هي حالة استثنائية تلك التي أقدم عليها الحسين وهو في مكة وتحديداً في يوم التروية وهو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة : يزدحم فيه الحجاج في مكة . وهناك من يخرجون في يوم التروية إلى مِنى ويبيتون ليلة ً وفي الصباح يقصدون عرفات وهناك من يبقى في مكة حتى يوم عرفة، ثم يخرج إلى عرفات لأداء مناسك الحج .
في هذا اليوم تحديداً ومكة تموج بالحجاج، يغادر الحسين مكة هو وأهله وأولاده وأصحابه !!
هنا يتساءل الحجاج : الحسين مكث أربعة أشهر في مكة، فما الذي يدعوه إلى مغادرتها، ولماذا لم يبقَ الإمام لإتمامه حجه ثم مغادرة مكة ؟
وكانت اجابات الحسين توائم مستوى السائل، لم يقتنع عبدالله بن جعفر زوج العقيلة بجوابه، لكنه أمر ولديه : عوناً ومحمداً بمرافقة الحسين .
وصعودا إلى الشهادة .
محمد بن الحنفية، أخذ بزمام ناقة الحسين معترضا، وسائلا...
فأجابه الحسين : أتاني رسول الله في المنام وخاطبني :
(يا حسين أُخرج إلى العراق، فإن الله شاء أن يراك مخضبا بدمائك)
محمد بن الحنفية : فما معنى حملك هؤلاء النساء معك ؟
الحسين : قال لي جدي : إن الله شاء أن يراهن سبايا .
إذن الحسين هنا ينفّذ فعلا تضحوياً من خلال مخاطبات الرسول الأكرم من خلال الرؤيا وبهذا الصدد يقول العلاّمة الشيخ باقر شريف القرشي :
(من أروع ما خططه الإمام في ثورته الكبرى : حمله عقيلة بني هاشم وسائر مخدرات الرسالة معه إلى العراق، وقد قمن حرائر النبوة بإيقاظ المجتمع من سباته وأسقطن هيبة الحكم الأموي وفتحن باب الثورة عليه، فقد ألقين من الخطب الحماسية ما زعزع كيان الدولة الأموية/ ص222)
لكن للأسف مثل هذا الدور النسوي الثوري لم يسلّط عليه ضوءاً كافيا في المدونات التي تناولت ثورة الإمام الحسين باستثناء خطبة العقيلة زينب عليها السلام .