القرية تروي أحزانها، المدينة تشكو اشجانها
للقاص عبد الزهرة حسن حسب
للمرأة شخصيتها الفاعلة في المجموعتين القصصيتين
قرأت ُ المجموعتين بتشوق، مثلما قرأت سابقاً روايته (الأنهار لا تنبع من المدن)... كتابتي هنا التقطت ما يهمني كقارئة تبحث عن قريناتها من النساء في كل ما تقرأ .
ما أن ندخل إلى (القرية تروي أحزانها) حتى تستقبلنا (تسواهن بنت موحان آل سدخان، فريضة المعدان في العراق) بصوتها الحلو الغامض في حكيه ثم تنغمر الحكاية بمياه الهور وتغريدات طيوره فتتضح أبعاد القصة : (ليتني لم أفقد رجولتي) التي بطلتها تسواهن.. أرى هذه القصة من أجمل القصص في المجموعتين فالشخصية القصصية تتحرك في فضاء القصة بعذوبة ساحرة، كأنها حكاية مائية منسوجة من طيور الهور ومشاحيفه وتلونات مياهه بين الأخضر والأزرق .
في قصة (سعدون قاتل أبي) وكذلك في قصة (كلهم أوغاد) القصتان بصوت ضمير المتكلم الأنثوي وهذا يعني أن السرد يصل إلى القارئ عن طريق صوت نسوي . وسرد الأُنثى سنجده في قصة ( يوم ابتسمت أمي) وبصوت الأنثى أيضاً قصة (ساحة التحرير) القصة الاخيرة في (المدينة تشكو أشجانها) تنتصر الأُنثى لنفسها ولوطنها الذي يطالب بالتجديد نحو العدالة الاجتماعية لكافة العراقيات والعراقيين .
المرأة ذات الشخصية القوية، نتعرف إليها في شخصية سعوده : القوية الشكيمة، التي لا تتراجع عن ما تريد فعله / ص45
وهناك المرأة الساحرة في قصة (الصياد والساحرة) التي تفعل الخير من خلال سحرها وفي قصة (يوم ابتسمت أمي) نتعرف إلى ثلاث نساء .
ويركز السارد على المرأة الثالثة (جارتنا الطيبة وهي إمرأة في عقدها الخامس رصينة المنطق والسلوك يحترمها أهل المحلة/ ص29) وهي التي ستقوم بسحب الخاتم من أصبع الرجل المتوفي للتو، لتفض نزاعا بين زوجتيه .
ولتنهي تنافساً بينهما : حول اسم أي منهما مكتوب على الخاتم . فتخسر الزوجتان الرهان : وهنا تكون مفاجأة القصة الساخرة بظهورها للعلن الزوجة الثالثة ..
المؤلف لا يهبنا فقط هذه النوعية المتفوقة من النساء، هناك المرأة المسلوبة من كل شيء، هي الفتاة الهندية التي والدها يرخّص جمالها حين يبيعها بذريعة الفقر (إلى صاحب مرقص ليلي لتمارس الرقص والغناء وربما الدعارة لأن هذه الأماكن ليست بعيدة عن ممارسة الدعارة../ ص59/ قصة الحمامة) .
(في طريبيل مات الحب) وهي القصة الأولى في المجموعة القصصية (المدينة تشكو أشجانها) تتناول القصة لحظة مأزومة من حياة عالم ذرة، وينتعش الفضاء القصصي بعلاقة حب بين العالم وبين سلوى (شابة تجاوز عمرها الثلاثين عام بقليل/ 15) حائزة على شهادة ماجستير في الفيزياء وهي تدريسية في كلية التربية.. يركز السرد على هذه العلاقة العاطفية، وعالم الذرة يريدها زوجة ويحاولان الهرب من عراق ما قبل 2003 وتكون المفاجأة في الصفحة الاخيرة من القصة فهذه المرأة هي العقرب التي ستدلغ العالم لدغة الموت ..
القاص الأستاذ عبد الزهرة حسب تناول المرأة بتنويعاتها والأهم أن المؤلف تناولها سرداً قصصياً بديعاً
..........................
المدينة تشكو أشجانها ط1 2021 / دار اهوار /بغداد شارع المتنبي
القرية تروي أحزانها ط1 2021 / دار اهوار/ بغداد شارع المتنبي