إذاً ... ها هي ذي الديمقراطيّة !

2017-03-03
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/3206d37d-949d-4369-ada4-907924a2f6bc.jpeg
 

بعد عامٍ أو نحوه، من انضمامي إلى حزب العمّال البريطاني، بقيادة جيريمي كوربِن،  ودفعي الإشتراك الشهري  منتظماً ( خمسة باوندات فقط )، تلقّيتُ، أمس الأوّل، بالبريد الملكيّ، بطاقة العضويّة، حمراءَ، قانيةً .
وكان الناسُ في الحزب استفسروا مني إنْ كنتُ مهتمّاً بأن أكون في مجلس مدينة أو مجلس البرلمان، فأجبتُ: إنني في الثمانين، وليست لديّ مطامحُ كهذه .
أنا عضوٌ بسيطٌ في حزب العمّال .
في أيامنا هذه تحضيراتٌ للمؤتمر العام، ومنافسةٌ على زعامة الحزب بين جيريمي كوربِن ( الزعيم الحاليّ ) وأوِن سْمِثْ، وهي منافَسةٌ لم تَخْلُ من مراراتٍ، لكنها مراراتُ المسار الديمقراطيّ، في النقاش المفتوح، واستمارة الاستفتاء، والاتّصال . منذ ثلاثة أيّامٍ اتّصلَ بي، هاتفيّاً، نائبٌ في البرلمان من أنصار أوِنْ سْمِثْ، مستفسراً عمّا إذا كنتُ أدليتُ بصوتي . أجبتُه : نعم . أدليتُ بصوتي . قال : بالبريد أم على الإنترنت . قلتُ : بالبريد . ولقد صوّتُّ لجيريمي كوربِن . قال : شكراً !
أجبتُه : أنا سعيدٌ بالاتصال، وأتمنى أن نظلّ على صِلةٍ .
وُجِّهَتْ إليّ الدعوة لحضور المؤتمر المقبل، لكن الكلفةَ عاليةٌ نسبيّاً، والطريق طويل . وهكذا اعتذرتُ .
*
كلّما مارستُ العمل السياسيّ الديمقراطيّ، هنا، جاءني إغراءُ المقارَنة؛ لكني أُسارعُ، مستبعِداً هذا الإغراء، إذ ما بين بغداد ولندن، أنأى من النجمِ .
الديمقراطية سيرورة تاريخيّةٌ، وليست اختياراً فقط، أو أمنياتٍ.
الديمقراطية مُراكَمةُ عوائدَ وقِيَمٍ في بلدٍ حُرٍّ، غيرِ مستعمَرٍ، أو مستعبَدٍ . 
*

شوهِدَ عبد الله بن المقفّعِ في المسجدِ، فقال له أحدُهم : ما أتى بكَ هنا، وأمسِ كنتَ تُزَمْزِمُ في بيتِ نارٍ ؟

( تلميحٌ إلى مجوسيّتِهِ )

ردَّ عبد الله بن المقفّع : كرِهْتُ أن أبيتَ على غيرِ دِينٍ ! 

*

أمّا أنا فقد انضممتُ، أمسِ، إلى حزب العمّالِ البريطاني، بعد الإنعطافةِ المجيدةِ نحو اليسار التي حقّقَها جيريمي كورْبِنْ . 

الانضمامُ سهلٌ؛ جرى عبر جهاز الهاتف الذكيّ 

واليوم تلقّيتُ رسالةً بالإيميل من الحزب، ترحِّبُ بانضمامي ! 

وعَلَيّ أن أذكرَ هنا، أنني صوَّتُ لحزب المحافظين في الانتخابات التي تلتْ احتلال العراق، لأن حزب العمّال بزعامة توني بلَير، كان مسؤولاً عن تدمير العراق . 
عليّ أن أذكرَ، أيضاً، أنني كنتُ تقدّمتُ إلىى الحزب الشيوعيّ البريطاني بطلب انتماءٍ،  قــــبــــــل عامٍ أو نحوه، لكني لم أتلَقَّ جواباً، إمّا حذَراً، أو خدَراً، أو لقِلّةِ عاملِين . 

*

هكذا إذاً ! 

عاد حزبُ العمّالِ إلى القبضاتِ العالية، وإلى الرايةِ الحمراءِ خفّاقةً في الساحة العامّةِ، والقاعاتِ والمسارحِ والحانات  ...

عادَ إلى الحياة !  

*

ما أتى بكَ هنا ؟


لندن 08.09.2016






 


سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved