ديفيد تاكايوشي سوزوكي الكندي الياباني الاصل قطب لامع في نشر دعوة الحفاظ على البيئة في العالم ربما لم يسبقه في الدعوة للحفاظ على البيئة غير راشيل كارسون في كتابها (الربيع الصامت) الذي نشر عام 1962 ذكرت فيه (سيأتي ربيع لن نسمع فيه زقزقات العصافير). كتاب (الربيع الصامت) اثار ضجة واهتمام كبير موجه الى العالم اثراستخدام قاتل الحشرات (دي دي تي) للقضاء على الحشرات، الا ان لـ (دي دي تي) احدث كارثة بيئية ما بعدها من كارثة لازلنا نعاني آثارها السيئة المكبرة في عصرنا.

 كتاب راشيل كارسون (الربيع الصامت) اثار ثائرة الشركات الكبرى على راشيل كارسون الا ان الاوساط العلمية والطبية وجدت فيه الترياق فانفتح الباب الذي كان مغلقا نحو دعوات وفعاليات عارمة للحفاظ على البيئة من الانهيار. ديفيد سوزوكي كان احد الطليعيين الناشطين الذين اعتنقوا فكرة الحفاظ على البيئة بادئأ مبشرا وحاثا دون توقف.

ديفيد سوزوكي حل محررا اذاعيا متخصصا في العلوم والبيئة الا انه معروف الآن (ناشطا بيئيا) على النطاق العالمي منذ السبعينات من القرن الماضي على شاشات التلفزيون وموجات (راديو كندا الدولي) والمجلات العلمية وعُرف منذ زمن بعيد ظيفا على التلفزيون الكندي في موضوع (طبيعة الاشياء) كما اصدر عددا من الكتب تدور حول الطبيعة والبيئة معروف على النطاق العالمي، والمعروف عنه ايضا الناقد للحكومات لانهاء التخلف عن عمليات حماية الطبيعة واكبر اعنماده ينصب على محاولة العمل على ايقاف ظاهرة التبدل المناخي.

 ديفيد سوزوكي له شقيقته التوأم (مارسيا) ولدت في فانكوفر، وله اختان توأمان هما (جيرالدين) و (دون) في مقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية في عام 1936. امه (سيتسو ناكامورا) وابوه (كاورو سوزوكي) نزحا الى كندا في العشرينات من القرن الماضي.

 في عام 1942 أُرسلت عائلة ديفيد سوزوكي الى معسكر اعتقال بعد الهجمات اليابانية على بيرل هاربور. لهذا فان الحكومة صادرت محل تنظيف الملابس الذي يملكة الاب ومن ثم ارسلت الام مع ديفيد واختيه الى معسكر الاعتقال بينما ارسل والده الى معسكر العمل. العائلات اليابانية عانت المرارة اذ وزعوا في معسكرات مختلفة. اثر خروجهم من معسكرات الاعتقال عاشوا في فندق مهجور،  في مقابلات مختلفة يكيل ديفيد سوزوكيو لوالده المديح لانه علمه النظر الى الطبيعة. وبعد الحرب انتقل سوزوكي وأسرته إلى مقاطعة أونتاريو، ثم استقر في نهاية المطاف في مدينة لندن الكندية.

في سن مبكر اظهر سوزوكي ألمعية خاصة اذ حصل على منحة دراسية في كلية أمهيرست في ماساشوستس عام 1954 في الولايات المتحدة الامريكية إلى كلية الطب، في السنة الثالثة اخذ علم الوراثة منه مأخذا غير اتجاهاته . فبعد التخرج من أمهيرست برتبة شرف عام من 1958 حصل على الدكتوراه في علم الحيوان من جامعة شيكاغو قبل ان يعود الى كندا فتولى التدريس في جامعة ألبرتا الكندية عام 1962 ، ثم في جامعة كولومبيا البريطانية ايضا لان كولومبيا البريطانية ولاية كندية.

 دبج ديفيد سوزوكي ونشر في حياته 43 كتابا. 43 .ويعيش مع زوجته الدكتورة تارا كوليس الكندية الاصل وابنتان في فانكوفر.  عمل ديفيد سوزوكي رئيسا لمنظمة الحريات المدنية الكندية من 1982 - 1987 ومع اقران له اسس في عام 1990 (مؤسسة ديفيد سوزوكي) للعمل على (ايجاد سبل للمجتمع كي يعيش متوافقا من العالم الطبيعي الذي يوفر لنا الحياة).

اهم اهتمامات المؤسسة المحيطات والحفاظ على الثروات السمكية فيها والتبدل المناخي والطاقة النظيفة. وفعاليات ديفيد سوزوكي في مبكر حياته بعد الجامعة كانت اجراء ابحاث في وراثية (ذباب الفاكهة Drosophila melanogaster) استطاع اكتشاف مورثات جديدة ودرس حساسية الحشرة لدرجات الحرارة. شغل ديفيد سوزوكي منصب استاذية قسم علم الوراثة في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا مايقرب من الاربعين عاما حتى عام 2001 وكان يجري ابحاثه في مختبر الجامعة وكانت اكثر تركيزاته على نشر العلم والقضايا البيئية نال اثرها 22 درجة فخرية. 

 كانت بداية ديفيد سوزوكي بتلفزيون الاطفال الاسبوعي عام 1970 بعنوان (سوزوكي في العلم) وفي عام 1974 اوجد برنامج راديوي بعنوان )مراوغات Quirks and Quarks) ) الكيرك يعني مراوغات Quirks ) (الكوارك احد الجزيئات التي تشكل المادة Quark) على راديو كندا الدولي حتى عام 1979 عندما اوجد (مجلة الطبيعة) في سلسلة للبالغين استمرت 50 عاما. كان هدفه منها احياء الرغبة والاهتمام والاشارة الى حياة الانسان في بيئة حسنة والحياة البرية للحيوانات وايجاد البديل وكان من الاوائل في الدعوة الى اللجوء الى الطاقات البديلة وطريق ايجاد طاقة غير ضارة. وله في احد التلفزيونات برنامج (اسرار الحياة) كان يشاهده 1.8 مليون مشاهد على شاشات التلفزيون ادي ذلك الى منحه مدالية من (برنامج البيئة للام المتحدة) ديفيد سوزوكي يقوم بحملة اعلانات للجماهير بقوله (انتم تملكون القوة) لكي تقللوا استهلاك الكهرباء باستخدام البديل في اشياء كثيرة كاستخدامكم (مصابيح الفلورسنت المرصوصة compact fluorescent lightbulbs) وفي تلفزيون (قناة اكتشاف Discovery Channel) اخرج (مشروع حياة البراري) في موضوع (علم الحياة للحفاظ على البيئة) مبني افلاما وثائقية انتجها ديف فورمن حول كيفية خلق ممرات حيادية في البراري للحفاظ على التنوعية الحياتية.

  غدى ديفيد سوزوكي متحدثا فاعلا عن التبدل المناخي الحادث على الارض وحججه لا تقبل الجدل. في شباط فبراير عام 2008 حث طلاب جامعة مكّيل للاحتجاج على الساسة الذين اهملوا العمل تجاه التبدل المناخي والحث على سجن هؤلاء الساسة. قبلها في عام 2007 في مقابلة اذاعية له اتهم كندا بانها (ضد القانون دوليا) لانها اهملت شروط معاهدة كيوتو.

كان اهتمامات ديفيد سوزوكي بالبيئة لا حد لها داعيا المشاهدين ان يحسنوا علاقاتهم مع البيئة الهشة في عام 1997 اصدر كتابه (الاتزان المقدس) يقول ديفيد سوزوكي ان العلماء الذين ينكرون ظاهرة التبدل المناخي انما هم (مراوغون) تحت تأثير المؤسسات الكبرى خاصة تلك المؤسسات التي ليست مهتمة في منحنا منحا رغم ان غناها آت من الشعب الكندي. يقول ان قضية هذا في اللاتبدل يتبناها (الكثرة الكاثرة من العلماء) حيث ينكرون دون ان يشعروا ما يحدث حولنا كالظواهر المناخية العنيفة وارتفاع  مناسيب مياه البحار والمحيطات وذوبان ثلوج القطب بشكل تسارعي بسبب ارتفاع نسب الكاربون في الاجواء من مداخن المصانع وتأثيرات ظاهرة (غازات البيت الزجاجي). في عام 2007 قام بجولة عبر كندا من المحيط الى المحيط على مركبة ديزل مخاطبا ومذكرا وحاثا لاتخاذ وسائل فعالة تمنع هذا التدهور البيئي, المعروف ان ديفيد سوزوكي لاينتمي الى حزب سياسي في كندا.

توما شماني - تورونتو

عضو اتحاد المؤرخين العرب