أسماء محمد مصطفى أميرة الصحافة العراقية\ لا

2011-10-14

هي إعلامية وأديبة عراقية تتمتع بمهنية عالية ، ولها بصمة ولغة خاصتين بها ، تدخل الى قلوب قرائها بلا استئذان ، تجيد انتقاء موضوعاتها ومفرداتها بدقة حتى ليخيل لنا انها عارفة بشؤون علم النفس . هي تكتب في كل شيء .. في الادب والثقافة والمجتمع والمرأة والطفل وقضايا الناس وغير ذلك . تجربتها الصحفية أكبر من عمرها . من يقرأ لها يتصور انها من جيل كاتبات كلطفية الدليمي وابتسام عبد الله لما يجد في كتاباتها من لغة واثقة ، لكن اسماء بدأت العمل الصحفي والابداع الأدبي بعمر صغير في تسعينيات القرن الماضي ، واصبح لها قاعدة عريضة من القراء في زمن قياسي .

نق//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/0ec1cae3-7743-475d-9bef-441804e36ade.jpeg رأ لها لأنها تحملنا الى عالم آخر بكتاباتها الرومانسية ، مثلما تضرب على اوتار حساسة فيما يخص مشاكل الناس والمجتمع والوطن . كتبت بجرأة في اوقات امنية حرجة مرّ بها العراق ومايزال بعد عام 2003 .. كتبت مقالات ناقدة للوضع العراقي العام والشارع العراقي وهموم المواطنين ، بعض مقالاتها بلغة جاد وبعضها بلغة ساخرة . تحظى كتاباتها بتعليقات غزيرة من متابعيها . وصفوها بسيدة القلم الراقي ، وفارسة الكلمة ، وزهرة الإبداع العراقي ، والإعلامية اللامعة ، وإزاء هذه الاوصاف يدهشك انها تقابل الإطراء بالاحترام والتواضع .

ـــــــــــــ

لنقرأ سيرتها :


أديبة وقاصّة وصحافية عراقية

مؤسِسَة ومديرة تحرير مجلة الموروث الثقافية الألكترونية الصادرة في موقع دار الكتب والوثائق العراقية على شبكة الانترنت.

ـ بدأت العمل الصحافي بعد تخرجها مباشرة في الجامعة في عقد التسعينيات من القرن الفائت.
ـ حاصلة على بكالوريوس إعلام بدرجة امتياز ولأربع مراحل دراسية جامعية مع مرتبة الشرف الأولى في جامعة بغداد ـ كلية الآداب .
ـ عضو نقابة الصحافيين العراقيين .
ـ عضو الإتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق .
ـ تكتب منذ طفولتها .
ـ أعدّت مجلة وصممتها وكتبت موضوعاتها بنفسها وهي في المرحلة الدراسية المتوسطة وكان عمرها 13 سنة
وقدمتها هدية لمدرستها
.
الجوائز :
ـ منحتها مؤسسة النور للثقافة والإعلام جائزة النور للإبداع ( سنبلة النور ) ، لإعدادها ملف النور للشباب ويتناول مشكلات الشباب في العراق ـ 2008.
ـ منحتها نقابة الصحافيين العراقيين قلادة درع الصحافة 2008 .
ـ نالت جائزة أفضل تحقيق صحافي في العراق عام 1998 ـ جائزة الإبداع الشبابي .
ـ نالت جائزة تقديرية من نادي الجمهورية الثقافي ـ جريدة الجمهورية عام 1995
ـ حصلت على عشرات كتب الشكر من مؤسسات إعلامية وثقافية عراقية ووزارية مختلفة فضلاً عن شهادات تقديرية من نقابة الصحافيين العراقيين ومؤسسات أخرى .

الأعمال التي مارستها :

ـ عملت مديرة تحرير مجلة عشتار النسائية 1999ـ 2000
- عضو هيئة تحرير جريدة الجمهورية اليومية العراقية منذ عام 2000 :
-رئيس قسم التحقيقات المناوب في جريدة الجمهورية من 1996 ـ 2000
- رئيس قسم التحقيقات في الجمهورية 2000 ـ 2003
ـ عملت رئيسة لأقسام التحقيقات وصفحات المرأة وقضايا المواطنين وشكاواهم في صحف عراقية عديدة كالجمهورية اليومية والإعلام وصوت الطلبة والأنبار.
ـ تديرالآن صفحات خاصة بهموم ومشاكل المجتمع والوطن وحقوق الإنسان في صحيفة المشرق العراقية وصحف أخرى .
ـ عملت مسؤولة النشر الصحافي في دار الكتب والوثائق العراقية عام 2007
.
طبيعة كتاباتها :
ـ بدأت العمل في الصحافة كاتبة تحقيقات صحافية .
ـ كتبت في مختلف شؤون الحياة ، وتناولت في تحقيقاتها وأعمدتها وزواياها هموم الوطن والمواطن والأسرة والمرأة والطفل وقضايا الأزواج والأرامل واليتامى و المعوقين ذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء والمساكين والشباب والمراهقين والمسنين وأسرى الحرب والمفقودين والشهداء .
كما كتبت في الكثير من القضايا والموضوعات الاجتماعية والاخلاقية والنفسية والاقتصادية والثقافية والسياسية والقانونية والعلمية والفنية والجمالية والرياضية والتراثية .. الخ .
ـ نشرت مئات الموضوعات الصحافية والأدبية بين تحقيق ومقال وعمود ومقابلة وحوار وخبر وقصة وكتابات نثرية وغير ذلك .
ـ تكتب بلغة جادة أوساخرة أورومانسية على وفق مايتطلبه الموضوع الصحافي أو الأدبي .
ـ تحبذ أن تتضمن كتاباتها الجمالية والإنسانية معلومات علمية ، لأنها خريجة الفرع العلمي وبتفوق .
ـ تكتب الآن في الصحافة العراقية وعدد من المواقع والمنتديات الألكترونية ، وتعد ملفات مهمة كمشاكل الشباب والتسامح والمصالحة الثقافية في العراق .

ـ اصداراتها :
ـ أصدرت مجموعة قصصية : (نحو الحلم ) عام 1999 ـ عن دار الشؤون الثقافية العامة في العراق.
ـ تناول كتاب عراقيون هذه المجموعة في عروض ومقالات نقدية كثيرة في الصحافة العراقية .
ـ أصدرت مع مجموعة من الأدباء والإعلاميين العراقيين المعروفين كتاب :
(جروح في شجرالنخيل ـ قصص من واقع العراق) ،
وذلك عام 2007 ، صدر الكتاب عن دار الريس اللبنانية وبرعاية البعثة الدولية للصليب الأحمر ـ بعثة العراق . الكتاب صدر باللغة العربية ، وسيصدر باللغتين الإنكليزية والفرنسية .
إسهامتها بالكتاب كان نص : قبلة قبل الموت ..
هذا النص نشرته صحف عربية عديدة نقلاً عن الكتاب ، وكذلك نشرته مجلة نيويوركر الأميركية المشهورة .
ـ أسهمت بكتاب ( دورالمرأة في عراق ما بعد التغيير ) مع مجموعة من الكاتبات والكتاب ، صدر الكتاب عن مؤسسة الحوار المتمدن 2008. إسهامتها في الكتاب كانت مقالاً بعنوان : هموم يومية من حياة المرأة العراقية .
ـ أسهمت بمجموعة قصصية مشتركة مع قاصّات عراقيات ، بعنوان : حكايات شهرزاد الجديدة ، صدر عن
منتدى نازك الملائكة في الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين 2009 لمناسبة اليوبيل الذهبي للإتحاد .
إشتركت أسماء بهذه المجموعة بقصة : أسوار الجميلة النائمة .
ـ تناول عدد من النقاد العراقيين قصصها في قراءات نقدية .
ـ تعمل الآن على استكمال مجموعة قصصية لغرض طباعتها.

ـ زواياها في الصحافة :
ـ تكتب العمود الصحافي ، ومن أعمدتها وزواياها الصحافية منذ سنة 1997 حتى اليوم:
1ـ حال الدنيا :
عمود إسبوعي انتقادي شامل جاد وساخر ،تكتبه في الوقت الحاضر في جريدة المشرق اليومية العراقية، وكانت تكتبه في جريدة الأيام سنة 2003 بعدالحرب.
2ــ هي الدنيا:
عمود رومانسي أسبوعي نشرته في جريدة الزوراء الإسبوعية .
3ـ من غير زعل:
عمود إسبوعي متخصص في نقد الظواهر السلبية في المجتمع والناس والدولة ، نشرته في جريدة الإعلام الإسبوعية .
4ـ غارة نسائية :
عمود شهري ساخر انتقادي لسلوكيات رجالية ونسائية مخطوءة ، نشرته في مجلة عشتار النسائية .
5ـ تذكرة الى مدن الحب :
عمود رومانسي أسبوعي نشرته في جريدة الإعلام ، وتحت اسم مستعار في حينه ( سماء) .
6ـ فنجان حب :
عمود رومانسي إسبوعي ، نُشر في جريدة صوت الطلبة .
7ـ الحياة امرأة ورجل :
زاوية نشرت في جريدة الجمهورية ، تناولت فيها حكايات واقعية عن وفاء الزوجات لأزواجهن أسرى ومفقودي الحرب ، وكذلك صبر الأمهات بانتظار عودة أولادهن الأسرى والمفقودين ، وصبر ووفاء زوجات الشهداء .
8ـ تجربتي :
زاوية إسبوعية خاصة بالتجارب والمشكلات الوجدانية الخاصة والاجتماعية ، نشرتها في جريدة الأنبار.
9ـ مذكرات تفاحة :
زاوية إسبوعية خاصة بقضايا المرأة والرجل ، نُشرت في جريدة صوت الطلبة .
10ـ اينانا:
سلسلة من حكايات حب في حياة امرأة ورجل.
11ـ غارة صحافية :
زاوية نقدية لظواهر وحالات سلبية في المجتمع ومؤسسات الدولة ، تكتب الزاوية بإسلوب الجد والإسلوب
الساخر .

ـ من الصفحات التي أدارتها ومازالت تدير بعضها :
التحقيقات ، منبرالمشرق ، حياتنا ، هي وما حولها ، بين الناس ، قضايا وتحقيقات ، صوت الناس ، نادي القراء
، صوت الناس ، من شارع الحياة
.
ـ نشاطاتها الإنسانية التطوعية :
ـ اسهمت في مرحلة من حياتها بنُشط تطوعية خاصة برعاية الأسرة والأمومة والطفولة.
ـ اسهمت بصفة تدريسية تطوعية بدورات تعليمية للبنات الصغيرات في مشروع التعليم غير النظامي للمتسربات من التعليم النظامي خلال عقد التسعينيات من القرن الفائت
.
ـ لقاءات وأمسيات احتفائية بأعمالها :
ـ أجرى عدد من الصحافيين العراقيين لقاءات صحافية معها منذ التسعينيات من القرن الفائت حتى الآن ،
نُشرت في صحف عراقية وعربية منها جريدة الخليج الإماراتية ، مجلة الصدى الإماراتية ( مرتين ) ، جريدة الإعلام ، جريدة الإتحاد العراقية ، مجلة الشروق فضلاً عن لقاءات صحافية مشتركة في صحف ومجلات عراقية وعربية مختلفة . وكذلك حوارات معها في منتديات ثقافية عربية .
ـ أقامت نقابة الصحافيين العراقيين لنتاجات أسماء أمسيتين خلال عقد التسعينيات ، أحداهما حفل توقيع كتابها ( نحو الحلم ) ، والثانية قراءات نثرية لها .
.
شيء عن قرائها :
ـ يراسلها ويتواصل معها قراء من مختلف أرجاء العالم ، وقد وثقت رسائل القراء الورقية وبطاقات إهداءاتهم في ملف اعتزازاً بكلماتهم لها واحتراماً لهم .

الدورات :
ـ اشتركت بدورة عن الحرب النفسية والتضليل الإعلامي وبتفوق .
ـ اشتركت بدورة تدريبية في لغة الإختزال بتفوق .

ـ هواياتها :
ـ الاستماع الى الموسيقى الهادئة.
ـ التأمل.
ـ المطالعة .
ـ تقديم البرامج الإذاعية .
ـ قراءة النصوص الشعرية أو النثرية مع الموسيقى .


ومن هواياتها التي لم تعد تمارسها بسبب ضيق وقتها :
فنون :
ـ الرسم.
ـ تصميم الأزياء .
ـ الأعمال الفنية اليدوية كصناعة الزهور والإكسسوارات البيتية والخياطة والحياكة .
ـ فنون التصميم الورقي والطباعي كالصحف والبطاقات وغيرها .

ـ تتمنى أن تقدم دائماً كل مافيه خير للناس ، ولو بكلمة .

ـــــــــــــــــــــــــ


أبطال قصصها يختارونها ولا تختارهم

أسماء محمد مصطفى : الكتابة العراقية ترفض الاحتلال


بغداد ـ زيدان الربيعي :
جريدة الخليج ـ الاماراتية


أصدرت الكاتبة العراقية أسماء محمد مصطفى مجموعة قصصية حملت عنوان "نحو الحلم" عام 1999 عن دار الشؤون الثقافية العراقية. كما صدر لها مع مجموعة من الأدباء والإعلاميين العراقيين المعروفين كتاب "جروح في شجر النخيل قصص من واقع العراق" عام 2007 وسيصدر هذا الكتاب باللغتين الانجليزية والفرنسية، فضلا عن ذلك أسهمت في كتاب "دور المرأة في عراق ما بعد التغيير" مع مجموعة من الكاتبات والكتاب.
"الخليج" التقتها وسجلت هذا الحوار:
ما آخر إصداراتك القصصية؟
ـ بعد إصداري عام 1999 مجموعتي الاولى "نحو الحلم" توقفت لكي أتأمل المشهد جيداً لاسيما بعد الاحتلال الذي كان حدثاً ضخماً بكل المقاييس ويستدعي التأمل في حيثياته وتداعياته، ولعلي أنجزت الآن مجموعة قصصية معدة للطبع، اشتملت على هذا الهم وأنا بصدد الفرصة المناسبة لاصداره علماً بأني كتبت مواد أدبية ظهرت في كتاب مع مجموعة من الأدباء والكتاب العراقيين بعنوان "جروح في شجر النخيل"، صدر عن دار الريس في بيروت عن اللجنة الدولية للصليب الاحمر بعثة العراق.
هل لديك نمط معين في كتابة القصة؟
ـ لا أميل إلى النمط وإنما أتفاعل مع الحالة التي أرصدها وهي التي تفرض نمطها الكتابي عليّ، لذلك فإن الذين يقرأون قصصي يجدون انها غير متشابهة، لأن كل واحدة تعبر عن حالة معينة.
هل يمكن أن تظهر قصص تدين الاحتلال وترفضه على غرار الأدب الجزائري؟
ـ نعم.. فالاحتلال بإسقاطاته الكبيرة والكثيرة حتماً، سيحرك، بل حرك، اقلام الكثيرين، ممن كتبوا عن هذه المرحلة، لكن معظم هذه الكتابات وإن ظهر بعضها للخارج من خلال متابعتنا للانترنت فإنها تنتظر الظهور في المرحلة اللاحقة لاسيما ان بعضها على حساسية خاصة تتجاوز الاحتلال بحد ذاته الى تداعياته والظواهر الشاذة التي عاشها ويعيشها المجتمع كما أنها تناهض الاحتلال الأمريكي وترفضه.
لماذا لم تظهر نصوص تستحق الذكر في القصص القصيرة التي تنشر الآن في الصفحات الأدبية؟
ـ لعل الإجابة أعلاه تغنينا عن الإفاضة لاسيما ان الصحافة الآن تتحاشى نشر بعض النصوص التي قد تسبب لها اشكالات معينة مع جهات معينة، على الرغم من ظهور نصوص بهذا الصدد لايستهان بها في صحافتنا المحلية.
كيف يتعامل النقاد مع ما كتبته من قصص؟ وكيف هو تقييم النقاد العراقيين لها؟
ـ لقد كتب أكثر من ناقد متناولاً مجموعتي القصصية "نحو الحلم" مستحسنين ماجاء فيها ومقومين بعضاً آخر وقد استفدت من تقييمهم "تقويمهم" في كتاباتي اللاحقة، وأنا سعيدة بما كتب عني لأنه انطوى بالنتيجة على أن مجموعتي فيها ما يستحق الاهتمام وهذا يكفي. كما أن قصصي الأخيرة التي نشرت في الصحف العراقية وعلى مواقع في الانترنت، قد تناولها عدد من النقاد والمهتمين، وسرّني كثيراً ما قرأته بصددها من آراء نقدية، كونها وأقصد قصصي عبّرت عن هم عراقي كما اعتقد.
أبطال قصصك كيف تختارينهم؟
ـ أنا لا اختار أبطال قصصي ، بل هم الذين يختارونني للكتابة عنهم، فمشهد طفل بريء وجميل يبيع الصحف او السكائر في الشارع تحت هجير الظهيرة او البرد القارص يكفي ان يدفعني للكتابة عنه. ومثل هذه المواقف كثيرة في بلد شهد حصاراً قاسياً واحتلالاً وكل ما رافق ذلك من مآسٍ ما نزال نعيش "نعيمها".


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


حال الدنيا.. بين سطور أسماء محمد مصطفى .. والواقع المرير


ـ بقلم : فاروق الجنابي

يوم الاحد ينتمي الى مجموعة ايام الاسبوع التي تلتقي بقريناتها من ايام الشهر .. هكذاهو حال الدنيا في كوكبنا الارضي ، ولكن اصبح لأيامنا في العراق حال خاص فلأيام الاسبوع اوصاف والقاب كالتي يلقب بها عباقرة العلم والفلسفة والشجاعة ،
كنت ولازلت من متابعي يوم الاحد ليس استذكارا لما اطلق عليه بعض اخوتنا في الدين والوطن الذين فرقتنا عنهم السياسة وحب الوجود ( بيوم الاحد الدامي ) مثلما اطلقوا على يوم الثلاثاء بـ ( الثلاثاء الدامي ) و(الاربعاء الاسود) و(السبت المسبوت) وهكذا ، فلم يكن الاحد يشتهي ان يكون قدره بما آل اليه الوضع ..
ولكنني كمن يعد الساعات لينتظر خليلاً هام الشوق به ، انتظر ماتحاكيه دقة السطور ودفء معانيها واشجان كلماتها التي تشير الى الثقافة الواقعية التي اعتمدتها الكاتبة الاخت الفاضلة اسماء محمد مصطفى التي تنقلها عبر عمودها الاسبوعي ( حال الدنيا ) الى مسامع ومناظر القارئ بشكل تصوري يقترب من الذهنية التحليلية الخالية من نمطية التعقيد الروتينية المعتادة .
وكوني اجد نفسي التقي معها ومع غيرها من الذين يحملون معاناة شعبهم في وجدانهم وكذلك يلتقون في القصد الحسن والكلمة الهادفة والطرح المجرد من الرتوش .. اتمنى ان اكون ضيفا على صفحة منبر المشرق التي تشرف عليها الكاتبة الاخت اسماء من خلال مساهماتي التي تنقل الواقع المرير الذي يعاني منه شعبنا العراقي (والتي اختلط حابلها بنابلها ) لعلها تكون صرخة تيقظ من نامت ضمائرهم بين نعومة السلطة وترفها لهول المآسي التي تدور في فلكها طبقات شعبنا الوسطى ومادونها التي انسحقت في ماكنة الفقر الذي فرضته الاقدار علينا.


ـــــــــــــــــــ

(منبر المشرق) صوت المواطن العراقي

بقلم محمد شفيق

تعد مهنة الصحافة من اقدس المهن والتي تحمل رسالة وهدفاً . هناك صحف ومؤسسات اعلامية لها هدف سام ٍ ونبيل من اجل الانسانية ولذلك حرصت القوانين الدولية والدساتير العالمية على حماية حرية الكلمة والتعبير .
في العراق الذي منعت فيه حرية الصحافة مدة طويلة بجميع اشكالها وبعد انتهاء ذلك العهد المظلم اتسعت حرية الصحافة وبشكل كبير جدا حيث بلغ عدد الصحف ما يقارب ( 200 ) صحيفة اليومية والاسبوعية فضلاً عن العديد من المجلات اضافة الى ظهور الصحافة الالكترونية والتي كان لها دور جيد في الساحة العراقية واما المحطات الفضائية والاذاعات فحدث ولا حرج . وكان للبعض منها دور سلبي من خلال الحث على العنف والطائفية بينما كان للصحف الاخرى دور في تثبيت روح الوطنية بين ابناء الشعب العراقي والعمل على ايجاد حلول لمشاكل ومعاناة المواطنين وايصال صوته الى المسؤولين والجهات المعنية ، واخص بالذكر هنا ( منبر المشرق ) الصفحة الاسبوعية في صحيفة المشرق والتي تحررها الصحافية والكاتبة ( أسماء محمد مصطفى ) حيث اثبتت للعراقيين وطنيتها وحبها للمحرومين والفقراء من ابناء العراق الجريح ، هذة الصفحة تبث مشاكل المجتمع والشارع اضافة الى المواضيع التي تخص الأسرة ونبذ العنف ضد المرأة .

إن جميع الفقراء والمحرومين والذين لا يجدون غير وسائل الاعلام لطرح مشاكلهم يثنون على دور السيدة الفاضلة ( أسماء محمد مصطفى ) كما ونتمنى لهم جميعا التقدم والنجاح خدمة للعراق واهله ومنبرا صادقا لجميع لأبناء شعبنا .

ملاحظة :
( هذه اجزاء من مقالة للكاتب محمد شفيق اقتطفنا منها فقط ما يتناول الكاتبة اسماء محمد مصطفى )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


استدراج الشعر إلى حدائق النثر
(( معك أشعر بأنني معي ))

ـ بقلم : علي حسين عبيد


بين الشعر والنثر ثمة وشائج تتسم بالإلتباس والعراقة كما يقول بعض النقاد، ولهذا السبب دخلت (قصيدة النثر) إلى حلبة الشعر تغذّ خطاها بثقة كما لو أنها من أصحاب البيت !! بسبب غموض الحدود والضوابط، لذلك لا حرج في انتمائها إلى هذه الحلبة مع انها تعدّت على جميع شروط صناعة الشكل الشعري التقليدي المعتاد من لدن الاذن العربية المتلقية، وقد تنامت قصيدة النثر على حساب الشكل الشعري المتعارف وبلغت اشدّها لدرجة انها حملت صولجان الشعر بيدها وأخذت تهش به جميع الاشكال الأخرى طاردة إياها من حلبة الشعر بطرق تصل إلى الوقاحة أحيانا !!، كإعلان التسيّد الأبدي للشعر والقول بموت الاشكال الاخرى أو خوائها أو نبذها كليا خارج الساحة وسحب هويتها الشعرية ودمجها في روح التأريخ أو طمرها فيه الى الأبد.
بيد أن الاشكالية (الكارثية) التي رافقت غرور وصلابة عود قصيدة النثر، تمثلت بذلك الغياب الكلي لعناصر التجنيس الأدبي وفتح الابواب على مصاريعها لقريحة الشعراء والمتشاعرين معا، ما أدى إلى فوضى شعرية عارمة شارك فيها الطرفان المذكوران بجدارة، وبمعنى أكثر وضوحا، أن كل من رغب في أن يكون شاعرا، جُهِّزَت له ثروة (فقيرة) من لغة الضاد وبدأ ينثر مفرداتها في شكل نثري بائس، وبذلك -وكما يعتقد هو- أصبح شاعرا (نحريرا) كونه منح نفسه هوية كتابة قصيدة النثر، لكن الملاحظ أن قصائد من هذا الطراز المتبجح لا تنتمي إلى الشعر من قريب أو بعيد.
من هذه التوطئة اريد أن أصل إلى أن النص النثري الذي حمل عنوان (معك أشعر كأني معي لأسماء محمد مصطفى) مع كل الثراء الذي رافق مقاطعه الكتابية المتتابعة، لكنه لم يُنسب نفسه إلى الشعر وكان حذرا في ذلك كالحذر الكبير الذي تمتعت به كاتبة النص كي لا تزج نفسها في الفوضى النثرية العارمة التي يطلق عليها البعض بقصائد نثر.
لقد قدمت اسماء نصا نثريا قائما على التماثل والتضاد فجاء محتدّاً وصارخا، خافتا ومتألقا، حنونا ومتسلطا، جريئا وممتعا، مفيدا وغنيا بثرائه اللغوي والنفسي، وحري بنص من هذا النوع أن يلتحق بقافلة الشعر أو يلحق نفسه بهذا الجنس الادبي الأصيل، غير أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث، ولعل مرد ذلك يتعلق بالوعي الجميل الذي تنطوي عليه ذائقة الكاتبة الساردة الشاعرة في آن، فهي مع كل ذلك الجمال الروحي الذي طفق يتدفق من مناهل كلماتها المنثورة بيسر وتحسّب في نصها النثري ومع كل تلك الموجات الاهتزازية التي أحدثتها في روح المتلقي وهو يشرب من ماء ثرائها النثري الزلال، إلاّ أنها لم تجازف بوعيها ولا بذائقتها الجادة الحذرة، فقدمت للقارئ نصا متنصلا من هوية التجنيس والالتباس أو الانتماء إلى هذا الجنس الادبي أو ذاك.
إن نص أسماء هذا .... هو ابن بار للشعر، ولكنه مستقل بذاته ولا ينتمي إلاّ إلى نفسه، فلقد أزهر في عمق الجدب، فتطاولت سيقان النثر وأطلقت براعم خضراء ما فتئت تتفتق عن أزهار شعرية جريئة ومتعقّلة في آن. ولنقرأ معا ماذا يقول المقطع الرابع من هذه السلسلة النثرية الحادة المتهادية:
حين وقعتَ في مصيدة قلبي لم تعرف أنني صنف مخدِّر ٍ لا تشفيك منه كل مصحات العالم ..
فلا تتحدَ أنثى مثلي !!.
إن غادة السمان كتبت أجمل مؤلفاتها بمثل هذا الاسلوب الراقي، غير إن السمان كانت تضع تجاربها الفعلية بين يدي القارئ، بمعنى انها حين كتبت عن مفعول المخدِّرات فإنها فعلت ذلك قبل إن تكتب عن تجربة التخدير، بكلمة اخرى انها تناولت المخدر وعاشت التجربة ثم تحدثت عنها بواقعية شعرية جريئة ومتألقة.
لكن الامر مع اسماء محمد مصطفى لا يمت بصلة لذلك، أي انها أخذت جوهر الحالة وتخيلتها ثم وظفتها لصالح نصها النثري بطريقة تنتسب لإسلوبها الذاتي الذي ينأى بنفسه عن تجربة السمان.
وحين نتحدث عن الشاعرة جمانة حداد لاسيما في تجربتها مع الجسد، سيتكرر التوصيف ذاته، فجمانة تمتلك خزائن الشعر وتجارب الجسد معا وهي لا تضع حدا بين اللغة الشعرية والعاطفة وغالبا ما تُشعر المتلقي بانفلات الحدود بين الشعر والعاطفة والجسد (في خلطة إيروسية متحدة) وكأنهم أصبحوا ثالوثا متحدا ومتناغما إلى الأبد.
مع اسماء يختلف الحال تماما، فهي تمتلك ناصية اللغة وتشغّل عناصر المخيلة فتبدع أزهارا شعرية مُستدرَجة الى حدائق النثر من دون أن تنفلت لديها الحدود الفاصلة بين (ثالوث) جمانة المتمثل بالشعر والعاطفة والجسد، ونجد مثل هذا التقارب في التنفيذ الفني في قصائد زينب عساف التي تنكمش أحيانا في قصائدها حين يتعلق الامر بتناول العاطفة، في حين تكون الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس أكثر قدرة من سابقتيها على الموازنة بين أقطاب (الثالوث الجماني) اذا قُبل هذا التعبير، ومقارنة بين نص اسماء وتجارب الشاعرات الناثرات المذكورات يمكن أن أصل إلى تأكيد الشخصية الكتابية المستقلة لأسماء، فهي تلامس الجوهر بحذر لكن ما سيصل إلى القارئ من (هزة الشعر) يجعلنا في حيرة من أمرنا، فهذا النص لا ينطوي على حس إيروسي ولا تفعيل شعري مؤكد بل ربما يشي بذات عاشقة متسلطة ومع الاسترسال والتدفق المتتالي لمقاطع النص، سيعرف المتلقي انه أمام تجربة كتابية نقية وصادقة إلى أقصى المديات من حيث الجوهر تحديدا، لنقرأ معا:
معك أشعر .. بأنني لست ُ رقماً بين النساء..
أنا إمرأة لكل العصور
بل .. إنني كل النساء!!!!!
ـــــــ
ولنقرأ أيضا:
معك أذوب في ( فنجان ) حبك
ياااااااه
يا أنا يا قطعة سُكَّر.....
إن حرارة الصدق هنا ستضاعف طاقة التوصيل لدى المتلقي، ولن تتدخل العاطفة بالمفهوم السوقي المتعارف عليه، إنك ازاء تجربة لا تريد أن تشبه غيرها ولا ترغب بأن تشبهها التجارب الاخرى، انها تنبع من ذات مستقلة تتنقل بين الرقة الانثوية الصارخة وبين النزعة المتسلطة والحكيمة في آن لتنتج أزهارا شعرية بألوان متعددة قادمة طوعا من حدائق النثر لتصبح أزهارا شعرية شاخصة.
كما اننا سنلاحظ بأن الذات الانثوية التي قد تبدو متسلطة احيانا، ستكون في موضع آخر من النص حنونا متوجعة ومتأهبة للبحث الأبدي عن نصفها الآخر أو الأصح عن كلها على ما يبدو، تقول أسماء محمد مصطفى:
ثمة حنين بعمر الوجع يسكنني ..
يحيلني الى أسطورة صمت.. وإشتياق
فألملم أشلائي المتناثرة
وأنهض راكضة بحثاً عنك ، وأنت معي
ــــــ
وتقول أيضا:
أناملُكَ الحنونُ مناديلٌ بلورية لدمعي..
و الدمع ُ ما كان َ سخي الهطولِ
إلاّ من أجل أن تمس َ مناديلُ البلورِ خدودَ الوردِ في حدائق روحي .....
إن هذا التذبذب بين القوة والضعف وبين الحكمة وغيرها دليل آخر على أصالة وصدق التجربة وتصاعد حرارتها برغم حياديتها أحيانا، وهي دليل مضاف على بحث الكاتبة الدؤوب عن شخصيتها النثرية التي تبتعد عن التجارب الأخرى، ولعل الأمر الذي يثير الإنتباه هو ذلك التقطيع الفني المحبب لتسلسل النص، فأنت ما أن تنتهي من متعة هذا المقطع حتى تتضاعف لديك متعة قادمة في المقطع التالي وهكذا يتصاعد الخط البياني الجمالى ليصل الى القمة حين تنهي الكاتبة رائعتها هذه بسلسلة من الغارات العشقية المضمخة بالبيانات والخسائر والأسرى وأخيرا بهذه الاعترافات الـ (ليست أخيرة) ولنقرأ معا:
إعترافات ليست أخيرة: أساطير الخريف
في "أساطير الخريف" ، عشق (تريستان ) البراري والأدغال ، ربما أكثر مما أحب سوزانا.
أما أنت ، فلم تعشق الهرب الى البرية ..
أعماقك غابة تكفي ، لالتأخذك مني ، وإنما لتأخذني مني ..
لتزيح عني غلاف الوداعة وتكشف عن شراستي ..
لتنزع عني هدوئي الأسطوري وتكشف عن إمرأة نَمرَّة في أعماقي تعشق ترويضك وتقليم مخالبك ..
لستُ كسوزانا ، أعجزُ عن الحياة في براري تريستان ..
قد عشقتُ الإرتماء على الحشائش في غابة أعماقك ، وإلقاء نفسي في مجاهلها وأخطارها .. وحتى كوارثها ..
ولم أهو َ غلق باب القلب بوجه نداء البرية ، بل اطلق ُ روحي لصفير الريح الوحشية الآتية منك .
لم أبك ِ ، وأوراق الشجر الخريفية تتماوج عبر نافذة الليل على وجهي الندي ..
لم أمنحْ رجلاً آخر ، دقيقة من عمر حبنا ، أو أسمحْ لأمرأة أخرى أن تكون النمرّة التي تريد .
لم أكن لأطلقك وحدك الى البراري ، وأنزوي خلف جدران الكوخ العتيق ، وأعود أبكي بحثاً عن خطواتك الشرسة .
فمن أجل أن تكونَ عاشقاً أليفاً ، لم اترددْ في أن استحيلَ الى صدى البرية ..
لم آبه بأن تمزق مخالبك أوراق الربيع في قلبي ..
لم أخشَ العجز عن تقليم أظافر البراري ،
فقد عشقتُ أن أموت في غابتك ..
أن تنمو لي من مخالبك مخالبُ بدلاً عن الأظافر الملمعة بالطلاء الوردي ..
أن اصطاد الحيوانات المفترسة بدلاً عن مداعبة البلابل ساعة التغريد ..
لم تكن أنت تريستان ..
لم أكن أنا سوزانا ..
لكن حبنا كان .. أسطورة خريف ..
أساطير الخريف فيلم رومانسي يغادر فيه تريستان حبيبته الوديعة سوزانا الى عشقه الأول : البراري.


ـــــــــــــــ

تجليات العشق، تجليات اللغة:

قراءة في نص ((معك أشعر بأنني معي)) لأسماء محمد مصطفى


بقلم د. عادل صالح الزبيدي


في إحصائية أولية بسيطة ارتأينا أن نستهل بها قراءتنا هذه تدهشنا عمارة النص المبنية على ثنائية أساسية ومهيمنة يشكل قطباها طرفي معادلة العشق الذي تعرضه علينا الكاتبة أسماء محمد مصطفى متجليا في لغة نصها الموسوم ((معك أشعر كأنني معي)) وهي لغة تتحقق فيها درجات عالية من الإبداع على مستويات سيميائية ودلالية متعددة تتخلل النص وهو نص يتميز بأنه ببساطة يتناول موضوعا تقليديا بلغة غير تقليدية، تقليديا لا بالمعنى السلبي بل لكون موضوعة الحب الموضوعة الأثيرة الأولى في الأدب بكل أنواعه وبمختلف عصوره ولعلها كذلك أكثرها شيوعا فيه. (تشير الأسهم إلى اتجاه وقوع الفعل كما يرد في سياق النص):
هي (الأنا، المتكلم، الذات...) الفعـــل هو (الأنت، المخاطب، الموضوع...)
فراشة ->--- وردة
شراسة ، تسلط -----< (خنوع)
حديقة >----- مطر
مصيدة -----< (طريدة)
دمع >---- أنامل (تمسحها)
أنامل -----< قيثارة
أنشودة >---- شاعر
قطعة سكر -----< فنجان
مساء >---- قمر ونجوم
سفينة -----< بحر
وردة >---- وطن الورد
يدلل اتجاه الأسهم المتناوب بشكل تناظري متوازن على أن لا فرق بين الفاعل والمفعول، الذات والموضوع، الأنا والآخر (أو بالأحرى "الأنت" كما في النص)وهو ما يحقق بالتالي شكلا من أشكال التوحد الذي يشكل جوهر العشق كما يصوره النص. ويصبح كل عاشق (أو بالأحرى كل عاشقة،لا لأن كاتبته أنثى نعرفها من اسمها بل بضوء زاوية النظر المهيمنة في النص) واحدا مع معشوقه، ويتحول العشق لغة ترقى إلى، بل تتجاوز، العشق الصوفي التقليدي كما نجده في النثر أو الشعر الصوفي مثلا، لأن ثمة الكثير من "الدروشة" اللغوية، إن صح التعبير، في لغة الصوفيين، شعرا أم نثرا.
تطالعنا هذه السيميائية العالية للنص بدء من العنوان، بشقيه الرئيسي والثانوي، فنجد الكثير من دلالات وإيحاءات التوحد في العنوان الرئيسي. أما العنوان الثانوي (من الضروري أن ننتبه إلى انه عنوان ثان فضلا عن كونه ثانويا وقد وضع بين هلالين بعد واو عاطفة للتدليل على ذلك) فانه مكتنز بدلالات وإيحاءات وإشارات لغوية (وكتابية كذلك، إذ أن للكتابة أو الشكل الكتابي سيميائيتهما أيضا كما سنرى). يوحي الهلالان بأنهما يحصران دفاتر العشق ويحيطان بهما، مدللين بذلك على كثرة دفاتر العشق، وتأتي كلمة "سطر" بعد نقاط، موحية بإمكانية أن تفلت، وحدها، من كل دفتر، وكأني باللغة، لغة النص، تخاطب قارئها قائلة: هاك سطرا واحدا فحسب من دفتر العشق هذا، فانك لن تستطيع تحمل المزيد، فما بالك بدفاتر العشق الأخرى وهي كثيرة. يا لكثرة ما في القلب من العشق!
ثم تأتي الأسطر، معددة متعددة، نصوصا قصيرة لا تريد أن تكون أكثر من سطر، لا تريد البوح أكثر. نصوصا يتجلى فيها العشق "الصوفي" في توحد الذات العاشقة مع الذات المعشوقة، في لحظة توحد لم تكن موجودة في الزمن من قبل. تتجلى لحظة التوحد هذه تجليا لغويا في نصف "السطر" (المقطع) الأول من النص:
معك أشعر .. بأنني معي
وقبلك لم أشعر قط
بأنني كنت ُ معي
أما نصف "السطر" الثاني، أي:
تغفو فراشاتُ البراءة معك بين الورود
كما في حدائق روحك أغفو أنا
فهو تجسيد للوجه الآخر من ثنائية العشق/التوحد، انه التوحد مع الوجود، مع الطبيعة، مع الذات المطلقة، فيصيح العشق بذلك عشقا كونيا، سمه إلهيا أو صوفيا أو ما شئت. وهكذا يضعنا العنوان بشقيه، وأول مقطع من النص، أو أول سطر من أول دفتر من دفاتر العشق في حقول الدلالة التي يصنعها النص وإزاء ثيماته الأساسية.
للأعداد علامة سيميائية أخرى غير وظيفتها التقليدية: انها توحي بتنوع وتعدد أشكال العشق. وكأني بها تقول ما قالته الشاعرة الانكليزية اليزابيث براوننغ في مستهل إحدى قصائدها "كيف أحبك؟ دعني أحصي الطرقا" لتبدأ بتعداد تلك الطرق فيما يلي من أبيات القصيدة. ومن علامات النص الأخرى التعداد والقياس والأثر التراكمي. إلا إنها علامات لا توحي بمادية وأرضية الحب الموصوف بطرق شتى بل تخلق ومن خلال تداخل هذه العلامات مع علامات أخرى كثيرة، توازنا بين الحب بصفاته الفيزيائية والعشق بتجلياته الروحية، فيصبح بذلك عشقا متكاملا واحدا في ثنائيته، عشقا يرى على صورة المثال أو المطلق. فالتوحد مع الذات العاشقة يؤدي مثلا إلى تجاوز "الشراسة" في (2) في كل شيء إلا في الحب. ترى أية شراسة هذه؟ ثمة ثلاث فراغات بعدها (رسمتها الكاتبة نجمات مفردة متعامدة) وكل فراغ من هذه يؤشر الامتناع عن التمادي في البوح.
ثنائية العشق/التوحد هذه تتخذ أشكالا عديدة، منها التماهي بين الأنا والأنت مثلا، وبالأخص عندما تكون العاشقة هي التي تعبر عن هذا التماهي-ينتقل بين وصف الأول ووصف الثاني، بين آثر العشق على الأول وأثره على الثاني، بين صفات الأول وصفات الثاني وهكذا. بهذا التنقل التبادلي، بهذا اللعب على ثنائية الأنا/أنت، يتأكد التماهي في الحب فـ"معك أشعر.. بأنني معي" في (1) (سنشير الى المقاطع بأرقامها من الآن) يقابلها "معك أنسى إنني أنا" في (3):
معك أنسى أنني أنا ، وأتوه في ( أنت)
و .. الـ .. أنت .. أنشودة التيه في أناي
فذوبان الأنت التسلطي في الأنا في (1) يقابله ذوبان الأنا الخنوعي في الأنت في (3)، وما تحمله هاتان الكلمتان (التسلط والخنوع) من معاني السلب ينتفي بتقابلهما أو تنفي إحداهما الأخرى فتصبح في حالة لا هي من التسلط ولا هي من الخنوع: إنها حالة العشق التوحدي بالمعنى الصوفي التقليدي أو بغيره.
لعبة التسلط/الخنوع اللفظية هذه تنتهي مرة أخرى إلى انتفاء دلالي للإيحاءات السلبية التي تتضمنهما المفردتان بمعانيهما المعجمية في (4) و (5).
(4)
حين وقعتَ في مصيدة قلبي لم تعرف أنني صنف مخدر ٍ لاتشفيك منه كل مصحات العالم ..
فلا تتحدَ أنثى مثلي !!
(5)
الورد وطني ..
وحيث إنك من سلالة الورود ، فأنت وطني
فوقوع الأنت القسري في مصيدة قلب الأنا، الذي يستتبعه منع للتحدي بعد امتناع عن البوح في (4) يقابله وقوع الأنا الطوعي في قلب الأنت الذي يكبر وتتسع دائرته الرمزية الصوفية (وردة الوطن هنا)، ولم تعد مجرد معان معجمية فحسب.
قد لا يكون كاتب نص ما على وعي وإدراك كاملين دائما بما يحمله نصه من دلالات، وهذا أمر طبيعي جدا لأن خلاف ذلك لا يمكن أن يحصل إلا إذا ابتدع الكاتب لغة جديدة خاصة به وكتب نصه فيها. ومع ذلك فثمة "ابتداع" على مستويات عدة في كل نص يحقق إبداعا لغويا بدرجة ما، وهذا الابتداع هو الذي، كما أشرنا، قد لا يكون المؤلف على وعي تام به دائما، وهو الذي قد يدرك دلالاته قارئ النص بشكل أفضل و كذلك المؤلف إذا ما تحول إلى قارئ للنص. تجعل الكاتبة اللغة، لغة نصها، تعمل بطريقة تقابلية ثنائية وكأنها كرة يتداولها لاعبان اثنان: ترمي العاشقة (الفاعلة) اللغة (التي تمتلكها) إلى معشوقها (مفعولها) فتملي عليه كيفية العشق (الفعل)، ثم تلعب اللغة لعبتها التقابلية مثل سهم ذي رأسين بحيث يرمي المعشوق (المفعول) اللغة (المملوكة) إلى عاشقته فينفذ ما تمليه عليه من فعل العشق....وهكذا... حتى يتحول العشق إلى فعل لغوي مثلما تحول إلى فعل وجودي.
يتأكد التماهي الصوفي والوجودي بين الذات العاشقة والذات المعشوقة مرة أخرى في (6) حيث الورد والحدائق والروح تلعب لعبتها الرمزية هي الأخرى:
(6)
أناملُكَ الحنونُ مناديلُ بلورية لدمعي..
و الدمع ُ ما كان َ سخي الهطولِ
إلاّ من أجل أن تمس َ مناديلُ البلورِ خدودَ الوردِ في حدائق روحي
وتتسامى العاشقة في (7) لتكف عن أن تصبح "رقما بين النساء" وإنما "امرأة لكل العصور" بل تصبح "كل النساء!!!"
ولتتباهى في عشقها حتى عندما "تذوب في (فنجان) حبه" لأنها "قطعة سكر". ثم تتوالى الصور الجميلة والاستعارات الرائعة التي تستقيها الكاتبة من سياقات دلالية متنوعة ومتعددة ومتداخلة كذلك، فنجد الصور والرموز والاستعارات والتشبيهات المستقاة، فضلا عن الورد والحدائق كما أسلفنا، من الجغرافيا والخرائط تارة، كما في (9) و (13) و (25)، أو من الغيوم والمياه والمطر تارة أخرى كما في ((6) و (10) و (16) و(20) و(26) و(27) أو من فن الرسم والألوان كما في (15) والقائمة تطول. سنكتفي بمثال واحد هنا، وهو المقارنة الأخيرة المستقاة من فن الرسم والألوان ترسم الكاتبة فيها صورة خلابة وموحية جدا من الصور التي يتجلى فيها العشق لونا جديدا غير مألوف يكتشفه العاشق الطفل في محفظة ألوانه ليفاجأ بالمعشوقة مجسدة بهذا اللون الجديد.
فضاء ٌمن ألوان خلابة حد الإدهاش يحتويني ..
لونٌ جديد أنا في محفظة الألوان
طفولتك تفتح كراسة الرسم
تتناول محفظة الألوان
وقد ملَّتْ كل الألوان المألوفة
تُفاجَأ بي ..
تلونُ بي الصفحة الأولى
تسأل عن إسم هذا اللون :
أهمسُ لك :
هو.. الحب
التوازن بين التجريد والتجسيد في الصور يشكل أحد أشكال التوازن بين الروحي والجسدي. في (12) صورة موحية جدا وجميلة تتجلى فيها براعة الكاتبة في إرداف المجرد بالمحسوس لعقد مقارنة مبنية على التناقض الظاهري، وهو أسلوب فعال في سياق النص عموما تتطلبه الثنائية التي تتأسس لغة النص كله عليها، وما هذه إلا واحدة من صور كثيرة تتناثر في النص:
هي ذا ّ أناملي ما خُلِقَتْ
إلاّ لتعزفَ على قيثارة صمتك
ثمة توازن شيق آخر بين قطبي هذه الثنائية، أي الروح والجسد، او العشق الروحي والوصال الجسدي في صورة يطغي عليها الترميز الأساسي في النص، وهو صورة الروح كوردة، او وردة الروح، من جهة، ويطغي عليها من جهة أخرى المزاوجة بين المجرد والمحسوس لكي تتم المزاوجة عند ذروة العشق "المبتدع" في النص، فكرة ومفهوما لغة واصطلاحا الخ ..المزاوجة بين الحب أو العشق بوصفه فكرا مجردا أو مفهوما وبين الفعل الجنسي بوصفه تحققا لماهية هذا الحب ومكملا لصورته التجريدية الناقصة وغير المكتملة بسبب التجريد. يظهر ذلك جليا في (17) ( تجدر الإشارة إلى أن النجمات المتعامدة الثلاث علامة لغوية تنقيطية تؤدي وظيفة الامتناع عن البوح بالفعل الجنسي لأنه وجه واحد من وجهي العشق):
و.. لو صرتُ قطرة مطر ،
وهبطتُ على الورد في روحك ،
ثم تبخرت ُ ..
لما ندمتُ..
فراغاتي يكفيها أن يملأها بذارُ وردك ..
فأيّ حدائق سحر ٍ
أزهرت في أعماقي ببذرات وجودك ؟!!
وتتنوع لغة المقاطع بين الاستعارية العالية حينا واللغة المباشرة الواضحة حينا آخر، ولكنها لغة تبقى محتفظة باتزانها الدلالي وتوازنها مع سياقات المقاطع الأخرى، كما في (18):
و.. إذا ما غادرتُك في نوبة نسيان الحب
سيأتي يومٌ أتذكر دموعه
وأقررُ أن أحب ثانية ً..
فـ ..أحبك
التوازن بين التجريد والتجسيد في الصور هو احد أشكال هذا التوازن الذي يحدثه النص بين الروحي والجسدي، وهو توازن ضروري فنيا لأنه يراد به خلق حالة من التوازن مبنية على أرضية من التوافق أو الندية بين قطبي الثنائية الأساس في النص، ثنائية الأنا/الذات والأنت/الموضوع، وتتحقق حالة التوازن هذه في بعض أشكال الأداء اللغوي التقابلي ، أي أنها تتمظهر على صورة تقابلات وتضادات لفظية عديدة منها، كما في (19)، بين الحلم واليقظة أو بين المخيلة والواقع ( الواقع مكنـّى عنه هنا باليد):
أنت الحلم الجميل الذي تعانقه مخيلتي ، وهو بين يديّ في يقظتي
أو بين نصف القلب ونصفه الآخر في (20):
إذا ما أكلتْ نيرانُ الزمن نصفَ القلب ، ستبقي قطراتُ غيثك على النصف الآخر ..
يتغذى من نبع حنانك،
يبلغُ الرشد ويصيرُ كاملاً
أما حالة التوافق/الندية، وهي الأخرى حالة من حالات التوازن الدلالي، فهي شأنها شأن حالات التوازي اللفظي، تغني وتحكم نسيج النص وتشد خيوطه الدلالية إلى بعضها بإحكام. فمثلا عندما تكون معه فهي ذات وجود متسام وكيان فائق أو متفوق. إنها (في المقطع 21) "امرأة تروض الريح"، تستكين الريح بين يديها فتستحيل نسمات عذبة تدغدغ روحها وتحملها بأراجيحها إلى أعماق الحلم..."حيث أنت،" واللفظة الأخيرة هذه، أي "أنت"، تأتي في مكانها عند نهاية المقطع ذات وقع لفظي محكم في بنية نحوية محكمة، فتصبح علامة سيميائية فاعلة الدلالة لأنها تغلق النص، أي نص هذا المقطع، بعد أن كانت لفظة "أنا"، القطب الآخر من الثنائية والعلامة السيمائية الفاعلة الأخرى، قد افتتحت المقطع:
أنا معك إمرأة تروض الريح
تستكينُ الريح بين يدي ّ الى نسمات عذبة
تدغدغ ُ روحي
و.. تحملُني بأراجيحها الى أعماق الحلم .. حيث أنت
إما اللفظة الأخرى ذات الوظيفة السيمائية الفاعلة، والتي لا تقل فاعلية ومركزية عن هاتين اللفظتين المركزيتين، فهي "معك"، اللفظة التي تشكل الرابط بين قطبي ثنائية الأنا/أنت، وهذا الرابط اللفظي/الدلالي يمثل اختزالا لفظيا للثيمة الأساسية للنص، وهي العشق متجليا تجليا لغويا ومتحققا وجودا وكينونة، أو بعبارة أخرى ، متحققا بوصفه كينونة َ ثنائية ووجود َ معية.
إن استعمال هذه المفردة المركزية، أي "معك"، كتكرار استهلالي Anaphora)) له دلالاته المهمة والفاعلة في النص برمته، فهي تتكرر كمفردة استهلالية في ما يربو على نصف عدد المقاطع في النص، فضلا عن العنوان، وترد في ما تبقى من مقاطع إما في مرتبة ثانية أي بعد أول مفردة مباشرة أو بصيغة عبارات دالة على المعية التي وضع النص وقراءتنا له توصيفا لها، أو ترد بصيغة النقض أو السلب، كما في عبارات مثل "إذا ما ابتعدت عني" (المقطع 9) أو "بعيدا عنك" (المقطع 10) أو "لولا نهر وجودك" (المقطع 27). أو في نص المقطع بكامله كما (25) الآتي:
ما جدوى مساءاتي في خارطة زمني ، إن لم تكن أنت فيها القمر والنجوم؟!!!
وعادة ما يستخدم هذا النوع من التكرار للتعبير عن اشتداد الشعور وتصاعد وتيرة الانفعال في سياق ما سواء أكان هذا السياق دراميا أو غنائيا. وكتنويع على التكرار الاستهلالي هذا توظف الكاتبة بنية نحوية شيقة أخرى تعكس تنوع وغنى البنى النحوية التي يتطلبها الغنى الدلالي للنص ــــ يستعمل مصطلح النحو هنا لا بمعنى القواعد ( Grammar ) بل بمعنى ( Syntax )ــــ انه تقابل نحوي يرد هذه المرة في نهاية النص، والنص المقصود هو المقطع (11):
ثمة حنين بعمر الوجع يسكنني ..
يحيلني إلى أسطورة صمت.. واشتياق
فألملم أشلائي المتناثرة
وأنهض راكضة بحثاً عنك ، وأنت معي.
تتحقق في مواقع كثيرة من النص "توحدات" كثيرة وظفت بمثابة تنويعات أسلوبية لفظية وبنائية ودلالية ورمزية على التوحدات الأساس بين الأنا والأنت أو بين الروح والجسد، كما أوضحناها فيما سبق، حتى كأننا في حالة من انتفاء الثنائية المتعارضة بينهما والتي نتج عنها، في جزء كبير من التراث العاطفي والفكري في ثقافات كثيرة ومنها ثقافتنا الشرقية ـــولا حاجة لتحديد سماتها العربية والإسلامية إن نشدنا المزيد من الدقة ـــحالتا الحب المفتعلتان أو وجهاه المتناقضان. وكان لهاتين الحالتين وهذين الوجهين أن ولدا انقسامية وتعارضا بين نوعين من الحب تجـذ ّر أحدهما في تراثنا الشعري تحت مسمى الحب العذري، واختلقا له نقيضا طالما نظر إليه، بسبب هذه الانقسامية، على انه الوجه القبيح والسلبي لهذا الحب الجميل والايجابي، فلا نجد له حتى تسمية تقابل "العذري" بما تمتلكه من دلالات وإيحاءات.
ثمة روابط دلالية وسيميائية عديدة تربط النص بمرجعياته المختلفة، الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والنفسية وغيرها، إلا إن النص، في الوقت الذي ينهل من الكثير من هذه المرجعيات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يقف في معظم علاماته السيميائية على النقيض من المفاهيم التقليدية التي تنطوي عليها هذه المرجعيات، وهو يخلق بذلك توازنا محكما بين كونه ينتمي إلى مرجعيات تربطه بها سلسلة من العلائق(كما في الإشارة إلى قيس وليلى أوتريستان وازولدة، والتي سترد في المقطع الأخير من النص، المقطع 32)من جهة والى كونه، بعبارة عبد الله الغذامي، "فعالية لغوية انحرفت عن مواضعات العادة والتقليد، وتلبست بروح متمردة رفعتها عن سياقها الاصطلاحي إلى سياق جديد." (الخطيئة والتكفير، ص6).
فمثلا في كلمات مثل "شراسة ، تروض، نمرة"(المقاطع 2، 21، 32 على التوالي) وغيرها، ثمة إعادة ترتيب للعلائق اللغوية بين الكلمات والدلالات. وإعادة الترتيب هذه تفرغ الكلمات من دلالاتها السلبية التي التصقت بها نتيجة العلاقة غير السوية بين الجنسين، سواء على صعيد الواقع أو على الصعيد الثقافي، وتعيد شحنها بدلالات جديدة، دلالات ايجابية، تخلق توازنا بين الأنا والأنت فتصبح اللغة أداة استشراف واقع جديد تدعونا اللغة إليه والى ولوجه، واقع تكون فيه العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة سوية وصحيحة وصحية وطبيعية ، وكأنها بذلك تدعونا إلى العودة إلى الطبيعة والعفوية والبراءة والنقاء، كما عند الرومانسيين الذين أكدوا على هذه المفاهيم والقيم في فكرهم عموما. لعل الفكر الرومانسي يمثل أولى المحاولات التي دعت، ولو بشكل بدائي إلى حد ما، إلى جعل اللغة تخلق المثال الذي يمكن أن يحل محل الواقع ويكون بديلا عنه، وهي فكرة طورتها فيما بعد حركات ومدارس فكرية وأدبية نبعت من الرومانسية وتطورت عنها في الكثير من منطلقاتها الفلسفية والفكرية والجمالية، على الرغم من افتراقها عنها واختلافها معها وأحيانا تقاطعها، وقد تبلورت هذه الأفكار فيما بعد على صورتها الأكثر نضجا في الحركة الرمزية الفرنسية وحركة الحداثة عموما.
هذا الواقع الجديد كانت الكاتبة قد استشرفته لغويا في مقطع سابق من نصها وهو المقطع(14) الآتي:
معك أشعر .. بأنني لم أعد أنا ..
أضيع ُ مني ..
لاشيء مني ..
مَن أنت ِ ؟ يسألونني ..
أجيبهم على عجل : أنا .. أحبك
ففي لغة هذا المقطع يصبح الحب وجودا أو بديلا عن الوجود (بعد النفي. فالمقطع هذا يحوي حالتي نفي هما "لم أعد" و "لاشيء" ) وهذه علامة لغوية تشير إلى الخلق بعد العدم في اللغة، أي ابتداع المعاني الجديدة من خلال إيجاد علائق لغوية دلالية ورمزية وسيميائية جديدة. وقد نجد على هذا المستوى الدلالي في النص خيطا يربط هذه الأفكار بسيمائية النص الصوفية التي كشفنا عن بعض ملامحها في سياق هذه الدراسة.
إن إحدى علامات النص اللغوية هي التراكمية الدلالية التي تتولد وتتوالد مع تقدم النص، وإحدى هذه الدلالات هي كونية

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved