعد عبد الحسين وحسين زيدان وطالب جبار وفيصل حسن .... وآخرين، نتذكر الأيام الجميلة وكيف بدأنا وكيف تعلمنا، ان نكون شموعًا من أجل الآخرين .
3- الآن أين فاعلية البصرة : مسرحيا ؟
ج س3 : البصرة الآن تئن وتشكو جرحًا غائرًا في أعماقها، هذه البصرة العظيمة التي كان فيها أكثر من خمسين قاعة مسرحية، الآن هي خالية من كل هذا ، المسرح يحتاج إلى بنى تحية، بدونه لا يمكن أن يكون، نعم ممكن أن يعرض المسرحيون أعمالهم في الشارع، أو المقاهي العامة، لكن إلى متى، ليس كل الأعمال تصلح أن تعرض في هذه الأماكن، ثم أن كثير من المخرجين يريدون أن يوظّفوا التقنيات المتوفرة الآن والتي وصل إليها العالم في أعمالهم، من حق المخرج أن يجرب كل الأماكن، وكل ما يستطيع الحصول عليه من تقنيات، لأنها تزيد من عمق العمل وفاعليته، مسرح الشارع مهم ولكن ليس بالضرورة أن يكون البديل عن قاعة المسرح المجهزة والمؤثثة بأفضل التقنيات، هذه التقنيات هي الأُخرى تكون دافعًا للمخرج بابتكارات جديدة على مستوى الإخراج، ولو تابعنا تطور الإخراج في العالم نجده متماشيًا مع ما حصل من تطورات تقنية وفنية، استثمروها لصالح العمل المسرحي وأبدعوا، في تجديد الرؤى المسرحية، واستثمروا كل التقنيات الحديثة في تقديم عروضهم المسرحية، لذلك كانت هناك مدارس ومذاهب يشتغلون عليها، فلينظر الجميع، وليتسائل الجميع ماذا لو كال الحال باقيا عليه كما هو الحال في المسرح الإغريقي، العروض تتم في الهواء الطلق والجمهور يحيط بالعرض، هل نرى تطورًا لو لم يحصل اكتشاف الشموع ومن ثم مادة الكيروسين وبعدها الكهرباء، ماذا يحصل لو لم يكون هناك فنانين سينوغرافين من أجل تأثيث الفضاء المسرحي، ماذا يحصل لو لم يوجد معماريون يشيدون لنا قاعات مسرحية، ماذا وماذا وماذا أسئلة كثيرة تحيط بالمشهد المسرحية، ولكن في النهاية يجب أن نعترف بأنه لا بد من وجود قاعة مسرحية مؤثثة ومُجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات من أجل تقديم عروض مسرحية .
وهنا لا أُريد أن أنكر ما يقدمه الآخرون من عروض مسرحية هنا وهناك، من أجل أن يشعروا بوجودهم، فهم غالبًا ما ينجزون أعمالًا مسرحية من أجل احتفالية ما، أو للمشاركة في مهرجان، ولا يوجد هناك برنامج سنوي، أو فرقة معتمده في تقديم عروضا دورية، وحتى لا نبخس الناس أشيائهم، هذه الأعمال تنجز على حسابهم الخاص، نادرًا ما يحصلون على دعم مادي من جهة أُخرى .
س4- تقول في ص291 من كتابك ( تاريخ معهد الفنون الجميلة في البصرة 1977- 2003) إن عدم وجود قاعة مسرح من أهم النواقص التي تحرم الطالب من التطبيق . لكن هناك فرق مسرحية توجد لديها قاعات نشاهد مسرحياتها عبر التلفزيون، لكنها لا تملك نصوصًا مسرحية تليق بجمهور يعشق المسرح !! كيف تفسر ذلك ؟
ج س4 : هذه المشكلة أزلية في الساحة الفنية، فالبعض يشكوا قلة النصوص الرصينة، والآخر يشكوا من عدم وجود قاعات للعروض المسرحية، لذلك نشاهد التراجع الكبير في المسرح العراقي، وهذا تحدثت عنه في السؤال السابق، لا يوجد لدينا برنامج مسرحي ثابت من قبل فرقة أو مؤسسة مسرحية، كما كان سابقا، لقد كان هناك موسم للعروض المسرحية تقدمة الفرقة القومية للتمثيل في البصرة، وهناك موسم تقدمة الفرقة القومية للتمثيل في بغداد، لذلك كانت القاعات مشغولة دائمًا بالعروض المسرحية، وكنا دائمًا نسمع بحجم التنافس بين المخرجين فيما يقدمون من مدارس ومذاهب مسرحية . كما كان يظهر لنا بين فترة وأُخرى جيل جديد من المسرحين متميزين على مستوى الإخراج والتمثيل والسينوغرافيا، وحتى نكون منصفين بدرجة ما يجب أن نعترف أن الفن يحتاج إلى أرضية صالحة، ودائما ما أقول، بإمكانك أن تجلب أفضل الفسائل، وتعتمد في زراعتها على أمهر المهندسين الزراعيين، لكن لا يمكن أن تحصل على شجرة مثمرة مالم تكن الأرض صالحة للزراعة، كما أن المسرح يحتاج إلى استقرار سياسي واقتصادي وثقافي، واذا لم يكن هذا يبقى الفنان العراقي يعاني من قلة الإنتاج المسرحي باستمرار .
س5- هل جربتَ الكتابة َ المسرحية ؟
ج س5: نعم لي تجارب للمسرح وعن المسرح، لقد كتبت الكثير من البحوث والدراسات التي تخص المسرح، والتي تجاوزت الخمسون بحثًا ودراسة، وقد نشرت في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية، كما أنني كتبت للمسرح المدرسي الكثير من الأعمال المسرحية، حيث قمت بتحويل المواد الدراسية إلى نصوص مسرحية، كما صدر لي العديد من الكتب في مجال المسرح منها ( تاريخ تأسيس معهد الفنون الجميلة في البصرة، ومفترقات مسرحية وعربية، والمسرح البصري في خمسة عقود، وهذا الكتاب طبع على نفقة محافظة البصرة، وكتاب المسرح المدرسي وسيلة تعليمية طبع مناصفة مع الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين .
6- الآن في محافظة البصرة هل يوجد مسرح بمستوى طموح المسرحيين ؟
ج س6 : هذا السؤال حقيقة يؤلم، مدينة بحجم البصرة لا يوجد فيها قاعة واحده صالحة للعروض المسرحية، وأنا هنا أقول صالحة، ولا أقول متكاملة من الناحية الفنية والتقنية، كما ذكرت في السبعينات كان في البصرة أكثر من سبعين قاعة مسرحية منتشرة ما بين المدارس والقاعات المركزية، والتي أقصد أنها تابعة للإدارة المحلية والتي منها (قاعة التربية، وقاعة مبرة البهجة، وقاعة بهو الإدارة المحلية ,.....) اليوم البصرة لا يوجد فيها قاعة واحدة من أجل تمرين مسرحي، والكثير من الشباب يعانون اليوم من عدم توفر قاعة لتمارينهم المسرحية .
7- في الآونة الأخيرة البصرة أقيمت فيها معارض وانشطة ثقافية في الهواء الطلق، ما الذي يمنع من تمثيل مشاهد مسرحية في الساحات والحدائق العامة ؟
ج س7: لا يوجد مانع من العروض خارج القاعات المسرحية، ولكن بشرط ان لا تكون سياقاً، الكثير من الشباب قدَّموا عروضًا مسرحية في الشارع وفي الحدائق العامة، وشاهدنا بعض الشباب الذين قدموا عروضًا مسرحية في (شارع الفراهيدي) ولكن هذه العروض غير مشبعة بالأفكار، ومحدودة الرؤى بسبب الإمكانيات، يجب أن يواكب الفنان التطورات العلمية والتقنية الحاصلة اليوم وبدون توقف، عليه أن يُرضي الجمهور الواعي، الجمهور الذي بدأ يعرف أسرار المسرح، الجمهور اليوم ليس كالجمهور السابق، الآن هو من يطالب بالعروض التقنية، العروض التي تحمل خيالات ومديات واسعة .
س8- انتشار المسرح التجاري الذي يعتمد على إضحاك الجمهور بشكل يتنافى مع الذوق العام ما رأيك فيه ؟ و كيف ترى تورط فنانين مسرحيين كبار في العمل في المسرح التجاري ؟
ج س8 : هذا المسرح موجود منذ عرف المسرح لدى الإغريق، له جمهوره وله متابعيه وله مريديه، فلو عرف الكثير من الناس عن مسرح (الديثرامب) لم يستغرب بما يعرض الآن من تهريج على المسرح، فالمسرح الهزلي كان معروفًا، لدى الإغريق واليونان، واستمرت العروض (الماجنه) حتى القرن السابع عشر، نعم هو مرفوض اليوم رفضًا قاطعًا لدى الفنانين الحقيقين، الفنانون الذين يعرفون المسرح وما يقدم من رسائل ترفيهية وتعليمية، المسرح كما قلت يعلّم الفضيلة ويرفض الرذيلة، أنا ليس مع المسرح التهريجي، ولا يمكن يومًا أن أُشاهد عرضًا مسرحيًا لا يحمل قيمة معرفية ورقيًا عاليًا . المسرح الحقيقي يرتقي بالجمهور ولا يقدم له الإسفاف .
س9- في كتابك تطرح غياب نقاد المسرح . هل السبب فقط أن المسرحيات تعرض في مسرح الأكاديمية ؟
ج س9 : أنا قطعا لا أنكر وجود اساتذة أجلّاء عارفين وعالمين بالنقد المسرحي، ولكن قول لا يوجد نقد، وهنا طبعا فارق كبير ، الناقد موجود ولكن النقد ليس موجودًا ، وطبعًا كلامي هذا لا يمكن أن يطلق في العموم، فما يقدمه البعض من النقاد هو مجرد مجاملات (واخوانيات)، من أجل كسب ود أو إشهار للفنان، فالكثير من الفنانين اليوم ينظرون إلى أنفسهم كبار وعارفين بأمور المسرح، بسبب اإطراءآت المجاملاتية، التي هي بالأساس لا تطور الفنان بل تتركه يراوح في مكانه، الفنان الحقيقي الذي يريد أن يتطور يتقبل النقد الحقيقي، وخصوصًا إذا كان من قبل ناقد علمي ومعرفي، نحن بحاجة ماسة اليوم للنقد ولكن يجب أن يكون في محله الصحيح، لا النقد الذي يرفع من شأن الآخر الذي لا يعرف ماذا قدم .
س10- كان التنافس ملموسًا سابقا بين صالة السينما وصالة المسرح، ما هو السبب وراء اختفاء ذلك التنافس ؟
ج س10: وأين هي الصالات اليوم التي يتم التنافس فيها، ألم تتحول هذه الصالات إلى مخازن أو محال للملابس، لقد فقدنا كل البنى التحية للفن، وأصبحنا في العراء ننادي ولا أحد يستجيب، عيوننا شاخصة إلى ما يقدم في العالم، نتمنى أحيانًا ونحسدهم أحيانًا أُخرى، على كل ما وصلوا إليه نحن غير قاصرين، نمتلك كل الطاقات الفنية والمعرفية، ولكن لا بد من قاعة درس، لكي نتعلم، ولا بد من منصة ترتقي عليها من أجل تقديم المعرفة .
س11- المسرح لم يخسر صالة العرض فقط بل خسر جمهوره.. ما رأيك بهذا الكلام ؟
ج س11: الطالب يحتاج إلى مدرسة، ويحتاج إلى رحلة ويحتاج إلى قلم ودفتر، النجار يحتاج المعدات من أجل أن يصنع كرسي ومكان من أجل أن يضع فيه الكرسي، الكل يحتاج إلى مكان يؤويه، إلى مكان يطمئن فيه، من أجل تقديم الدرس، والجمهور يحتاج إلى قاعة من أجل أن يتعلم الدرس، ويحتاج إلى مكان آمن يستمع فيه ويستمتع .
س12- تقول في ص 259 من كتابك : يرى الباحث أن تحول العروض المسرحية إلى صباحية يؤدي بالنتيجة إلى إهمال جانب مهم هو الإضاءة، هل نجاح المسرحية لا يتحقق بغير الإضاءة ؟ وماذا عن المسرحيات التي تعرض في الهواء الطلق ؟
ج س12: هذا مؤكد، من أجل استخدام تقنية الإضاءة لا بد من وجود ظلام، والّا ما فائدة الإضاءة في العراء، ما هي الفائدة من إشعال شمعة قبال ضوء الشمس ؟
طبعا انا أقصد العروض المصممة لغرض عرضها داخل قاعة المسرح، من يريد أن يقدم عرضًا مسرحيًا في الهواء الطلق هناك اشتراطات يشتغل عليها، لكل مكان له اشتراطاته، كما لعروض المقهى اشتراطات، وعروض الشارع أيضًا، المسرح لا يتوقف عند مكان محدد، فعندما نتحدث عن جزئية معينة، هذا لا يعني إننا ننفي ما يقدم في أماكن أُخرى (فتأكيد الشيء لا ينفي ما عداه) .
س13- في كتابك ص187 تؤكد (كان الاقبال على العروض المجانية لا يتجاوز العشرين أو الثلاثين متفرجا) هل سبب ذلك الوضع الاقتصادي في البلد؟ ام أن السبب قلة الوعي الثقافي أو ضموره؟
ج س13: الاقبال على العروض المسرحية تتحدد في عدة اشتراطات ، منها ما يكون في الجمهور ومنها ما يخص العروض المسرحية، فالحالة الاقتصادية طبعا لها تأثير كبير على حضور العروض المسرحية ، كما البعد عن القاعات المسرحية يحمل الجمهور اجورا اضافية، كما يوجد جمهور يرغب بمشاهدة العروض الجادة ، ولا يعجبه ما يقدم من عروض مسرحية خالية من العبر والمواعظ، كما للمكان اهمية قصوى ، فالمشاهد اليوم يبحث عن الراحة والاطمئنان، فهو بحاجة اليوم الى قاعة مريحة ومكيفة من اجل الراحة والاستمتاع بما يقدم امامه ، ويجب ان نعرف ان جمهورنا اليوم في درجة من الوعي تمكنه من التمييز بين العروض الاصيلة والعروض الهزلية التي لا يوجد فيها لا متعة ولا فائدة ، وكل ما فيها اسفاف.
س14- الان عن غيّاب المسرح المدرسي ماذا تقول؟
ج س14: المسرح المدرسي ليس غائبا، بل ليس التعامل معه كما هو، بمعنى انا افهم ان المسرح المدرسي يقدم المواد الدراسية على شكل عروض مسرحية للطلاب ، مع تحديد المراحل الدراسية وليس العمرية، بينما ما يقدم هو مسرح طفل ، وطبعا يوجد فرق كبير ، للأسف البعض يفسر المسرح المدرسي ما ينتج من المدرسة ، كما نقول المسرح الجامعي، تنطلق التسمية من جهة الانتاج، فعليه اتمنى من المختصين والمعنيين بأمور المسرح المدرسي اعادة النظر في التسمية ومراجعة الفهم الحقيقي للمسرح المدرسي، وأنا شخصيا حاولت ان افك الاشتباك بين المسرح المدرسي ومسرح الطفل، في كتابي الموسوم(المسرح المدرسي وسيلة تعليمة) ، فذكرت الكثير من الفروقات بين الاثنين ، اتمنى الاستفادة منها.
س15- المرأة والمسرح في البصرة كم نسبة مشاركة المرأة في المسرح البصري؟
ج س15: المسرح البصري يشكو من قلة النساء في المسرح فهن قليلات المشاركات ، وهذا يعيدنا الى ايام زمان عندما كان يلعب دور المرأة احد الممثلين ، اخشى ان نصل الى ذلك، اليوم الكثير من المخرجين يبحثون عن نصوص خالية من العنصر النسوي ، وذلك لتفادي اشكاليات انتاج العمل، طبعا انا اعتقد ان الدافع الرئيسي وراء ذلك هو عدم توفر الانتاج، وكذلك الوضع السياسي المربك له حيزا كبيرا في ابتعاد الكثير من الفنانات اللائي يرغبن بالعمل المسرحي.
16س- في ص126/ يعرف القارئ أن مسرحية (السلطان الحائر) وهي من تأليف توفيق الحكيم ومن اخراج الطالب فائز ناصر الكنعاني، قد تم اجازة العمل من قبل المدرس عبد الكريم محمود. لكن رفضت الإدارة عرضه !! والسؤال ونحن في عام 1984 والمسرحية تتناول السلطة والوضع العراقي لا يرحم
ألم يخشون من بطش ازلام السلطة؟ خصوصا وان هناك تجربة سابقة مع مسرحية (لم يعد الصمت ممكنا) /ص 112حيث بعد العرض الثاني للمسرحية (انسحب طلال محمد خشان وعامر جاسم بسبب مقتطفات من قصائد لمظفر النواب وحدث ذلك قبل العرض بساعة ويومها هزيمة الجيش العراقي في المحمرة/ 1982؟
ج س16: ما كنت اتحدث عنه هنا ، عن تجارب مسرحية، لطلبه يبحثون عن الاثارة ليس الا، ليس هناك قصدية فيما يقدم غير التنافس والتميز والحصول على درجة عالية والحصول على رضا الاساتذة، طبعا كان الرقيب شديدا، وعارفا في امور المسرح فالرقيب لم يكن من خارج المنظومة المسرحية، لذلك هو ايضا يعرف ، الطلبة واندفاعاتهم، ومن ناحية اخرى كثيرا من قدموا عروضا مسرحية تحسب على (المسرح السياسي)، وكانوا مجازفين في تقديمها، من هذه العروض التي شاركت فيها شخصيا، مسرحية( حصان في مجلس الشيوخ) والتي اخرجها الطالب في حينها خليل الطيار، وعرضت على قاعة التربية(عتبة بن غزوان حاليا)- بل والمغلقة حاليا- كما قدمنا عرض مسرحية(اوديب الملك السعيد) للمخرج طارق العذاري ، وكنا خائفين اثناء العرض، اذن كان هناك مشاكسات، ولكن المخرج البارع يتمكن من الخروج منها بطريقة او بأخرى، فالعارف بما يفعل يمكنه مخادعة الرقيب ، وتقديم ما لديه من افكار واعية.
س17- تجربة مسرحية (السيف)/ ص114 وتقنياتها الحداثية
لماذا اصبحت تجربة يتيمة لحد الان؟
ج س17: عندما يتوفر الخيال احيانا ، يلغي كل المعوقات ، ومن ثم كان في ذلك الوقت وهنا لا اريد ان اعيب على هذه الفترة الزمنية، وانا اقول دائما لكن زمن وله ظروفه ومعطياته الخاصة، كنا في حينها لا نعرف الكلل ولا الملل، وكنا دائما نبحث عن الجديد والمبهر، وخصوصا لدينا أساتذة اجلاء علما فنانين، وهنا اوكد عل كلمة فنانين هم ليس اساتذة فقط ، لذلك صنعوا جيلا كله فنانين فلو راجعت الاسماء لعرف الجميع ماذا اقصد، فكان الأستاذ البارع حيدر الشلال قائد العمل، وللعلم العمل بدأ ولم يوجد نص مكتوب، بل كنا في المحاضرة ، والقى لنا الشلال بيت الشعر(السيف اصدق انباءً من الكُتبِ في حده الحد بين الجدِ واللعَبِ) وطلب منا ان نعبر عن هذا البيت بالتمثيل (البانتومايم) وبدأنا واحدا تلو الاخر يقدم ما لديه وهو يسجل ، وهكذا تطور العمل الى ان عرض في النهاية في ساحة بناية المعهد بالطريقة التي تحدثت عنا في الكتاب.
س18- هل حققت ما تطمح اليه في عالم المسرح..؟
ج س18: الطموح في المسرح ليس له نهاية، السبب هو لان كل ما يقدم على خشبة المسرح هو مجرد تجربة ، تلحقها تجربة اخرى، البحث مستمر في المسرح، لأنه علم والعلم لا ينتهي، يبحث عن الاشياء ومسبباتها ، ويقدم ما ينفع الناس في حياتهم يتطور ويُطور، فتبقى الطموح معلقة على استار المسرح تبحث في الكواليس عن الجديد وتقدمه تحت اضواء المسرح الجميلة، علما ومعرفتا وحبا.
19س- كلمة تود قولها؟
ج س19: هي أمنية وأنا متأكد انها امنية الجميع، ان يعم الامن والامان على عراقنا الحبيب فبدونه لا يمكن ان نفكر ببناء الانسان وهنا اقصد لا يمكن ان نفكر في الفن لأنه هو من يبني الانسان معرفيا وجسديا، يعالج له همومه ويحل مشاكله ويعبر عما يجول في خاطره .