تلقى عالم المال والأعمال في العالم ضربة هائلة، حيث توقفت الصناعات الرئيسية بسبب حظر الأسفار وأوامر الحجر الصحي والضوابط الصارمة على الحدود . أوقفت شركات الطيران الكبرى مثل الخطوط الجوية السنغافورية والخطوط الجوية القطرية أساطيلها، وانهارت أسواق الأوراق المالية مع إغلاق البورصات، واندحرت السياحة إلى الحضيض . لم يتم إنقاذ صناعات الحديد ولا حتى المتلاشيات الحديدية . توقفت شركات صناعة السيارات مثل هيونداي موتورز وهوندا موتور ورينو عن الإنتاج ، في حين عانت شركات صناعة الصلب مثل أرسيلور ميتال في أفران الصهر .
لقد تراجعت أسعار الحديد خلال 18 مارس مع انخفاض سعر الإستيراد الرئيسي في تركيا بنحو 24 دولارًا للطن إلى متوسط 255 دولارًا من الصفقة السابقة التي تم تنفيذها على مستوى 278 دولارًا للطن في 12 مارس . الحديث عن الحديد يتأثر سلبًا بالنشاط الصناعي الأقل ونقص الحاويات في الموانئ لم ينتج عنه أي دعم لأسعار الخردة الحديدية .
لكن هذه ليست هي النهاية؛ ربما الأسوأ هو القادم . فقد شهدت أسواق الصلب الآسيوية بالفعل تحولات كبيرة في الطلب والعرض، حيث أعلنت شركة الصلب اليابانية نيبون ستيل أنها ستعيد تنظيم منشآتها الإنتاجية وتغلق أفران الصهر بسبب ضعف الطلب المحلي . وقام مزودو الأسواق المحلية ذات الأداء الضعيف في اليابان وكوريا الجنوبية بتصدير بضائعهم في جنوب شرق آسيا متنافسين مع العرض القادم من روسيا وفيتنام والشرق الأوسط .
يتوقع المساهمون في السوق أن يتم تقييد السيولة النقدية بشكل متزايد، خاصة مع إغلاق مصانع الصلب وشرائح المستخدمين في جميع أنحاء العالم . وهذا يعني انخفاض السيولة النقدية لإعادة الاستثمار في العمل، ومكافأة المساهمين، وتسوية الديون وسداد النفقات . إن الإجراء السريع من قبل البنوك المركزية سيساعد من دون شك ولكنه سيعمل فقط على تخفيف أثر الركود .
كما أظهرت جائحة كورونا أن منتجي الصلب في جنوب شرق وشرق آسيا، وخاصة الجدد منهم، على استعداد للتنافس بشكل مباشر في الأسعار . لقد حاولت مصانع الصلب في الصين وكوريا الجنوبية واليابان جاهدة الحفاظ على أسعار اللفائف المعدنية، لكنها لم تكن مستعدة للموجة التالية من تخفيضات الأسعار من قبل منافس رئيسي آخر الذي هو الهند .
خفض بائعو HRC الهندي عروضهم بسرعة إلى 450 دولارًا للطن مقارنة مع CFF الفيتنامي في أسبوع 20 مارس بانخفاض 50-60 دولارًا للطن من 500-510 دولارات للطن CFF الفيتنامي في أوائل فبراير بسبب انخفاض قيمة الروبية وزيادة الذعر بسبب انتشار فيروس كورونا . وقد استفاد مصنع الصلب الإندونيسي القائم على أفران الصهر، والذي بدأ في فبراير من هذا العام من اتفاقية التجارة الحرة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) مع الصين لبدء تخفيض أسعار البليت لأقل من البائع السابق الفيتنامي .
أسواق الصلب والمعادن الحديدية أصبحت الآن في نظام عالمي جديد للأسعار المتدنية وهوامش منخفضة حيث تحولت قيادة الأسعار بعيدًا عن القادة التقليديين نحو صانعي الصلب الجدد في البلدان ذات القدرة الذاتية المتزايدة والقوى العاملة الإقتصادية .
من جهة أخرى لم تشهد أسعار المواد الخام للفحم وخام الحديد نفس الإنحدار وبدلاً من ذلك ارتفعت على خلفية الأعاصير في أستراليا وارتفاع هطول الأمطار في البرازيل . أضف إلى ذلك أسعار صرف العملات المتقلبة وستكون لدينا مجموعة بالغة العدد من إلغاء العقود وإذا ذهبنا إلى أبعد من ذلك سوف يتم إغلاق الشركات .
لنضع أيضا في الإعتبار العوامل السياسية والإقتصادية الأخرى مثل زيادة الصين لخصومات الصادرات إلى 13 ٪ وخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وحرب أسعار النفط الخام بين السعودية وروسيا وأسواق السلع المالية والمادية في طريق شاق .
ما هو المخرج من الأزمة ؟
حان الوقت لصناعة الحديد لتقليل المخاطر وسط الرياح المعاكسة الحالية والمحتملة . لقد ظل المساهمون في سوق الحديد يتداولون منذ فترة طويلة على أساس سعر ثابت، دون الإستفادة من مزايا متوسط السعر اليومي . يعمل المتوسط اليومي على تهدئة تقلب الأسعار الذي يتراجع عند الحد الأدنى ويسمح للشركات بالحفاظ على هوامش صحية في مواجهة الأحداث غير الطبيعية مثل جائحة كوفيد 19 أو لظروف قاهرة أخرى .
لنأخذ على سبيل المثال معيار CFR تايوان لمعدن الحديد في آسيا . كان البائع الذي حدد عقد بيع على أساس 230.72 دولارًا للطن في المتوسط اليومي لمؤشر الحديد لشهر مارس وفي 19 مارس قد استرد ما لا يقل عن 13 دولارًا للطن، مقارنة ببيعه بسعر ثابت قدره 217.50 دولارًا لكل طن CFR في نفس اليوم. سيفضل المشتري المتذمر الشراء بسعر ثابت في ذلك اليوم ولكن من سيقول إن الأسعار لن تنخفض أكثر بعد 19 مارس مما سيلغي المكاسب التي اعتقد أنه حققها ؟
على سبيل المثال، فإن المتداول الذي دخل في مركز شراء بسعر 242.50 دولار للطن في 2 مارس وأراد تصفية مركزه في 6 مارس سيشهد خسارة أقل تبلغ 4.70 دولار للطن إذا كان قد استند إلى مؤشر الحديد مقارنة بخسارة أكبر من 10 دولارات للطن وإذا كان قد باع بسعر ثابت عند 232.50 دولار للطن . لا يؤدي التفاوض باستخدام المؤشرات والمعدلات اليومية إلى تقليل الوقت اللازم للمساومة فحسب بل يقلل أيضًا من خطر فقدان المزيد من الأعمال في وقت تشهد فيه الأسواق المتقلبة .
يمكن للأطراف المقابلة الواثقة من كيفية تحرك الأسعار ولكنها لا تزال تواجه توقعات أسعارغير واضحة أن تستند أيضًا إلى 50٪ من عقودها على سعر ثابت قابل للتفاوض و 50٪ على مؤشر الحديد CFR . ويمكن لأولئك الذين يتطلعون إلى تضييق نطاق مخاطر الأسعار بشكل أكبر استخدام البرنامج العادي لمدة نصف شهر فقط من فترة التحميل أو التفريغ للمؤشر في مفاوضاتهم مثل النصف الأول (أول 15 يومًا) أو النصف الثاني ( آخر 15 يومًا) من شهر التداول . هذا يزيل تأثير الأسعار في سوق لايكان الأخرى على العقد .
متى ستنتهي هذا الركود ؟
متى سينتهي الركود بسبب جائحة كورونا ؟ لا أحد يعرف . تتوقع الحكومات والمؤسسات المالية المزيد من التدهور في الإقتصاد العالمي خاصة مع استمرار تفشي هذه الجائحة في أوروبا و الأمريكتين .
يتوقع بنك DBS في سنغافورة أن يستمر تأثير كوفيد 19 لفترة أطول مقارنة بمتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة لعام 2002 عندما استغرق تعافي أسعار المعادن العالمية أقل من شهرين إلى مستويات ما قبل الأزمة . هذا بسبب استمرار صعود الصين الإقتصادي من عام 2002 حتى عام 2020 والذي سيكون له تداعيات أكبر على الإقتصاد العالمي .
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون التباطؤ الإقتصادي في الصين في الربع الأول من عام 2020 كبيرا ويترك أثرا لبقية العام . كما تقارن هذه الصدمة الإقتصادية بالأزمة المالية 2007-2008 بسبب الطريقة التي دمر بها الوباء الأسر والشركات والمؤسسات المالية والأسواق في نفس الوقت .
توقعت منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية انخفاضًا بنسبة 2.4٪ في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سنويًا بالنسبة للعالم، وانخفاضًا حادًا بنسبة 2.7٪ في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في مجموعة الدول العشرين . وتتوقع أن تكون الصين والهند وإندونيسيا هي الأكثر تضررا . ما هو واضح مع ذلك هو أنه لا طائل من الإستمرار في الرهانات والتعلق بالأمل في الأفضل في هذه الأوقات المتقلبة . لقد حان الوقت لتقليل مخاطر الأسعار الآن .