تتجدد مع اللقاءات أرواحنا
ينكسر النسق القائم بسعة أحد عشر شهراً، تختلف الانشطة العائلية، لا نفز من نومنا، ساعة الموبايل بتوقيت الثانية ونصف ليلاً، نتأهب غذائيا لنهار رمضان الأول. ابنتي تكتفي بالقليل من الطعام، ثم تعوم بمياه قدسية
وحين تصل لآية الكرسي، تصدق وترتشف قدحا من عصير (لومي بصرة)
وتبسمل ثانية لمواصلة العوم. حفيدي يسألني بعد الطعام هل تأخذني ماما للروضة؟ نبتسم، يعلق أبوه : رغم كل غرائب العراق يا ولدي لا توجد روضة مسائية. ينغمر البيت بثريا تسطع من القرآئين. فكل منا يرتل بخشوع خفيض..
صباح اليوم الاول من رمضان، لا تتصاعد أبخرة الشاي من قوري جيراننا، ومخبز المحلة لن نسمع دوي ناره إلا عند الضحى. مطابخ البيوت هادئة . مغاسل المطابخ نظيفة. لا حركة في الهول إلاّ بعد صلاة الظهر، تنشط الحركة العائلية عند الثالثة عصراً في المطبخ المزحوم بالرغبات الشهية والأواني الساخنة..
قبيل آذان المغرب تنعدم الحركة في شارعنا، الكل في البيوت يشملها رمضان بحنوه ورحمته والأدعية والصلوات..
على مائدة الافطار يجتمع افراد الاسرة بسرور، اتأملهم بدعائي وأنا احمل استكانة الشاي، اجلس على مقربة منهم، اشم عطر الشاي اتأمل لونه، ارتشفُ من الاستكانة.. ولا ادري اينا اكثر شوقا.. تضحك ابنتي: هل يعقل ماما، تتركين كل هذا الطعام اللذيذ وتفطرين بالشاي!
لجمال وجهها وهدوء كلماتها ابتسم..: لا ادري يا بنتي .. لا اشعر بأنني استيقظت من النوم وأنني في نهار جديد مالم يكن للشاي حضوره الشهي، (هناك الكثير من مادة الروح في أوراق الشاي المتدلية من تلك الشجيرة،حقا، كما يقول الطبيب المعالج بالأعشاب شين نونج، ان شجيرة الشاي يحتوي اسمها روحا طيبة مسالمة وهي مبثوثة من تلك الأم العظيمة الأم الكبرى المتدفقة من مركز الكون إلى النباتات والمعادن..منذ 2732 ق.م)