بكتْ نخيلـَك يابغداد سُمّار ُ
شدا لكِ الحانُ بلْ غنـّى لكِ البارُ
بغداد تيهي على الدنيا بكأس طِلا ً
وليفتدي خمرَتـَيْ عينـَيْك خمّار ُ
لن يَقطفَ البدرُ من خدّيك ِ قبلتـَهُ
بل ينتقي فمَك ِ الغالي ويختار ُ
يزقــّهُ قدحا ً وردٌ سلافتـُهُ
وياسمينٌ وقداحٌ ونوارُ
أين الندامى وللخيّام شارعُهُ
يعجّ ُ في كل ملهى منه قيثار ُ
في شارع السَعَدوْن والسعدون اُغنية ٌ
بها ترنـّحَ زرْيابٌ ومِهْيارُ
والشمع والورد في اركانِها مُهَج ٌ
واُمّ ُ كُلثومَ انغام ٌ واوتار ُ
في الحي راقصة ٌ ظلتْ تدورُ على
جرح ٍ ويبكي طوالَ الليل مِزمارُ
ظلت تدور مع الألحان قائلة ً
" ان الزمان على الباغين دوّار ُ"
لن يغلقوا حانة ً بغدادُ ساحتـُها
نيسانـُها الخمر والأقداحُ آذارُ
نحن الذين وهبنا الارضَ خضرتـَها
كلكامشٌ وحضارات ٌ وانوارُ
وبابلُ الخمرة ُ الشهّاءُ نكهتـُها
والشمسُ والماءُ جنات ٌ وأنهار ُ
ألوانـُنا من طيوف الشمس ننسجُها
حسنا ً لترفلَ بالأضواء عشتارُ
بغداد عودي نعانقْ ظبْيَة ً معها
لا تـُرتجى جنة ٌ بل تـُشهى نارُ
اذ شهرزادٌ وماقصتْ وماابتكرتْ
من الغرام ، لها في الليل اوكارُ
وشهريارٌ نشاوى حولَ مجلسِهِ
من الصبايا أزاهير ٌ وأطيارُ
ضفافُ دجلة َ حاناتٌ مقدسة ٌ
فيها ملائكة ٌ للعشق اطهارُ
ونسوة ٌ كبدور الخـُلـْد ِ قد رقصتْ
وحلـّقـَتْ حولها للخمر اقمارُ
" دع المساجدَ للعُبّاد تسكـُنـُها "
فكم اُعـِدَ بها للقتل ِ جزّارُ
واركنْ الى حانة ٍ تشفي الغليلَ بها
" ماذا وقوفك والفتيان قد ساروا "
كل ٌ له دينه ُ بغدادُ روعتـُها
في كونِها مسجدا ً قدّامَهُ بار ُ
لبنت اشرف ِعنقود ٍ لنا نسب ٌ
بالكـَرْم عز ٌ، وبالاعناب إكبار ُ
من قال كأسُ الهنا امسَتْ مُحّرَمَة ً
الكاسُ تصمدُ والتحريمُ ينهارُ
تـَمْرُ النخيل به جمرٌ به عبقٌ
في كلّ حان ٍ له صحب ٌ وأنصار ُ
الياذة ُ الخمر ما انصاعتْ ولا ارتعبتْ
لحاكم ٍ فهْوَ خلفَ الكون اصفارُ
من يمنع الخمر مختل ٌ ومضطرب ٌ
منافق ٌ تاجر ٌ وغد ٌ وسمسار ُ
ياحاكما راح باسم الدين يقمعـُنا
كم في زنازينك البلهاء احرار ُ
ذهنية المنع والتكفير تافهة ٌ
والمانعون علينا العشقَ كفـّارُ
أبونؤآس ٍ ببغداد ٍ سيرفعُها
كأسا ً، كما رُفِعَتْ في مشعل ٍ نار ُ
غدا لعثقـِك ِ يابغداد نخلتـُهُكما