دفاترنا

2021-11-21

1-3

 

 وأنا أهمُ بالكتابة.. تأملت ُ في أوراق ٍ بيضٍ، فإذا به كأنه يستبق ويمثل بين يديّ :  أوّل دفتر ٍ امتلكته، اشتراه أبي وكتبَ عليه : دفتر الإملاء. - بطلب من معلمة القراءة – ثم توالت الدفاتر.. دفتر إنشاء .. دفتر قواعد .  دفتر رياضيات وآخر لل E ..

كانت دفاتر بسيطة  ومع  مراحلي الدراسية تطورت دفاتري  غلافٌ جميل وخط أنيق ومواضيع تحتاج للكثير من الشرح والتعريف والتعليل وكتابة التجارب والنتائج.. وهناك دفتر المختبر وكراسة الخرائط الصامتة وكراسة درس الفنية..

 صارت دفاتري تمتلكني، صيرتني جندية ً تسيرُ على سطورها : مكرهة ً

 مجردة من حريتي في كيفية التعامل مع أوراقها . أحياناً  أتمرد .. أرسمُ وردة ً..  طائرا ً..  أو دوائر متداخلة أو كلمة ً .. في طرف الصفحة ولم يمر ذلك دون عقاب من المعلمة أو تأنيب أبويّ واتهامي بتوسيخ الصفحات..

الآن كلما اشتريتُ دفتراً، اتصفحه متسائلة لمن اشتريته ؟ ماذا سأكتب ُ على صفحاته ؟ .. افتح الصفحة الأولى أتركها للفراغ وأتجاوزها للصفحة الثانية أكتبُ تأريخ اليوم  وساعة بدء كتابتي على الصفحات الأخرى، ثم أختزل يوماً مني وأدسه سطوراً، اتذكر حلم َ البارحة وأجعله يقظا ً في دفتري، في الصفحة الأخيرة وهي الصفحة الأولى بالمقلوب، أخزن ُ ذاكرتي، ادون فيها : مستلزمات الحياة اليومية . أتذكر وأنا مبتسمة البال : دفاتر طفولتي وصباي، الجهمة كالحراس . الآن تتنزه ممراحة حريتي بين صفحات الدفاتر .

 أحياناً نجعل الدفاتر قاحلة ً أو نصيّرها مروجاً  وثمة دفاتر تحرقها آهات ٌ وحسراتٌ وندمٌ .

 في دفاتري  حدائق من حياتي وأحلامي وألوان أزيائي .

 دفاترٌ كالقوارير، دفاتر كأوتار العود، وفي العود محبرة زرقاء لا تفنى .

الدفاتر كما الشوارع.. ثمة شوارع تقيدنا ارصفتها،  تأخذنا  كما تريد هندستها،  وثمة شوارع تسيرنا في متاهاتها  ونخادع بعضنا : التيه حرية ٌ .

الدفاتر تفتح لنا صفحاتها بكل بياضها تقول : ضع كل افكارك هنا بقلبي وانظر أينا أكثر صبراً ...

كم  مرة نفذت طاقتي وصبري ومزقتُ وعقجتُ  بعض دفاتري وأوراقي  ورميتها غير مبالية بألمها ويتمها وتشريدها..

هناك من يرى أن الدفاتر بغوايتها تسلبنا المكنون والمضنون... المكنوز فينا .

قلمي يحك جلد الصفحات، فتترتب بنات حروفي على السطور... 

وأنا اسحب بعض أوراق.. فنجان قهوتي..لا..

لا يندلق، ربما الصفحات تريد حصتها من البن، لتطلق كائناتها في روايتي .

يوقظني صوت في منتصف الليل أو يقودني قبيل المساء : اصغي لما تسولفه فيما بينها دفاتري.. فأدرك حقيقة كينونتها : أنها كائنات تتنفس .

دفاتري : مراياي المتوارية في مكتبتي .

 

 

حاورته : بلقيس خالد

بلقيس خالد شاعرة عراقية من مواليد مدينة البصرة مؤسسة منتدى أدبيات البصرة الذي يعتبر أول منتدى أدبي نسوي تابع إلى اتحاد أُدباء وكتاب العراق فرع البصرة[1]. تعتبر أول أديبة عراقية بصرية تـُـــرشح وتفوز في أنتخابات رئاسة اتحاد الأُدباء والكتاب في البصرة وتتسنم منصب مسؤولة اللجنة الثقافية في الإتحاد عام 2019 . صدر لها خمس كتب " امرأة من رمل، بقية شمعة، قمري، سماوات السيسم، كائنات البن، كتاب دقيقتان ودقيقة واحدة " بلقيس خالد استمرت واستطاعت ان تقدم أدبا مختلفا ومتميزا خرجت به من الإطار الضيق المفروض على المرأة والحركات النسوية إلى افاق واسعة، تعتبر بلقيس خالد أول شاعرة وأديبة تشارك في انتخابات اتحاد أدباء البصرة .

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved